16.68°القدس
16.44°رام الله
15.53°الخليل
18.44°غزة
16.68° القدس
رام الله16.44°
الخليل15.53°
غزة18.44°
الإثنين 23 ديسمبر 2024
4.59جنيه إسترليني
5.15دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.81يورو
3.65دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.59
دينار أردني5.15
جنيه مصري0.07
يورو3.81
دولار أمريكي3.65

خبر: مخطط نزع الشرعية عن عباس

لقد توفرت مؤخراً عدة مؤشرات، تدلل على أن رئيس حكومة رام الله سلام فياض يتعاون مع مخطط أمريكي "إسرائيلي"، يهدف إلى استبداله برئيس السلطة محمود عباس. ففجأة بات الرئيس الأمريكي باراك أوباما يحمل عباس شخصياً المسؤولية عن جمود «العملية السلمية»، ويتهمه بأنه يعيق فرص التوصل حل نهائي للصراع القائم في المنطقة. بالطبع يتجاهل أوباما ما يقر به جميع المسؤولين الأمريكيين الذين لعبواً دوراً في المفاوضات بين (إسرائيل) والسلطة الفلسطينية، الذين أشادوا كثيراً بـ"اعتدال" عباس وسجلوا بكثير من التقدير إصرار عباس على رفض العمل المسلح كآلية لتحقيق الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، إلى جانب تقدير هؤلاء المسؤولين دفاع عباس عن تواصل التعاون الأمني بين أجهزته الأمنية والجيش الإسرائيلي. ومن بين هؤلاء المسؤولين دنيس روس مستشار أوباما السابق لشؤون الشرق الأوسط، والسفير الأمريكي الأسبق في (إسرائيل) مارتن إنديك وغيرهم. هذا في الوقت الذي يحمل فيه الكثير من الكتاب والصحفيين الإسرائيليين رئيس حكومتهم بنيامين نتنياهو شخصياً المسؤولية عن الطريق المسدود التي آلت إليه الجهود الهادفة إلى تحقيق تسوية سياسية للصراع. بالطبع من البديهي الإشارة إلى حقيقة أن عباس ضحى مراراً وتكراراً بفرص تحقيق المصالحة الوطنية، وإنهاء حالة الانقسام، فقط لمجرد أن ذلك لا ينسجم مع الرغبة الأمريكية الإسرائيلية. لقد تجاهل أوباما الإجراءات اليومية التي تقدم عليها (إسرائيل) يومياً، وتقضي على أي فرصة للتوصل لتسوية سياسية للصراع، المتمثلة في التوسع في الاستيطان في الضفة الغربية، وإقامة المزيد من المشاريع الهادفة إلى تهويد مدينة القدس. أما الخطوة الثانية في إطار المؤشرات على تغير الموقف الأمريكي تحديداً من عباس، هي التهديدات المباشرة التي وجهتها وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلنتون في أثناء لقائها الأخير في باريس، حيث حذرته من أن الولايات المتحدة ستتوقف عن تحويل المساعدات المالية للسلطة، وستغلق مقر الممثلية الفلسطينية في واشنطن في حال توجه عباس للأمم المتحدة للحصول على مقعد لفلسطين في الأمم المتحدة. وفي ذات الوقت، أخذ أعضاء في الكونغرس الأمريكي من الحزبين الديموقراطي والجمهوري يشنون حملات منظمة على عباس شخصياً، وباتوا يتهمونه بأنه يوظف أموال الدعم في تحقيق الثراء له ولأبنائه. وتتحدث وسائل الإعلام الإسرائيلية والأمريكية عن توسيع دائرة الحملات الهادفة إلى الطعن في نزاهة عباس وأفراد عائلته. بكل تأكيد إن أركان الإدارة الأمريكية يعون تماماً عمق مظاهر الفساد في مؤسسات السلطة وعلى مدى فترة طويلة، لكنهم اختاروا ليس فقط الصمت، بل تشجيع القيادات الفاسدة على