22.79°القدس
22.55°رام الله
21.64°الخليل
23.26°غزة
22.79° القدس
رام الله22.55°
الخليل21.64°
غزة23.26°
الخميس 15 مايو 2025
4.71جنيه إسترليني
5دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.97يورو
3.55دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.71
دينار أردني5
جنيه مصري0.07
يورو3.97
دولار أمريكي3.55

خبر: مفهوم الدولة تحت الاحتلال.. دعارة سياسية

ظلت الحركة الصهيونية منذ نشأتها على الأرض الفلسطينية تعتمد في بنيتها على أركان ثلاث تمثلت بمؤسسات توزعت في المسؤولية والجغرافيا بحسب مخطط مدروس، بحيث أخذ الركن الأول الطابع المدني لتسهيل مهمات الاتصال والدعم والعلاقات الدولية وتأمين السلاح وغيرها من الأعمال اللوجستية الأخرى، وكان مقر هذا الركن يبنى في الخارج البعيد كأوروبا، الاتحاد السوفياتي، تركيا وغيرها من الدول التي ينشط فيها اليهود عبر منظمات سرية وأخرى علنية. الركن الثاني وهو الذراع العسكري والذي أخذ شكل تشكيلات عدة، لكنه حافظ على مرجعية سياسية مضبوطة أخذت بالتحول وحسب الإنجاز على الأرض حتى اندمجت في تشكيل عسكري موحد أخذ على عاتقه بناء مؤسسة عسكرية متكاملة خاضت حروباً مهمة وانتصرت فيها على العرب. الركن الثالث هو البناء المجتمعي القائم على استيعاب كم المهاجرين إلى فلسطين وصهرهم في نشاط مجتمعي يخدم أهداف تلك المرحلة، بحيث أخذ التكوين شكل "كيبوتسات" متكاملة الخدمات. هذه الإطلالة السريعة والمقتضبة على الكيفية التي تشكل بها الكيان الغاصب على أرضنا الفلسطينية كانت مهمة لنقاش مطول لما أبدعه صناع أوسلو من قبول بما سمي بالسلطة الفلسطينية والتي ارتبط تكيفها القانوني بشروط مهمة حفظ الاحتلال لنفسه فيها مهمة السماح بوجودها وحجهما ومقاسها وصلاحياتها وأدوات عملها حتى الطريقة والكيفية اللازمة لإدارتها ثم المظلة السياسية التي تحكمها. هذا الحديث ليس تنظيرا نضيفه، وإنما يمكن الرجوع إليه موثقا في اتفاقية أوسلو وملحقاتها الأمنية وما ترتب عليها من ملاحق اقتصادية أخذت شكل الاتفاقيات والتي انعكست بعمق على الوضع في الساحة الفلسطينية حينها، بحيث أضحى المتابع لما يجرى في الساحة الفلسطينية الداخلية والخارجية يشاهد مقدمة لانهيار دراماتيكي تمثلت صوره من خلال الآتي: 1. انحسار المقاومة الشعبية والمتمثلة بالانتفاضة الأولى بعد خروج أحد مكوناتها الرئيسية منها (فتح ) وتحول أجندتها نحو بناء مؤسسات السلطة في غزة وأريحا. 2. إنهاء ملف الكفاح المسلح في الخارج بعد دخول أهم قياداته في الدول العربية ضمن وفود العائدين والتي شكلت اللبنات الأساسية في بناء السلطة وقيادتها. 3. التحول الحاد في الثقافة التي كانت مبنية على المقاومة، ثم تغير وظيفي في الشخصية الوطنية والتي أخذت جزءا من قيادتها مهام التطبيع والترويج لإمكانية التعايش مع محتل مغتصب. 4. هرولة الصف الأول في المنظومة القيادة نحو امتيازات السلطة ( الوهمية) والعمل ضمن سياقات متعارضة تماما مع المشروع التحرري وخاصة في الشق الأمني في حينه. هذا الواقع جعل القيادة الفتحاوية تعيش في حالة سباق عنيف في ترتيب واحتواء منجز مشوه، لكنه ضخم يحتاج إلى إمكانيات ضخمة وعقول إدارية واقتصادية لم تكن متوفرة في الكادر المسلح القادم للقيادة. في عملية البناء والتي أخذت أشكالاً عدة كان أهمها: استلام تركة الإدارة المدنية الإسرائيلية. الاتفاقات وإدارة الحياة أفرزت واقعا أمنيا