أعياد مرسي فرحة وبهجة وحرية وعدالة وسرور، وأعياد مبارك هم وغم وكبت ومظالم وشرور، أعياد مرسي تبدو على وجوه المصريين في نبرات الأمل، وأحزان مبارك تُرى على الوجوه في عبرات اليأس والخلل، أعياد مرسي فيها صلاة العيد كأنك تعيش في أفراح الروح، وأحزان مبارك صلاة العيد كأنها طلوع الروح، فقد كنا نصلي العيد يحوطنا الأمن المركزي بالبنادق والرشاشات التي ترعب المصلين، وتعطي رسالة عن عدم الرضا عن الصلاة ولا المصلين، وقد كان لأمن الدولة كل عام معارك مع الإسلاميين مع كل صلاة عيد حيث يقومون بإغراق الساحات الكبيرة بالمياه، لمنع تحقيق سنة بهجة العيد كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم، فتصدر التعليمات أن من اقترب من الساحة سوف يعتقل، وكنا نفوض أمرنا إلى الله تعالى، وكانت وزارة الأوقاف خاضعة جملة وتفصيلا لتعليمات أمن الدولة في النقير والقطمير لدرجة أنني بعد حصولي على الدكتوراه في الشريعة الإسلامية لم توافق وزارة الأوقاف على منحي ترخيصا بخطبة الجمعة، وأصدروا قرارات باعتقال وسجن وتغريم من يخطب الجمعة بغير رخصة. وقبل الثورة بأسبوعين كنت في قريتي وطلب مني الشباب أن أعطي خاطرة في المسجد فقلت لهم: لا داعي حتى لا نسبب ضررا من أمن الدولة للإمام حيث يٌفصل الإمام من عمله لو سمح لي بالخطبة، وينقل من المسجد لو سمح لي بخاطرة، ولو صارت قاطرة ينقل ويخصم راتبه، فقال الشباب: "عندنا إمام زهقان من المسجد وعاوز ينتقل تعال اخبطه كلمتين خليه ينتقل"، فقلت لهم: إنني أحب فقه التخطيط لا التخبيط، أما اليوم فالرئيس مرسي يصلي التراويح في مساجد مصر ويؤم الناس حافظا، ويلقي الكلمات الإيمانية الفكرية، فيشعر الناس جميعا أنهم أمام عهد سعيد جديد فريد، أما في أيام مبارك فقد منع من الخطب والدروس الشيخ المحلاوي في الإسكندرية، والشيخ عبدالحميد كشك في القاهرة، والشيخان صلاح أبو إسماعيل وعمر عبدالكافي من الجيزة، وعمرو خالد من مصر، وغيرهم الكثير، وسادت أجواء الترصد والترقب والاعتقال دون سبب إلا أن يقولوا ربنا الله، ولاغرو فقد كان الرئيس منتميا إلى جماعات العند لا العلم، وهو الذي أرسل لنا رسالة واضحة مع د.مصطفى الفقي لأساتذة جامعة القاهرة لما اعتصمنا يوما بالجامعة عن التدريس نتيجة قيام وزير الداخلية زكي بدر بسلب ونهب أرضنا المرخصة لنا في نادي هيئة التدريس بحجة أنها أمام السفارة الصهيونية من الناحية الأخرى، وقد يطلق الأساتذة صواريخ أو مدافع على الصهاينة. وتم والله عقاب 12 ألف أستاذ لأن الإخوان انتخبوا أعضاء مجلس إدارة النادي وجاءت الرسالة: قل للدكاترة دول إن كان عندهم دكتوراه في العلم أنا عندي دكتوراه في العند، كانت الأعياد أيام مبارك لآلاف الأسر أسوأ أيام العام نتيجة الاعتقالات بالجملة، وكأن النظام كله كان حريصا أن يدخل على الأسر والبيوت من الحزن والأسى الكثير، لكن الدكتور مرسي أصر على إدخال السرور عليهم قبل العيد بالإفراج عن الكثير من المعتقلين، وقبل العيد بيومين يذهب رئيس وزرائه الهمام بعد الفجر فجأة إلى قسم شرطة بولاق تفتيشا فيجد ثلاثة في الحجز والسجن دون قيد أسمائهم أنهم بداخل