ثمة ابتكار جديد في العملية الديمقراطية. براءة الابتكار ممهورة باسم سلام فياض رئيس حكومة رام الله. ماهية الابتكار تقوم على قاعدة: (الترشح دون التصويت). ولإيضاح القاعدة المبتكرة نقول: يحق لغزة (1.8 مليون نسمة) الترشح لعضوية المجلس التشريعي الفلسطيني، ولا داعي لمشاركة أهلنا في عملية التصويت، وسينوب عنهم جميعًا الأشقاء في الضفة الغربية، وستكون الضفة الغربية والقدس وغزة دائرة واحدة، والانتخابات بالقائمة النسبية مائة في المائة! هذه هي قاعدة الترشح دون التصويت، وهذا هو مضمون ابتكار فياض كما صرح به الإعلام! ما الأسباب الكامنة خلف هذا الابتكار؟! وما هي المخرجات الإبداعية المنتظرة من تطبيقه؟! وهل لفياض شركاء في براءة الابتكار هذا؟! الظاهر على السطح أن فياض يريد أن يقفز عن المصالحة، وعن معوقاتها وأن يقدم نفسه كديمقراطي يؤمن بالانتخابات، وبحقوق المواطنين فيها وينسى أن رئاسته للحكومة في رام الله لم تكن ديمقراطية البتة، ولم يعرضها للثقة على المجلس التشريعي، وهو يعمل طيلة السنوات الماضية بدون رقابة تشريعية، لذا لا يجوز له أن يلبس ثوب الديمقراطية بعد أن مزقه بيديه وبأسنانه. سطح الابتكار وظاهره غير مقنع، وغير مفيد، ولا يجيب عن أسئلة الديمقراطية، أما ما تحت السطح ويسكن الخفاء فهو خطير وضار جدًا، ولعل الضرر الأول هو إلقاء غزة في البحر كما تمنى رابين يومًا، وحرمانها من حقوقها في الديمقراطية والشراكة في القيادة وتقرير المصير، وكأن الوطن الفلسطيني هو الضفة الغربية فقط. ولعل الضرر الثاني يكمن في رغبة فياض إراحة نتنياهو والحكومة الإسرائيلية، من خلال حل مشكلة القدس، حيث تتزايد الأنباء التي تحكي رفض (إسرائيل) لمشاركة القدس في الانتخابات القادمة، ردًا على المصالحة وعلى مشاركة حماس فيها. فمن يقبل حرمان غزة من التصويت فإنه بالأولى يقبل حرمان أهلنا في القدس. يبدو أن حماس والفصائل كانت محقة عندما طلبت من الحكومة وقف، أو تجميد عملية تحديث سجل الانتخابات، حيث يبدو أن ما خلف هذا التحديث هو إجراء انتخابات بدون غزة، وبدون توافق وطني وبدون مصالحة، لأن المصالحة مؤجلة عند فياض وأطراف أخرى في رام الله. فياض لا يضغط على حماس وغزة في مقترحه هذا، ولا يعجل بالمصالحة، بل يصب على النار زيتًا، ويفجر الشكوك ويثير الريب، ويدعو الأطراف إلى التوقف للبحث عن المستفيد من هذا المقترح الابتكاري جدًا؟! لقد أحسن صنعًا د. عزيز دويك رئيس المجلس التشريعي ونائبه حسن خريشة، وغيرهم ممن رفضوا هذا الابتكار المشبوه، والمكرس للانقسام، وأحسنوا حين سألوا فياض عن إسهاماته في إحياء الديمقراطية وعمل المجلس التشريعي في السنوات الماضية. إن فاقد الشيء لا يعطيه، وفلسطين وحياتها الديمقراطية تحتاج إلى حلول مسئولة ووطنية.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.