9.45°القدس
9.21°رام الله
8.3°الخليل
13.6°غزة
9.45° القدس
رام الله9.21°
الخليل8.3°
غزة13.6°
الإثنين 06 يناير 2025
4.53جنيه إسترليني
5.14دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.76يورو
3.65دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.53
دينار أردني5.14
جنيه مصري0.07
يورو3.76
دولار أمريكي3.65

أقلعت الطائرة نحو اللاعودة

سلطة رام الله تُجبر نخب الوطن على الهجرة

thumb
thumb
رام الله - فلسطين الآن

عندما تشعر أنك غريب في وطنك، لا تأمن على نفسك وأسرتك ووظيفتك، وعندما تحاول السلطة الحاكمة أن تلجم لسانك عن قول الحق، وأن توقف قلمك عن نصرة أهلك في غزة، فسيكون الخيار الأفضل "الهجرة نحو اللاعودة".

فأن تكون صاحب موقف إنساني فهذا من المحرمات فلسطينيا في الضفة المحتلة، وأن تكون صاحب ضمير حي يتألم لألم شق من الوطن فهذا ممنوع التفكير به في الضفة، وأن تسعى لتطبيق تعاليم الإسلام بالتعاضد والتكاثف فهذا في قاموس الهباش مرفوض ممنوع لأنه للحرام أقرب، وأن تكون صاحب كلمة حق في وجه سلطان جائر اتخذ من سلطته سوطاً على أهل غزة فهذا من الكبائر في نظرية الأمن لدى سلطة رام الله.

الدكتور الإنسان عماد محمود المصري، من سكان مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، مقيم في مدينة رام الله منذ ما يزيد عن 10 أعوام، يعمل مدير للمؤسسة الطبية بوزارة الصحة، وعضو اللجنة الحركية لأطباء حركة فتح سابقاً، تقدم باستقالته خلال شهر أكتوبر المنصرم.

اختطاف وتعذيب

بعد أن علا صوت الدكتور المصري نصرة لأهل غزة ورفضاً لاستمرار عقوبات السلطة على أبناء القطاع المحاصر، اعتقلت سلطة رام الله يوم الأحد 14 أكتوبر 2018، حيث تم اختطافه على أيدي مجهولين، وظلت أخباره منقطعة لمدة يومين كاملين.

وعثرت عائلة الدكتور المصري مساء الاثنين 15/10/2018 على ابنها الدكتور عماد في حالة إغماء داخل منطقة مهجورة بمدينة رام الله، ليدفع الطبيب الإنسان ثمن نصرته للحق وثمن الوقوف بجانب أهله في قطاع غزة من إجراءات عقابية ظالم راقت لقيادة رام الله.

وعلى مدار الأعوام السابقة، وبعد اختطافه وتعذيبه، تعرض الدكتور المصري لتهديدات شتى تطالبه نزع الإنسانية من قلبه، وتجبره على وقف تضامنه مع أهله في غزة، وتؤكد لكل حر أن الوقوف بجانب الحق ثمنه التعذيب أو التهجير أو الأسر أو القتل.

حجم الاضطهاد الذي تعرض له الطبيب المصري وصل إلى حد سرقة صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، بعد التفاعل الكبير الذي حظي به، وبعد ازدياد عدد المتابعين والأصدقاء عليها، في محاولة لكبح جماح الحقيقة.

قرار المضطر

بعد حالة اللااستقرار التي تعرض لها الدكتور عماد المصري، وبعد حالة الذعر التي تسببت بها السلطة وأجهزتها للطبيب وعائلته، قرر الدكتور المصري الهجرة من أرض فلسطين إلى مكانٍ يشعر به بإنسانيته، ويضمن فيه سلامته وعائلته.

وقبل مغادرة المصري أرض الوطن، كتب على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" :"بعد ساعات قليلة سأكون قد غادرت وطني مرغما من مطار اللد، لأنني لم أعد آمناً على نفسي وعلى أسرتي، ومع ذلك ليس هذا السبب الحقيقي، فأنا منذ قرابة الثلاث أعوام وأنا أعيش مهدداً بشتى أنواع التهديد، وسأترك وطني لمن يستحقونه، وحتى لا يقول بعض السفهاء والموتورين بأنني هربت خائفاً قررت الكتابة قبل المغادرة، فإن كان أي شخص له حق قانوني أو عرفي عندي فليتواصل معي قبل أن أغادر".

وتابع المصري :"وحتى أقطع الطريق على نفسي في الرجوع للوطن سأقوم بفضح كل من آذاني وتجرأ على المساس بي، وصدقوني هذا ليس انتقاماً لأن تلك الحثالة أصغر وأحقر من أن أنشغل بالانتقام منها، ولكن الغرض قطع الطريق على نفسي للرجوع إلى هذا البلد الظالم أهله".

واختتم الطبيب الإنسان منشوره بقوله :"انتهت المهلة، وقدر الله وما شاء سيفعل، أستودعكم الله جميعاً، وسامحوني إن قصرت أو أخطأت مع أحد".

انتهت المهلة التي حاول الدكتور المصري أن يجد فيها إنسانيته، وانتهت المهلة التي بحث فيها عن سعادته وأمان أسرته، وانتهت المدة التي لم يجد فيها من يناصره ممن حوله، فانتهت آماله وطموحاته في بلد اختص قادتها بقتل الطموح وإفساد الآمال وتغييب الطاقات، رفعت الأقلام وأقلعت الطائرة نحو اللاعودة.