12.23°القدس
11.99°رام الله
11.08°الخليل
15.96°غزة
12.23° القدس
رام الله11.99°
الخليل11.08°
غزة15.96°
الإثنين 23 ديسمبر 2024
4.59جنيه إسترليني
5.15دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.81يورو
3.65دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.59
دينار أردني5.15
جنيه مصري0.07
يورو3.81
دولار أمريكي3.65

خبر: خضوعنا "دعما لأجهزة الظُلم"

قبل أيام، ومنذ أن إنطلقت مسيرة التضامن مع المعتقلين السياسيين في مدينة نابلس، تأكدتُ أن بين المصالح الشخصية التي تتخذ الخوف طريقا لتحقيقها والخنوع شعرة قسمت ظهر الحق، قبل أيام شاهدتُ النفاق، الجُبن، اليقين المُنهار من عيون المظلومين، رأيتُ كيف يتسلق الإستسلام نحو القمم الشامخة وكيف تنحدر المبادئ وتستكين على قاعدة عظيمة يستغلها خوف العاجزين إلا عن قولها " درء المفاسد أولى من جلب المصالح"، واليوم صافحتُ كلمات جبران خليل جبران التي أبعدتُها عن ذهني طويلا ظنا أن مدينتي لا زالت تحوي الرجال:" هوَ ذا الفَجرُ فَقُومي نَنصَرِف عَن دِيارٍ ما لَنا فيها صَديق، ما عَسى يَرجو نَباتٌ يختلف زَهرُه عَن كُلِّ وردٍ وَشَقيق، وَجَديدُ القَلبِ أَنّى يَأتلِف مع قُلوبٍ كُلُّ ما فيها عَتيق". قبل أيام بكى بَعضِيّ المُتماسِك على كُلِهم الهَش. ما أود قوله حقيقة لن يدركها إلا من تابع ردود الفعل ومدى تفاعل المعنيين بالتضامن مع المعتقلين السياسيين، حقيقة تقول أن أبناء الحركة الإسلامية في مدينة نابلس "من نوابها والمنتمين إليها ومؤيديها" يتمنون أن ينتصر الحق وتنتهي الإعتقالات السياسية وتُمنح الحريات، لكنهم اختصروا الأمنيات في قلوبهم، وانتظروا "مهدي جديد" لا زالوا يحلمون بقدومه منذ سنين ولا أدري في أي عام مُقبل سيأتي، وسيظل الحلم في مآقيهم. نعم لن ينتهي حلمهم بنيل حقوقهم، أليسوا هم من يتخذون من قاعدة "درء المفاسد أولى من جلب المصالح" شعارا لا يُرفع إلا عند كل تحرك، بالضبط عند منعطفات الخوف؟ سيظلون ضمن قائمة المعجبين بالكلمات الجريئة والشعارات الجريئة والأفعال الجريئة والشخصيات التي تدفع حياتها ثمنا لكلمة حق في وجه سلطان ظالم، لكن إعجابكم لم يتحول بعد إلى أفعال تزلزل الظلم والظالمين. إذا إستمروا في درء المفاسد عنكم وجلب المصالح إليكم يا أبناء العياش والشقاقي إلى أجلٍ غير مسمى، والأجهزة الأمنية ستستمر في منحكم المفاسد ومصادرة مصالحكم أيضا إلى أجل غير مسمى، ولكن سأطرح عليكم سؤالا واحتفظوا بالإجابة لأنفسكم: عندما نقول لكم تحركوا والله خير حافظا وهو أرحم الراحمين، تظهر قاعدتكم هذه كوصفة جاهزة لعدم التفكير، والجواب يكون "في الوقت المناسب". تُرى متى سيحين الوقت المناسب؟ عندما ينتهي رمضان والعيد وكافة المناسبات التي من حقكم أن تكونوا في أكناف أهلكم فيها! أو لربما عندما تنتهي مدارسكم وجامعاتكم ودراساتكم العليا، انتظروا، عندما تُعقد جلسة المصالحة التي لا تمل من الإنعقاد وأنتم تعلمون فشلها. بإعتقادي أن الوقت المناسب لن يأتي إلا عندما تكون الصرخة جريئة وموحدة وبعيدة عن "الحيط الحيط ويا رب السترة". في مدينة الخليل تنطلق المسيرات المنددة للإعتقالات السياسية والمطالبة للحريات أسبوعيا، وقد أثبتت فعاليتها وقدرتها على إسترجاع حقوق المعتقلين، وفي مدينتي لا تجد المسيرة من يؤيدها، لا من السلطة التي تخشى كل تحرك يوقظ نعاس المدينة، ولا من الحركات الإسلامية التي تتهم السلطة بإعتقال كل من يشارك فيها وبالتالي تخشى على أبنائها فتردد كما دوما "درء المفاسد أولى من جلب المصالح". نعم، الأجهزة الأمنية تعتقل بعضا من المشاركين وتعرقل البقية ولا تتوانى في قمع الحرية في مثل هذه المسيرات، لكنها لن تستطيع أن تعتقل كل الشعب، وليس لمثلكم أن يغيب عن باله قول الله تعالى :" لن يضروكم إلا أذى وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون". لستم عاجزون لأنكم لستم أنصاف رجال، وأحلامكم ليست أنصاف أحلام، لن تقبلوا بنصف أرض ونصف مقاومة، وَحدَهُ السلام الشيء الكامل الذي تتخلون عنه، وظني بكم أنكم لا تنشدون إلا السلام مع أنفسكم ومع البنادق، طريقكم طويلة لكنكم تقفون في نصفها، وأفكاركم تُعتقلون لأجلها، لأنها الأصدق والأقرب للقدس ولفلسطين الضائعة، إما أن تحضروا أو تغيبوا، وممنوعٌ عليكم العجز ونصف الوجود لأنكم كاملي الحضور، فارفضوا أو إقبلوا . الحقُ حياة يمتلكها كل الناس، وهو كالموت سيحينُ موعده لكل مخلوق، وسكينة تصافح كل البشر، ونهوضكم ما هو إلا إستحقاقا للحق. أعلم جيدا أن مدينتي كانت جبلا للنار ومنزلا للثوار وصارت نائمة، تلك الرقيقة العنيدة التي كلما خط شعاعٌ كحلتهُ في مآقيها إمتدت الأيادي الخشنة لتعمي نورها وتغلق الستائر على ليلها، فتتوهم بأنه لا زال متسعا للفجر في غفوتها، تطبق جفونها أمام ضحكاتهم الصفراء وأفعالهم البشعة وتعود الجفون لتستريح بين يدي بداية لا تحين. نابلس مدينة لا تقبل بأنصاف الحلول ولا أنصاف الثورات ولا أنصاف البدايات، لا تتصافح مع أنصاف الثوار، ولا تحوي أنصاف الأفكار، ولا تعترف بأنصاف الإنتصارات، لا تجالس أنصاف الرجال ولا تقاوم نصف مقاومة، لا ترضى بأنصاف الكرامة ولا تغلق ملفاتها على أنصاف الحقيقة، لا ترتوي بنصف كأس ولا تشبع من بعض جثث الغُزاة، لا تستشهد نصف شهادة ولا تحيا نصف حياة، النصف يعني أن تكون أو لا تكون، أن تستطيع أو لا تستطيع، ونابلس قادرة أن تكون، إن لم تكن هي البداية لن تعرف الضفة معنى للمجد، لذلك أحكَموا القبضة عليها وطوقها بسلاسل من نعاس. أرجو أن لا تتهموا كاتبة تنتقد تصرفات بعضكم بالتهور والرعونة وعدم الحكمة، فأنا أيضا أعلم أن لكل حدث وقته المناسب، وأعلم أن على الإنسان أن يعقل ويتوكل، ولكني أرى التواكل فيكم، ووقتكم الذي لا يحين أغضب قلمي واغضب الحق الذي تنادون به. وإن أطفأوا مصابيح المدينة، تَعرفوا على ظلامِها ولا تحبوه، فقط كونوا شموعا تُقلِق ليلها وتأتي بالصباح إليها عنوة. إن عاد مجدكم فلا تسمحوا للهزيمة بمرافقته، وعزمكم المُشرق في عيونكم لن يرضى بأنصاف الكرامة، خضوعكم دعما لأجهزة الأمن الظالمة وحضوركم تشريفا لمدينة بدأت تتثاءب ولن تنهض إلا بكم.