(رب ضارة نافعة)، تلكم ملخص الجريمة الأخيرة على الجنود المصريين على مقربة من الحدود مع غزة كما يراها بعض المحبين لمصر. مصر الثورة تستحق كل حب وإعجاب، لأن مصر هي مفتاح العزة والكرامة والحضارة العربية. مصر التي آلمت الجريمة كبرياءها، وأدخلت العهد الجديد في امتحان، قررت أن تستعيد كبرياءها وكرامتها من خلال الحملة العسكرية ضد الذين أجرموا بحق مصر، وبحق أنفسهم، ودخلت امتحان الأمن والسيادة بقوة، فأرسلت قواتها المنقولة ومعداتها الثقيلة لفرض الأمن والسيادة دون الالتفات إلى شروط كامب ديفيد المهينة. كامب ديفيد أوجدت فراغًا أمنيًا في سيناء لصالح الموساد الإسرائيلي، الذي يمتلك خلايا نشطة وأخرى نائمة له في سيناء. إن معالجة أسباب الجريمة اقتضى القفز عن اشتراطات كامب ديفيد، وإشغال الفراغ في سيناء بقوات الجيش والأمن المصري، ومن ثمة قطع الطريق على الموساد، وتجفيف مصادر معلوماته، وضرب خلاياه، وقد أتاحت الجريمة فرصة جيدة للقيادة المصرية على المستوى الداخلي، وعلى المستوى الإقليمي والدولي لاتخاذ الإجراءات العسكرية والأمنية اللازمة لبسط السيادة وتوفير الأمن. وهذا الذي جعل عبارة (رب ضارة نافعة) مقبولة على مستوى الأداء العام رغم الألم الخاص الذي يسكننا ويسكن ذوي الضحايا من الجنود الصائمين. وفي الإطار الفلسطيني آلمتنا الجريمة وآذتنا إيذاء شديدًا ومازال الإيذاء ممتدًا حتى يومنا هذا بعد أن نفخ الإعلام الكاره لغزة ولحماس في نار الجريمة ليحرق غزة ومصالحها، ويقدمها للشعب المصري على أنها المسئولة عن الجريمة، واتخذ من (الأنفاق) أداة لنسج الأكاذيب واختلاق القصص البوليسية، وثبت لاحقًا أن غزة بريئة من كل ما اتهمت به، وأن الأنفاق لا علاقة لها بعناصر الجريمة. في هذا الإطار الفلسطيني قلنا (رب ضارة نافعة) بعد أن فرض معبر رفح والحصار والأنفاق أنفسهم على الأجندة العملية المشتركة بين غزة ومصر، وهنا سمعنا من القيادات المسئولة في حكومة هشام قنديل سياسة جديدة تقارب هذه العناصر الثلاثة على قاعدة العودة الطبيعية المتدرجة إلى الوضع الاعتيادي الذي ينبغي أن يكون بين مصر وغزة من خلال الحدود المشتركة التي لا تزيد عن (14 كيلو متر). لقد قررت حكومة قنديل ومن خلال توجيهات الرئيس محمد مرسي قطع الطريق على ثقافة الحصار، والتخويف من إلقاء غزة في أحضان مصر، وإراحة الاحتلال، وقررت البدء بإقامة منطقة تجارية حرة على طرفي الحدود مع غزة، لتكون البديل الأول الطبيعي للأنفاق. لقد زودت وزارة الاقتصاد بغزة الطرف المصري برؤية غزة الفنية حول المنطقة الحرة، وحول توسيع وتطوير معبر رفح، وأحسب أن لقاءات مشتركة بين الطرفين ستنضجان مشروعًا مهمًا يخدم مصالح الطرفين، ويسهم إسهامًا كبيرًا في تعزيز حالة الأمن في سيناء. مازال العمل مع قضايا المعبر وقضايا الحدود بطيئًا، ومازالت غزة تدفع ثمن هذا التباطؤ المؤلم، ولكن غزة تنظر إلى المستقبل بتفاؤل، وتنتظر الإجراءات المصرية المسئولة على طريق إنهاء المعاناة والحصار عن غزة، وأحسب أن القيادة المصرية الجديدة تمتلك تأييدًا شعبيًا واسعًا في إجراءاتها لاستعادة العلاقات الطبيعية مع غزة، وتمتلك تأييدًا عربيًا وإقليميًا يمكنه أن يساهم في دفع الأمور إلى الأمام، ولا يجدر بمصر الثورة الالتفات إلى تهديدات (إسرائيل) وتخويفاتها، فالعالم اليوم تغير، وعالم اليوم في ظل الثورات ليس كعالم الأمس الذي قاده مبارك العاجز، ورب ضارة نافعة.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.