19.44°القدس
19.2°رام الله
18.3°الخليل
24.96°غزة
19.44° القدس
رام الله19.2°
الخليل18.3°
غزة24.96°
الإثنين 30 سبتمبر 2024
4.99جنيه إسترليني
5.27دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.17يورو
3.73دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.99
دينار أردني5.27
جنيه مصري0.08
يورو4.17
دولار أمريكي3.73

ليس مهما متى نتزوج!

icon
icon
شيماء الغريب

قبل مدة ليست بالطويلة، شاءت الأقدار أن أصادف صديقة تعرفت عليها في المكتبة، ملامحها تعكس طيبة قلبها، وروحها المرحة تنثر الحياة في الحياة. تبادلنا أطراف الحديث إلى أن أخبرتني بأن عمرها يتجاوز الأربعين، وبأنه لم يسبق لها الاقتران بأي رجل، وبأن ذلك لم يزعجها يوما بقدر ما يزعجها دائما حديث الناس الذين تبدو لهم مسكينة، وضعيفة، ولا يمكن أن تكون سعيدة.

سألتها إن كان امتناعها على الزواج اختيارا، فأجابتني بأن أولوياتها في البداية لم تكن تصب في منحى الارتباط، ولكن مذ تجاوزت سنا معينا، كل الطلبات التي باتت تعرض عليها، كانت تشعرها بالتشييء والدونية، فناهيك عمن يرغب في الاقتران بها من أجل ملء حسابه البنكي، هناك من يهمه معرفة قدرتها على الممارسة الجنسية أكثر مما يهمه معرفتها هي شخصيا. نظرت إليها وأخبرتها بأنها جميلة، غيرنا الموضوع ومضينا، كل إلى سبيله.

استحضرت فيما بعد القصص التي تتناقلها النسوة فيما بينهن حول معارفهن العازبات، وكيف يتحدثن عليهن وكأنهن خرجن من بطون أمهاتهن متزوجات، تذكرت ملامح وجه ابنة عمي البالغة من العمر 30 سنة حينما طرح عليها سؤال "متى نسعد بك؟" أكثر من مرة في حفل عائلي، وكيف كانت تقابله بابتسامة ذابلة لا روح فيها ولا حياة، زارني أيضا مثل شعبي سمعته أكثر من مرة " العاتق فالدار عار"، مفاده أن الأنثى العازبة عار على أسرتها، وشعرت إلى أي حد نعيش في محيط مضطرب فكريا، يتدخل فيما لا يعنيه، ولا يرحم.

كيف يمكن أن يكون المجتمع الذي يشفق على حال امرأة اختارت ألا تتزوج، أو قدر لها ألا تفعل، هو نفسه ذو المرجعية الإسلامية الذي يؤمن بالقدر وبأن الله لا يفعل شيئا باطلا، وهو نفسه الذي يدافع في مطارح أخرى على حق الجميع في الاختيار؟ ومن أين تأتي لأولئك الشجاعة في أن يعتبروا الزواج إنجازا، والمرأة العازبة مهما بلغت من العلم والتجربة والنجاح ناقصة بلا إنجازات؟

إن أكثر المشفقين على حال المرأة العازبة المتأخر ركب زواجها يربطون شعورهم ذاك بخوفهم عليها من عدم الإنجاب. نعم الإنجاب وتكوين أسرة هدف سامي من أهداف الزواج، ولكنه ليس الغاية المثلى والهدف الوحيد من هذا الرباط العظيم والنبيل، الذي له مبتغات أخرى تتمثل في السكينة والطمأنينة والاستقرار النفسي والعفة والتشارك والتعاون... ثم إن مسألة الإنجاب لا تخضع لحسابات رياضية أكثر مما ترتبط بتسخير من الله عز وجل، وما يتناقل أمامنا من قصص في هذا السياق أكبر دليل على ذلك.

إن تحديد عمر معين للزواج وجعله قاعدة ثابتة كل من حاد عليها سمي عانسا، هو ضرب من ضروب الجنون وعادة مجتمعية لا صحة فيها ولا أساسا رصينا بنيت عليه، فالزواج مرتبط بالقدرة والاستطاعة والنضج، ولا علاقة له بالسن، ثم إنه لم يسبق وأن قرأنا لا في بحوث علمية ولا في نصوص دينية أن سر نجاح الحياة الزوجية يكمن في سن المرأة وقت ارتباطها.

إنه من الأفضل لك أن تعيشي عازبة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، على أن ترتبطي برجل غير مقتنعة به فقط لتكممي أفواه الناس، أو لتنتقلي من حالة اجتماعية إلى أخرى، أو لتحققي رغبة أمك في ترديد " سعدي يا لالة، فرحي يا لالة، زوجت بنيتي زولت اللومة عليا"، الأمر أشبه بمن يمشي برجليه نحو حتفه. لا تجعلي من الزواج غاية واعتزي بعزوبيتك إلى أن تجدي شريكا مناسبا يقدر فكرك قبل جسدك، ويحترم وعيك ويقبلك كما أنت.