خسرت الليرة السورية نحو 13.2% من قيمتها خلال الأشهر الأربعة الأخيرة حيث ارتفع سعر الصرف مقابل الدولار من 463 ليرة في نهاية شهر أيلول/ سبتمبر من العام الماضي إلى 532 ليرة أمس الجمعة.
فبعد استقرار نسبي في سعر صرف الليرة السورية دام أكثر من عام، بدأ الارتفاع التدريجي لسعر الدولار أمام الليرة السورية ابتداء من شهر أكتوبر/ تشرين الأول عام 2018 حيث كان سعر الدولار يساوي 463 ليرة سوريا ووصل في نهاية العام إلى 500 ليرة سورية، ثم واصل ارتفاعه في الشهر الأول من العام الجاري حتى وصل إلى 530.
يأتي بالرغم من عودة الاستقرار إلى الكثير من المناطق في سوريا وآخرها كان تحرير ما تبقى من محافظات ريف دمشق وحمص ودرعا والقنيطرة بالكامل، وإعادة افتتاح معبر نصيب الحدودي في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2018، وعودة الحركة التجارية بين سوريا والأردن وتصدير العديد من المنتجات إلى الأردن.
وتحتاج سوريا إلى دعم الصادرات من الإنتاج المحلي لكي تتمكن من النهوض الاقتصادي الحقيقي في ضوء المؤشرات التي سببتها الحرب السورية، حيث تمتلك سوريا قاعدة إنتاجية زراعية وصناعية وافرة وتواجه الحكومة السورية مهمة زيادة أرقام الصادرات وإيجاد أسواق خارجية للمنتجات السورية الزراعية والصناعية.
وبهذا الخصوص اعتبر الدكتور سنان ديب رئيس جمعية العلوم الاقتصادية في اللاذقية في حديثه لوكالة "سبوتنيك" أن سعر الصرف لا يتصل بشكل مباشر بالواقع الأمني والاقتصادي لأنه لو كان كذلك، لكان استقر بعد الانتصارات العسكرية وفتح معابر ومنافذ على دول الجوار وعودة الكثير من القطاعات الاقتصادية الإنتاجية، ولكنه كان انعكاس لحالة تهويل نفسي مركبة تمازجت بها أسباب كثيرة ومنها سياسة تثبيت السعر من المركزي لفترة طويلة وعدم العمل وفق قيادة السوق وإنما كان تابع لها وهذه السياسة معمول بها منذ بداية الأزمة ووفق نفس العقلية.
وتابع الدكتور ديب: "ثانيا المضاربات وعدم اجتثاث بعض الصرافة بالسوق السوداء ولهؤلاء شبكات على التواصل الاجتماعي لتعويم مبتغاهم وهم بذلك يكملون أدوات الإرهاب الاقتصادي والتي بدأت تمارس على سوريا للابتزاز السياسي بعد عجز الإرهاب العسكري وهنا نركز على افتعال بعض الأزمات المترافقة بقانون عقوبات أمريكي يحضر له وسط صمت إعلامي ووسط صمت المصرف المركزي ووسط خوف شعبي.
وأضاف ديب "الارتفاع وهمي لا يشخص الواقع لأن الواقع الاقتصادي بمؤشراته الكلية أفضل.. وحتى إذا لاحظنا لم يكن هناك تحفظ على تطويل قائمة المستوردات. المهم هي غيمة وفق مؤشرات الواقع والتوقعات المتوسطة سيزيد رصيد البلد من الدولار بزيادة التحويلات و العائدات الاقتصادية وعودة السياحة وعودة رؤوس أموال مهاجرة لعودة الأمن والأمان..الموضوع بحاجة لتلازم نظرة صحيحة للمركزي و إعلام مرئي يسلط الضوء على الارتفاع الوهمي والضرب بيد من حديد للسوق السوداء التي تفرض رؤيتها على السعر الوهمي.
وكانت صحيفة "الوطن" السورية في وقت سابق عزت ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السورية إلى الذعر في السوق الذي قاده المضاربون عبر الإشاعات والتصريحات غير العلمية عبر "فيسبوك"، لتحقيق أرباح، ولأسباب أخرى ذات بعد سياسي.
ونقلت الصحيفة عن الخبير في الشؤون النقدية وأسواق المال سامر كسبار تأكيده أن انخفاض سعر الصرف نحو 10% خلال الفترة الماضية، ناتج رئيس عن عمليات تحفيز الطلب في السوق، بجميع أشكاله، التجاري، بطبيعة الحال، لتمويل المستوردات، وما يسمى الطلب "البيتوتي" بلغة السوق، وذلك بمعنى تحول المواطنين إلى ادخار الدولار مجددا، خوفا من خسارة مدخراتهم بالليرة السورية، وبالتالي أصبح هناك ضغط من ناحية الطلب في السوق، بمستوى أعلى من الإيرادات الذاتية بالطرق الرسمية للدولار من خلال مبيع الدولار والحوالات نظرا لارتفاع الهامش بين السعر الرسمي والسعر في السوق السوداء بنحو 30 ليرة.
وكانت تداعيات الحرب السورية التي بدأت عام 2011 أدت إلى انخفاض قيمة الليرة السورية بمقدار 10 أضعاف حيث كان الدولار الواحد يساوي 48 ليرة سورية قبل بداية الحرب ليصل الآن إلى 530 ليرة سورية.
وتحتاج سوريا بشكل عاجل إلى تطوير قطاعها الصناعي العام وتحويل شركاته إلى رابحة ومنافسة للحد من الهدر وإيجاد إيرادات إضافية من خلال إيجاد أسواق تصريف للمنتجات السورية الحكومية والخاصة في الدول التي يمكن أن تصدر إليها هذه المنتجات، بالإضافة إلى دعم القطاع الزراعي الكبير في سوريا وإيجاد أسواق تصريف خارجية له (مثل محاصيل الليمون والبندورة والزيتون والقطن وغيرها) بالإضافة إلى دعم قطاع الدواجن السوري الذي يعاني من الخسائر بسبب انخفاض أسعار التصريف وارتفاع تكلفة المدخلات (الأعلاف والأدوية وغيرها).