السجن، فاستدعى مدير الأمن بالجيزة الساعة الخامسة صباحا، وتم الإفراج عن المظلومين، وقد كانوا والله عشرات الآلاف في السجون دون جريرة، واليوم هناك متنفس لكل مظلوم حيث ديوان المظالم التابع للرئاسة يتلقى عشرات الآلاف من الشكاوى فيرد عليها خلال أيام، حتى أن ابن الرئيس السابق محمد نجيب عندما يكتب شكواه يُحقق فيها فورا ويُعيَّن في الديوان الجمهوري ردا لمظلمته كواحد من ملايين ظلمهم حسني مبارك وزبانيته، ويكفي أن رجلا قال لحسني مبارك وهو يطوف مرة حول الكعبة: اتق الله فينا يا ريس، فاعتقلوه من الحرم المكي، وأخذوه لمصر ووضعوه تحت الأرض سجنا خمسة عشر عاما لكن أفراح العيد بالرئيس الورع مرسي جعلته من الأسبوع الأول لرئاسته يطلب من الداخلية والجيش حصر جميع من بالسجون وبدأ بالإفراج عن المعتقلين والمظلومين وأصدر قرارا ينهي مظلمة الشيخ وجدي غنيم وآخرين، مما جعل فرحة العيد بمرسي حقيقة لا وهما كما كانت أيام مبارك. أفراح العيد مع د مرسي جعلت جماهير المصريين يخصُّونه بخالص الدعاء وطيب الحياة مع مشروع النهضة، عكس ما كان يجري أيام مبارك حيث كان الشعب يجأر في صلاة العيد على المستبدين والمفسدين والظالمين والمخربين والسارقين، وكانوا يعنون بشكل واضح مبارك ونظامه وحاشيته وزبانيته، أعياد مرسي فيها أمان على البلد ففيها وزراء أكفاء – بسكون الكاف وهي جمع كفء – لا حكومة أكفَّاء – بكسر الكاف وتشديد الفاء وهي جمع كفيف - والفرق كبير بين الكفء والكفيف، وقد عاش الرئيس ثلاثين عاما لا يثق في مصري واحد أنه يصلح نائبا، واليوم نائب الرئيس الرجل المهاب القاضي الخبير المستشار الدكتور محمود مكي وذلك في أقل من خمسين يوما من رئاسة د مرسي، وهو تاج على رؤوس القضاة الحقيقيين لا المسيسين الذين أدخلوا البلد في لعبة الكلاكيع القانونية وحلوا ظلما وعدوانا مجلس الشعب الذي انتخبه ثلاثون مليونا ليعطوا سلطة التشريع لتسعة عشر من المجلس العسكري في سابقة من الفساد القضائي من رواسب تعيينات مبارك، لكن أفراح العيد جعلت من شجاعة وبراعة الرئيس مرسي أن يقيل المشير وعنان وأتباعهم وينهي الإعلان التكبيلي، حتى قال الطيب أردوغان لقد قام مرسي في شهر ونصف بأكثر مما أمضينا فيه 12 عاما، وقال عماد الدين أديب لقد اتخذ د مرسي قرارات في أربعين يوما أقوى وأخطر مما اتُخذ في مصر من قرارات في أربعين عاما، فهل بعد هذا يظل هناك من يلبس نظارة مبارك السوداء إلى اليوم أم نلبس نظارة مرسي البيضاء لنرى النور الجديد من رب رحيم بمصر وفلسطين والأمة كلها. لكن في نفسي شيء من رئيسنا د مرسي حيث أسفت لاستمرار غلق معبر رفح أسبوعا من أجل العيد وهم إخواننا في الإسلام والعروبة والإنسانية والجوار والعداء للصهاينة، وكنت أود أن يشعروا بأول عيد أن حصار مبارك وسليمان وبني صهيون قد ذهب إلى الجحيم ليعيشوا معنا عيدًا في فجر الحرية والحب والإخاء والبذل والعطاء والرضا والهناء والسرور ووداعا لأيام القهر والشرور. على كلٍ أقول للجميع: تفاءلوا بالخير تجدوه، وأعينوا الرئيس الدكتور مرسي لتحقيق النهضة الحقيقية.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.