بمهمات محددة لإشغال فراغ خلفه الاحتلال ثم الذهاب إلى تشكيل كيان سياسي افتقد إلى مرجعيات سياسية واضحة، بل ظلت رمزية الأشخاص تحكمها في حينه. السلطة المتضخمة أخذ يشعر أصحابها بالإنجاز الشكلي على الأرض، وهو ما وفر أجواء التنافس ومن ثم التناحر، وبعد ذلك تشكلت محاور متصارعة جعلت الاهتمام الوطني ينحرف في مساراته الوطنية إلى رعاية المشروع الخاص. هذه الخصخصة ( الوطنية) أسست للدور الوظيفي للسلطة الذي انقض على كل المفاهيم الوطنية المتناقضة معه فحاربها واعتبرها مشبوهة حتى غدت القسمة القائمة بين المناهج واضحة وسميت بفريق التسوية وفريق المقاومة. تعزز دور السلطة في العام 98 حتى وصل الانفتاح الدولي ذروته حتى العام 2000 لندخل بعدها في المرحلة الكارثية على المشروع السلطوي الذي بدأ مشهده يترنح حين أُغلق الأفق السياسي مع دخول انتفاضة الأقصى والتي ذهبت معها كل منجزات السلطة واتفاقياتها إلى مهب الريح حتى أننا بتنا نعد ما تبقى من مظاهر السلطة الذي لم يُدمر من قبل الاحتلال على أصابع اليد الواحدة. الواقع المؤسسي المدمر ظل تحت الرعاية الدولية التي حرصت على عدم نعيه بعد استشهاد ياسر عرفات حتى جاءت "حماس" في الانتخابات التشريعية ليُمارس عليها الضغط الأممي والإسرائيلي لشعور من أن السلطة القائمة خرجت عن المسار المخطط له وليبدأ مفعول التركة المسمى ( سلطة) يدخل الشارع الفلسطيني في معضلة الصراع على التمثيل والقيادة وغيرها من المسميات التي لم تعرفها الساحة الفلسطينية الداخلية بصورتها الجلية الواضحة. المشكل الرئيس الآن فيما يجري على الأرض من تناغم بين الدعوة لبناء الدولة عبر المؤسسة والاعتراف الدولي والذي يتناغم في النتيجة مع مقترح نتنياهو للسلام الاقتصادي الذي ترعاه الرباعية والولايات المتحدة التي تسعى لتحقيق لترتيب يبقي الملف الفلسطيني ساكنا ومرتبطا بفاتورة الرواتب. المجموعة الفلسطينية الحاكمة التي تؤمن بالمفاوضات كمنهج للحل الوحيد، تعيش اليوم على إحسان القوى العظمى ( التي بدأت تدير ظهرها لعوامل عدة) الداعمة لـ (إسرائيل). ثم حين شعور الإفلاس السياسي تلعب معنا لعبة السلطة والتسهيلات الخدماتية وكم الموظفين والنماء الوهمي الناتج عن مشاريع إنعاشية غير مستدامة ليظل القرار الفلسطيني رهينة هذا التضخم الكاذب. هذا السرد والمقارنة مع التجربة الصهيونية في احتلال فلسطين توفر لدينا قاسما مشتركا وهو بناء وطن في البقعة ذاتها، لكن ما اختلف هو في الوسيلة التي حاول فياض مدعيا تقليدها مع إدراكه على أن الحركة الصهيونية دخلت فلسطين بالنار وغرب يدعم حربها وسيطرتها. قيادة السلطة ارتكزت في رؤيتها السياسية والوطنية على الذات الفردية التي تشوهت من خلال الممارسة وفقدت بوصلتها حين انغمست في مشروع سلطة صدقت فيه ألقاب السيادة في فضاء محتل محاصر لا يحتمل الحديث عن دول، حينها وقعت قيادة السلطة في خطيئة التصديق أننا نحكم سلطة هي في الحقيقية مملكة ورقية يحفظ بقائها الاحتلال لمصلحة إستراتيجية لوجوده. هذه النتيجة لابد لها من تصويب مسار ما هو قائم لترميم حالتنا النضالية وفهم مساراتنا وأن لا نظل في وهم تدعيه الرباعية والبنك الدولي من أنهما أنجزا نموذج الدولة في الضفة الغربية والتي تسوق في العالم على أنها منحة إسرائيلية عظيمة، ليظل بعد ذلك السؤال مفتوحا للتقييم والرد هل خلاصة قولنا أن السلطة خطيئة المشروع التحرري صحيح صائب أم مردود خائب؟