مواصلة هذا النهج. من الواضح أن الحملة التي يشنها الأمريكيون مؤخراً تشبه الحملة التي شنتها إدارة الأمريكية السابقة ضد الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات عام 2002، وهي الحملة التي منحت «إسرائيل» الغطاء للتخلص منه في نهاية الأمر. لكن أهم ما يعزز الانطباع بأن التوجهات الأمريكية الأخيرة تأتي في ظل مخطط متكامل لاستبدال عباس، حقيقة أن فياض أوضح لأول مرة أنه يدرس التنافس على رئاسة السلطة في الانتخابات القادمة، حيث إن فياض حرص في الماضي على النأي بنفسه عن أي حديث عن خلافة عباس. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: لماذا هذا التوجه للتخلص من عباس على هذا النحو، ما دام أنه لا خلاف في حرصه على عدم الخروج عن الخطوط الحمراء إسرائيلياً وأمريكياً؟ إن أكثر ما يزعج الأمريكيين على وجه الخصوص حقيقة أن عباس لم يعد قادراً على استئناف المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي؛ مما يعني أن الجمود الحاصل في العملية التفاوضية يمكن أن يولد فراغاً خطيراً، قد يقود بدوره إلى توفير المسوغات الموضوعية لإشعال الأوضاع في الضفة الغربية، بحيث تنتقل هذه الشعلة إلى مناطق أخرى في الإقليم؛ مما يعني تهديد المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة. ومما يزيد من حرج الإدارة الأمريكية حقيقة أن ثورات "الربيع العربي" قد أدت إلى تراجع مكانة الولايات المتحدة بشكل واضح، بحيث إن أي إضافة إلى مصدر للتوتر يعني بشكل واضح إحداث مزيد من التراجع بمكانة واشنطن، وهذا ما تحاول إدارة اوباما تجنبه بكل ثمن. أوباما الذي يتطلع إلى ولاية ثانية في البيت الأبيض لا يخطر بباله المجازفة بإغضاب قادة المنظمات اليهودية في الولايات المتحدة؛ عبر ممارسة ضغوط على حكومة نتنياهو لدفعها إلى تقديم مواقف مرنة، ولا سيما في ظل تقلص الفارق بينه وبين المنافس الجمهوري روماني، وهذا يعني أن عليه أن يتجه إلى ممارسة الضغوط على ما يعتبره "الحلقة الأضعف"، وهي قيادة السلطة. ولما كان عباس غير قادر على توفير البضاعة المطلوبة، واستئناف المفاوضات، والتوصل إلى حل سياسي ينسجم مع المواقف الإسرائيلية، فإن هناك حاجة إلى التخلص منه، واستبدال شخصية أخرى به مستعدة للتعاطي مع المواقف الأمريكية الإسرائيلية. لكن من الواضح أن فياض الذي يعي أن شعبيته متدنية إلى حد كبير في أوساط الفلسطينيين، أخذ يراهن على آلية "حل الأزمات"، ومن ثم تقديم نفسه كالشخص الوحيد القادر على حلها؛ على أمل أن يسهم ذلك في تصاعد أسهمه في انتظار الفرصة السانحة لإحلاله محل عباس. ولعل هذا ما يفسر الحديث عن الأزمة المالية التي يجمع الكثير من خبراء الاقتصاد على أنها مفتعلة؛ ففياض الذي كان يزعم أنه قد أنجز إقامة البنية التحتية للدولة الفلسطينية العتيدة، بات يدعي أن حكومته لم تعد قادرة على توفير رواتب الموظفين. على الرغم من أنه ليس كل ما تخطط له واشنطن و(تل أبيب) سيتحول إلى حقيقة ناجزة، إلا أن صناع القرار في الإدارة الأمريكية في حال فشلوا في استبدال فياض بعباس، فإنهم سيواصلون ترويض عباس، ومنعه من القيام بأي خطوة تغير الوقائع على الأرض بشكل جذري.