17.23°القدس
16.99°رام الله
16.08°الخليل
19.03°غزة
17.23° القدس
رام الله16.99°
الخليل16.08°
غزة19.03°
الإثنين 23 ديسمبر 2024
4.59جنيه إسترليني
5.15دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.81يورو
3.65دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.59
دينار أردني5.15
جنيه مصري0.07
يورو3.81
دولار أمريكي3.65

خبر: الأرملة الطروب

من الثابت في تاريخنا الإنساني الحديث أنّ مغادرة دائرة الضوء لمن تعوّد عليها مؤلمة وصعبة، كنزع الروح من الجسد، وأنّ من ذاق اللذة الآثمة في اعتلاء الكرسي، حتى ولو بغير استحقاق، سيبقى يحاول الدوران والدندنة حوله. وهذه الظاهرة ليست ذكورية، وإن كانت الميادين العامة وميادين الحكم في العالم العربي يسيّرها الرجال، إلاّ أنّ الحكم وهيلامانه وطيلسانه لم يعد يقتصر على فرد، وإنّما أصبح يمتد إلى أسرته، فتعوّدنا في العالم العربي أن نعايش سيدات أوائل ناعمات في مظهرهن قابلات لسياسات أزواجهن وأولادهن، مشاركات في الإثم ومبادرات إلى الظلم في كثير من أشكاله. ولا تكاد أرملة الرئيس الراحل عرفات تتميز عن هذه الصورة التي اعتدناها بما كشفته من نزعة حادة للبقاء في دوائر الحدث، وحتى لمّا تمّت تنحيتها عن مواقع صنع القرار، جالت في البلاد العربية بمشاريع مع حكامها وكانت تخرج بفضائح ونزاعات مطرودة منها، ليعرض عليها حكام آخرون قصورا وامتيازات ليداروا الفضيحة والإبعاد، وقد أصبح هؤلاء وهؤلاء في خبر كان أيضا. ولم تكتف الأرملة بالملايين والرواتب التي أخذتها من قوت الشعب الفلسطيني، فها هي تعود لتفتح الملفات القديمة بعد أن «أصبحت العظام مكاحل» لتطالب بتحقيق لن تسمن نتائجه ولن تغني من جوع، حتى لو طالت «إسرائيل» التي نجت وتنجو من قتل شعب وسرقة أرضه وتشريده، فهل سيحاسبها المجتمع الدولي على شخص واحد مهما كانت منزلته؟! وإذا لم تكن «إسرائيل» هي المسؤولة، فدعونا نشتغل بالأحياء الذين ما زالوا يجثمون على صدرور الشعب الفلسطيني ويدّعون تمثيله بغير حق. وماذا سينتفع العرب والفلسطينيون تحديدا لو عرفوا كيف مات أبو عمار؟! فالرجل ما زال حيا بطريقة ما في إرثه وآثاره التي تركها في الأشخاص الذين كانوا يحيطون به وتسلّموا السلطة من بعده في رام الله، ليسوموا الشعب الفلسطيني سوء العذاب ويوصلونه إلى مستويات غير مسبوقة من التفريط والإذلال جعلت البعض يترحمون على أيام أبي عمار، فشهاب الدين فاق أخاه في السوء! لقد أفضى الأموات إلى ربهم، وفتح ملفات قديمة لا طائل تحتها هو من باب التكلف المذموم، وليس فيه حرص ولا محبة ولا سبق صحفي، بل إلهاء عن أمور أعظم وأكثر إلحاحا. الحي أبقى من الميت ومن لديه عزيمة وقدرة على الحساب والعقاب فليوجهها إلى سلطة التنازلات والتنسيق الأمني والشركات الخاصة، فهناك المشكلة الحقة وهناك الحل والحقيقة وكشف الملفات. أمّا الأرملة الطروب فلا الشكل شكل الحزن ولا نمط الحياة يظهر الألم، وإذا كان أولو القربى والدم لا يستيقظون لدمهم إلاّ لغرض في نفوسهم، فالناس أكثر نوما وأقل اهتماما، وصدق من قال: «لا تنظر إلى دموع عينيه، بل انظر إلى ما جنت يديه». دعوا الأموات ينامون، فالأحياء أكثر حاجة لاهتمامكم.