محمود السرسك الأسير المحرر من سجون الاحتلال كان أول من أمس عنوانا لانتصار الإرادة ، إرادة الحق والقوة والتحدي لسجين فقد كل مقومات القوة إلا التصميم على الانتصار بإرادة قوية من خلال خوض غمار الإضراب عن الطعام هي الأطول عالميا والتي استمرت ستة وتسعين يوما في تحدي واضح وإصرار عجيب على المضي حتى نيل الحرية والخروج من المعتقل رغم أنف السجان الصهيوني. محمود السرسك الذي اعتقل عند بوابة بيت حانون قبل ثلاثة سنوات وأطلق عليه العدو مصطلح (مقاتل غير شرعي) يخرج من نفس البوابة التي اعتقل منها مرفوع الرأس وسط زغاريد وفرحة شعب تواق للحرية والانعتاق، وهو الرياضي عضو المنتخب الوطني الفلسطيني لكرة القدم أبن مدينة رفح جنوب قطاع غزة لوح بكرة القدم التي عشقها مرحبا بالجماهير التي خرجت استقبالا له وتقديرا لصموده وإرادته وتحديه لصلف المحتل وجبروته وساديته التي كسرها السرسك بمعركة الأمعاء الخاوية. محمود السرسك ابن الثلاثة والعشرين ربيعا كان عنوانا لشعب تحدى ولازال يتحدى غطرسة القوة بقوة الحق وسلاح اليقين بأن له حق مغتصب سواء في الحياة بحرية وكرامة أو حق في العودة وطرد المحتل والحق في النظر إلى المستقبل في إقامة الدولة الفلسطينية على كامل التراب الفلسطيني، هذا الحق الذي يدفع فيه الفلسطينيون ثمنا من أرواحهم ودمائهم و حرياتهم هو الذي من أجله دفع السرسك ثلاثة سنوات من عمرة ثمنا لمناداته بحقه والجهر به والعمل من أجل تحقيقه، وهو الحق الذي دفع من أجله عشرات الآلاف من الأبطال الأسرى سنوات عمرهم وحرياتهم ثمنا له ولازالوا يدفعون. محمود السرسك الذي أعلن منذ اليوم الأول لإضرابه عن الطعام أنه لن يتراجع عن قراره حتى يتراجع الاحتلال والسجان عن قرار اعتقاله وإن وصل إلى الموت ، ولكن وهبت له الحياة وانتصر على سجانه الذي انكسر أمام إرادته، واستجاب صاغرا وأفرج عنه وعاد سالما غانما إلى أهله وذويه بعد أن تضامن معه شعب ما نسي يوما أبناءه الأسرى داخل سجون الاحتلال وتفاعل مع قضياهم وحقهم في الحرية والعيش بكرامة. التضامن الشعبي مع الأسرى ها هو يؤتي ثماره ويطلق سراح السرسك وإخوانه من الأسرى المعتقلون بلا تهمة أو محاكمة تحت مسميات كثيرة ومتعددة ( معتقل غير شرعي، إداري، ملف سري، خطير على الأمن) والمسميات لدى الاحتلال والتهم جاهزة وهي بلا تعداد أو حصر، هذا التضامن والتفاعل عبر الفعاليات الداعمة لموقف الأسرى أمثال السرسك وهناء شلبي وعدنان خضر وغيرهم ممن لم تصدر بحقهم أحكاما أجبرت الاحتلال بعد أن فضحته على الإفراج عنهم، وهي نفسها التي أنجحت إضراب الأسرى عن في معركة الأمعاء الخاوية ( سنحيا كراما ) في استجابة المحتل لمطالب الأسرى المحكومين أو المعزولين أو الموقفين في انتظار المحاكمة في تحسين شروط اعتقالهم وهو إضراب مطالبي وليس إضرابا من أجل الإفراج عنهم لأن هؤلاء الأسرى يعلمون علم اليقين أن الإفراج عنهم من سجون الاحتلال لن يكون عبر خوض الإضراب عن الطعام؛ ولكن عبر وسائل أخرى عرفناها وعرفها الاحتلال جيدا. لذلك علينا أن نفرق بين اسري بلا محاكمات أو تهم موجه إليهم يجدي معهم سلاح الأمعاء الخاوية في الإفراج عنهم كما هو مشاهد مع السرسك ، ولكن الأسرى المحكومين فلا مجال للإفراج عنهم إلا بعد نهاية أحكامهم أو عبر وسيلة واحدة لا ثاني لها وهي اسر جنود الاحتلال أو مستوطنيه كما حدث في صفقة شاليط، هذا الحل وإن أخذ وقتا أطول؛ إلا انه هو الوسيلة الوحيدة لإرغام المحتل على الإفراج عن من حكمت محاكم الظلم عليهم بعشرات المؤبدات كما حدث مع البطل إبراهيم حامد. وفي كلا الحالتين يجب أن لا يتوقف التضامن مع الأسرى ودعمهم إعلاميا وعبر المحافل الدولية والقانونية والفعاليات الجماهيرية وتحشيد الرأي العام المحلي والعربي والإسلامي والدولي لدعم حق الأسرى في الحرية والحياة الكريمة واستمرار المطالبة من قوى المقاومة بالقيام بواجبها والعمل على اسر الجنود والإسراع في ذلك وفق الإمكانيات المتاحة والظروف التي تمكنهم من القيام بذلك، ولم يقصروا ، ونسال الله أن يوفقهم حتى نرى أسرانا في أحضاننا وبيننا يرفلون بالصحة والعافية والحرية ليشاركونا بناء الأمل في العودة والتحرير والدولة.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.