نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالاً، تقول فيه إن مقتل الكاتب المعارض جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في اسطنبول كان له صدى دولي بشكل أقوى من العادة، فمنذ اختفائه تصدرت قصته الأخبار، وشكلت بؤرة غضب على مستوى العالم.
ويشير المقال إلى أن، إلى أن "هذا الاهتمام تسبب بإثارة أسئلة حول سبب الضجة الكبيرة التي أحدثها قتل شخص واحد، ولم تسببها الأفعال السعودية الأخرى، مثل الحرب في اليمن والأزمة الإنسانية التي تتسبب بها هناك، أو سجن مئات المعارضين السياسيين في السعودية".
وتقول سبيشيا: "يبدو أن الإجابة تكمن في طبيعة وفاة خاشقجي، والطريقة التي تكشفت بها وزادها شهرته، بالإضافة إلى أن هذه الجدلية تعكس أيضا عدم ارتياح متنام بسبب العدوانية المتزايدة للسعودية تحت قيادة ولي عهدها الشاب المتعجرف".
وتورد كاتبة المقال، بعض الأسباب التي حركت الغضب والاهتمام، ولماذا يحتمل أن تكون لها تداعيات سياسية على السعودية.
كان خاشقجي كاتباً مشهوراً وله أصدقاء ذوو نفوذ.
وتلفت سبيشيا إلى أن خاشقجي لم يكن صحافياً معروفاً، لكنه كان رجلاً اعتاد على الاختلاط بالنخبة السياسية، وأصبح صديقاً للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وكان مقرباً من العائلة المالكة السعودية، وقضى سنوات يترفع في الإعلام السعودي، وخدم بعدها متحدثاً غير رسمي ومستشاراً للعائلة المالكة.
وتستدرك الكاتبة بأن عمله في السعودية توقف فجأة عندما منعه ولي العهد من الكتابة في المملكة، كجزء من حملة واسعة ضد المعارضة، فاختار خاشقجي المنفى في أمريكا، وأصبح ناقدا مشهورا للعائلة المالكة السعودية في عموده المنتظم في "واشنطن بوست"، وركز في انتقاداته على ولي العهد نفسه، وانتقده في مقالاته الأخيرة بسبب "الترويج لتغيير التاريخ"، وسجن المناديات بحقوق المرأة، وخنق حرية التعبير.
وتقول سبيشيا إن الاغتيالات من أي نوع تحظى باهتمام وتولد الخوف، مشيرة إلى أن قول أستاذ القانون الدولي في جامعة تافتس مايكل غلينون، إنه عندما تكون الضحية بشهرة خاشقجي فإنها تربط وجها بهذا الخوف، وأضاف: "هؤلاء أشخاص محددون، وبأسماء ووجوه بارزة، وفي كثير من الأحيان لهم ارتباطات كبيرة".
وتنوه الكاتبة إلى أن "هذا الموت الشنيع أعطى وجها أيضا لعدوان أوسع تقوم به السعودية، وجعله ملموسا بشكل أكبر".
وتبين سبيشيا أن ما أضاف بعدا تآمريا لمقتل خاشقجي كان موقع الجريمة، مشيرة إلى أن المسؤولين الأتراك تعرفوا على 15 رجلا، بعضهم تربطه علاقات قوية بولي العهد، يقولون إنهم كانوا متورطين في جريمة القتل، وقال السعوديون إن وفاة خاشقجي كانت جريمة قتل قام بها مارقون ولا علاقة للعائلة المالكة بها.
وتقول الكاتبة إن "وقاحة القيام بعملية اغتيال على الأراضي التركية لا تنتهك القوانين الدولية فحسب، لكن قد يراها الأتراك تحديا لسلطة الدولة، وتضع اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية لعام 1963 -التي وقعتها كل من تركيا والسعودية- القوانين الدولية التي تحكم القنصليات والسفارات وتوفر الحماية للمنشآت والشخصيات الدبلوماسية".
وتنقل الصحيفة عن أستاذ القانون الدولي في جامعة كي يو ليوفين في بلجيكا جان ووترز، قوله إن الدبلوماسيين "يتخلصون من القبضة القضائية للبلد المستضيف.. لكن ذلك مبني على أساس من الفهم بأن هؤلاء الناس سيلتزمون بالقانون ولا يسيئون استخدام الحرية والمساحة الممنوحة لهم بموجب القانون الدولي".
وتشير سبيشيا إلى أن القنصلية السعودية حيز محمي بالقانون الدولي، ومع أنه موجود على الأراضي التركية، إلا أن المسؤولين المحليين لا يستطيعون دخولها دون إذن من السعودية، لافتة إلى أنه ينظر إلى السفارات والقنصليات في أنحاء العالم كله على أنها مكان للجوء السياسي، ومع أنها تخضع لبعض القوانين المحلية، فإن المنشأة والطاقم الدبلوماسي العامل داخلها محميون من تطبيق القانون في بعض الحالات.
وتستدرك الكاتبة بأنه في حال الجرائم الكبيرة مثل مقتل خاشقجي يمكن ان ترفع تلك الحصانة، مشيرة إلى قول غلينون: "حقيقة أنها وقعت في قنصلية تضع كل شيء في زاوية مظلمة (من ناحية قانونية).. يجب أن تكون السفارات والقنصليات مناطق آمنة، إنها أماكن يبحث فيها الأشخاص عن اللجوء، وهذا يجعل الأمر أكثر وقاحة".