21.1°القدس
20.78°رام الله
19.97°الخليل
24.64°غزة
21.1° القدس
رام الله20.78°
الخليل19.97°
غزة24.64°
الخميس 03 أكتوبر 2024
5.01جنيه إسترليني
5.33دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.17يورو
3.78دولار أمريكي
جنيه إسترليني5.01
دينار أردني5.33
جنيه مصري0.08
يورو4.17
دولار أمريكي3.78

خاشقجي والنايف اختلفت الأسماء والموت واحد

32076698_1830349310357475_3802939673681068032_n
32076698_1830349310357475_3802939673681068032_n
هاشم نواف

ما أشبه اليوم بالأمس , فقد جاء إعلان مقتل خاشقجي اليوم من قبل السلطات السعودية صادماً للكثيرين لكنه ما كان له أن يكون صادماً للفلسطينين .
فمقتل جمال خاشقجي الكاتب والصحفي السعودي بالثاني من اكتوبر لعام 2018 داخل قنصلية بلاده في اسطنبول - تركيا لم يكن الحدث الأول من نوعه بالنسبة للفلسطينيين , فقد جاء خاشقجي لينبش ذاكرة الفلسطينيين ويعيدهم لصباح يوم الجمعة في السادس والعشرين من فبراير 2016
حينما استيقظوا على نبأ مقتل المناضل عمر النايف داخل سفارة بلاده فلسطين في بلغاريا .
اختلفت الدولة المضيفة ولم تختلف تفاصيل المراوغة والجريمة التي ارتكبت بحق النايف وجمال خاشقجي , فالقاتل استغل نفس السلطة ونفس المكان, سفارات الموت . 
ففي صباح يوم الجمعة في نهاية فبراير من عام 2016 أعلنت السفارة الفلسطينية على لسان سفيرها أحمد المذبوح مقتل المناضل عمر النايف داخل السفارة الفلسطينية في بلغاريا , وصرح المذبوح حينها أن عمر النايف قد انتحر, دون الافصاح عن أي تفاصيل أخرى. 
لتؤكد التحقيقات فيما بعد كذب المذبوح وروايته المضللة للحقيقة المخفية خلف اسوار السفارة . 
ليتشابه حاضرنا بماضينا؛ ففي سفارة السعودية بتركيا , جاء خبر إختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي مطلع اكتوبر 2018 داخل السفارة السعودية في اسطنبول دون ابداء أية تفاصيل أيضا.
ليخرج بعدها خالد بن سلمان شقيق ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وسفير السعودية في واشنطن ليدلي بتصريحاته المستخفة بعقول كل متابع للقضية ليقول بأن خاشقجي خرج من السفارة وأن الكاميرات لا تسجل.
لتتشابه الأقدار وتأتي التحقيقات بعدها لتؤكد أيضاً عدم صدق بن سلمان ورواية دولته المضللة لما حدث .
وإن تُمعن النظر قليلا في تفاصيل التحقيقات في كلتا القضيتين ستجد كثيراً من التشابه , ان كنت تنظر الى بشاعة قتل النايف عن طريق إلقائه من فوق مبنى السفارة ليردوه قتيلا دون أدنى شفقة أو رحمة؛ فتابع التحقيقات في قضية قتل خاشقجي ومدى فظاعتها.
في كلٍ من القضيتين ستجد أن المجرم قد تجرد من أي ذرة من الإنسانية وباع ضميره لساسته المأجورين.
وإن دققت في بقية التفاصيل ستلمس التشابه في الحديث الذي دار في المكالمات التي جرت بين كبار المسؤولين في السلطة متحدثين فيها عن امكانية إخراج النايف من السفارة وكيفية اقناعه بالفكرة , لنتأكد بذلك من تواطؤ العاملين في السفارة من أجل اتمام عملية اغتياله.
هذا أيضاً ما تحدثت عنه صحيفة واشنطن بوست في قضية خاشقجي , حيث قالت في عددها الصادر يوم الأربعاء من نفس الشهر أن المخابرات الأمريكية إعترضت إتصالات لمسؤولين سعوديين تحدثوا فيها عن خطة لإسكات خاشقجي لكنه لم يكن من الواضح اذا ما كان سيتم إعتقاله أم قتله.
لتصل لقناعة أن المسؤول في قضية خاشقجي أيضاً تابع لسلطات المملكة.
وفي ردة فعل متماثلة؛ يعلن الرئيس محمود عباس آنذاك وولي العهد السعودي محمد بن سلمان الآن عن إرسال فرق التحقيق التي في ظاهرها أرسلت من أجل كشف الحقيقة؛ ولكنها في الواقع أرسلت من أجل إغلاق ملفات القضية دون تحميل السلطتين مسؤولية القتل. 
ففي القضية الأولى تبين أنه تم العبث بهواتف عمر النايف الشخصية والتلاعب ببقع الدماء المنتشرة حول الجثة قبل وصول الشرطة البلغارية لمكان الحدث محاولين بذلك إخفاء بصمات أو أي شيء يدلل على إغتيال النايف لتغلق القضية دون تحميل القتلة المسؤولية.
لكن ما حدث في قضية جمال خاشقجي كان مختلفاً إختلافاً إبداعياً, فقد حاول القتلة إخفاء الجثة نفسها والعمل على مسح أية آثار او علامات تدلل على الجريمة، في سلوك ممنهج ومنظم يشبه سلوك رجال مخابرات دولة ما.
فكانت المحاولة في اخفاء الدلائل أفظع وأشنع من الجريمة ذاتها , فحسب ما ورد في التحقيقات المتواصلة حتى اللحظة أن القتلة قاموا بتقطيع الجثة بمنشار عظام من أجل إخراجها من السفارة لإخفاء الجريمة , ومن ثم إدخال كميات كبيرة من مواد التنظيف والعمال لمحو ما تبقى من أثر، وما خفي كان أعظم.
وبعد كل تلك المحاولات من قبل السلطات السعودية لإخفاء ما كان قد تم وارتُكب, إلا أنها فشلت في ذلك تحت الضغط الإعلامي والعالمي الهائل لمعرفة ملابسات ما حدث, لتعلن بعدها المملكة أن خاشقجي قد قتل في شجار داخل القنصلية وأنه تم إعفاء وتوقيف كل من كان لهم علاقة في القضية، متنصلةً بذلك من مسؤوليتها عن قتل خاشقجي، آملةً بأن تتوقف القضية الى هنا بهذا الإعتراف, مراهنة على الوقت لترميم موقفها ونسيان المجتمع لقضية خاشقجي التي أثارت العالم, كما راهنت السلطة الفلسطينية على تناسى العالم لقضية قتل عمر النايف، وقد كسبت الرهان في ذلك, لكنهم لم يدركوا حينها أن الانسان قد ينسى , لكن التاريخ أبداً لا ينسى ويلفظ المجرمين ولو بعد حين.