قطعٌ فخارية، ووسلالٌ وأواني وأدواتٌ وأجهزةٌ متنوعةٌ قديمة، تملأ رفوف بيتٍ خمسينيّ وجدرانه وزواياه المختلفة، تحوله لمتحفٍ أثري تراثي يحمل اسم "متحف القرارة الثقافي"، يجمعُ مقتنياتٍ رومانية وبيزنطية وإسلامية تعود لما قبل مئات السنين.
الشغف والحب الداخلي كان الدافع الكبير للشابة نجلاء أبو لحية 26 عامًا وزوجها محمد؛ لتحويل بيت قديم يعود لعائلة الأغا إلى متحفٍ ثقافي لبلدة القرارة جنوب قطاع غزة، شغفٌ بدأ من فخارةٍ صغيرة إلى فكرة متحفٍ يجمع كل الأدوات التراثية في البلدة ويغدو مزارًا ثقافيًا ومسرحًا يحافظ على التراث والهوية الفلسطينية.
شغف بالتراث
وخلال لقاء "فلسطين الآن" مع الشابة أبو لحية، أوضحت أن فكرة إنشاء المتحف بدأت بشغف زوجها بالقطع الفخارية الصغيرة القديمة التي كان يحفظ فيها الفلسطيني الزيوت الطبية، وبدأت زيارات للمتاحف والأماكن التي تدعم المقتنيات التراثية والأثرية.
وأفادت أبو لحية التي أصبحت مسئولة قسم الفنون التشكيلية في المتحف أنهم بدأوا بجمع القطع والمقتنيات الأثرية من المعارف والمواطنين القاطنين في بلدة القرارة وبعض المؤسسات المهتمة بالآثار، مشيرة أن " ندما تزايدت المقتنيات الأثرية في البيت فبدأت فكرة إنشاء متحف القرارة الثقافي في بيت من أقدم المنازل الذي بني في هذه المنطقة ويعود لعائلة الأغا".
وأكدت أن الهدف من إنشاء المتحف أن يكون سرحًا ثقافيًا وهوية للقضية الفلسطينية وداعمًا لها بكافة أشكالها، منوهةً أن "متحفنا يختلف عن باقي المتاحف أنه لا يحتوي على مقتنيات أثرية وتراثية فقط، بل هو متحف ثقافي من خلال إحياء المناسبات الوطنية ودعم الأنشطة الثقافية في المدارس والجامعات ورياض الأطفال والأهالي ومؤسسات المجتمع المحلي".
جهود تطوعية
وبينت أبو نحلة أن المتحف يحتوي على أكثر من ثلاثة آلاف قطعة أثرية متنوعة من القطع التراثية والأثرية، تعود للعهد الروماني وقطع للعهد البيزنطي وقطع للعهد البريطاني وللعهد الإسلامي، مشيرة أن "أغلب القطع التي وجدناها في منطقة القرارة هي قطع رومانية بسبب أن الرومان كانوا يقيمون في هذه البلدة، لذلك تتواجد فيها هذه القطع الرومانية بكثرة، عدا عن اشتهار المنطقة بالزجاج والفخار".
محاريث ومكاوي كانت تعمل على الفحم، وموازين نحاسية، وأثواب مطرزة، وسحارات لحفظ الأطعمة، وأجهزة راديو قديمة، وأعمدة رخامية وصلصالية وغيرها من المقتنيات، يرى الزائر فيها الآثار العتيقة والتراث القديم.
وأوضحت قائلة: "تتراوح الفترة العمرية لمقتنيات المتحف الأثرية والتراثية لمئات السنين، هناك قطع تفوق 400 سنة وهناك 1000 سنة، وأقدم هذه المقتنيات داخل متحف القرارة هي مقتنيات معصرة الزيتون التي لم تكن مكتملة، وهي تعود لأكثر من 4000 سنة للعهد الروماني، وكان يستخدمها الإنسان الفلسطيني لعصر الزيتون".
وأضافت: "كانت نشأة المتحف بجهد فريق شبابي متطوع بذل جهده ووقته لإنجاز المتحف، فهناك إعلاميين ومسوقين ومسئولين عن قسم التراث وقسم الآثار ومدير للمتحف".
وتابعت: "كل هذه جهود شبابية، وضعنا جهدنا ونسير يدًا بيد في طريقنا لنحافظ على هذه المقتنيات بكل الوسائل ونجمع جميع المعلومات عنها، ونريد أن نجمع بشكل فريق كامل في هذه البلدة لنحافظ عليها".
ولفتت أن المتحف يفتح أبوابه في جميع الأوقات وجميع الفئات، مؤكدة أن المتحف تم إنشاؤه بدعم ذاتي بدون أي جهات مانحة، متأملة "أن يكون هناك دعم ومبنى كامل يستحق أن يقتني هذه المقتنيات الأثرية والتراثية".
