22.46°القدس
22.16°رام الله
21.08°الخليل
26.4°غزة
22.46° القدس
رام الله22.16°
الخليل21.08°
غزة26.4°
الأحد 29 سبتمبر 2024
4.95جنيه إسترليني
5.22دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.13يورو
3.7دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.95
دينار أردني5.22
جنيه مصري0.08
يورو4.13
دولار أمريكي3.7

هل حقا يؤثر التدين على صحتنا النفسية؟

533
533
وكالات - فلسطين الآن

من المعلوم أن هناك تلازماً بين الصحة العقلية والأمراض العضوية؛ فالعديد من الدراسات أثبتت وجود آثر للتوتر النفسي على صحة كل من القلب والأوعية والجهاز الهضمي والجهاز التناسلي و غيرها من أجهزة الجسم. ومع ازدياد نسبة تشخيص الاضرابات العقلية والأمراض النفسية في كل مكان في العالم، يجري حاليا التركيز على إيجاد بدائل علاجية ووقائية بعيدة عن المعالجة الدوائية لتلك الاضرابات. وسوف اتطرق في هذا المقال لبعض الدراسات والأبحاث العلمية التي تتناول العلاقة بين الممارسات الدينية والصحة.

مؤخراً، وبالرغم من ساعات العمل الطويلة، استطعت أن أحضر ندوة حوارية أقيمت في كلية الطب-جامعة هارفرد بعنوان “الدين والطب: هل يمكن مزجهما؟”. الندوة كانت بين أربعة متحاورين يديرها أحد الأساتذة في الكلية. كان عدد الحاضرين كبيراً جداً، أكثر مما توقعه المنظمون. ولعل أكثر ما أثار اهتمامي من هذه الندوة هو عدد الدراسات الهائل الذي أجري عن هذا الموضوع، والتي عرضها أحد المتحاورين في مداخلته. وهذا إن دل على شيء، فهو يدل على أهمية علاقة الدين بالحياة، حتى في الغرب.

ففي دراسة قام بها باحثون من جامعة كلية لندن في بريطانيا، وجامعة روش في شيكاغو الأمريكية، وجدت علاقة بين ممارسة النشاطات الدينية والروحانية وانخفاض معدلات الوفيات عند الناس الأصحاء، بمقدار ١٨ بالمئة، بغض النظر عن نوع الدين (١). وهذه العلاقة وجدت أيضا في انخفاض معدلات الوفيات المتعلقة بأمراض القلب والأوعية بنسبة ٢٨ بالمئة (١). وفي دراسة أخرى من البرازيل، وجد باحثون أن هناك علاقة بين هذه الممارسات وانخفاض كل من الاكتئاب والقلق والإدمان الكحولي (٢). وبحسب باحثون برازيليون أيضاً، فإن التركيز على هذه الدراسات يأتي من الدول التالية: أمريكا وبريطانيا والهند والبرازيل وإسرائيل وإيران (٣).

ومن المثير للانتباه أن بعض الباحثين كأمثال إيرن شور من جامعة ماكجيل في منتريال، كندا والباحث ديفيد رولفز من جامعة لويزفيل في ولاية كنتاكي الأمريكية، يرون في دراستهم المنشورة في العام 2013 أن الفوائد الصحية للممارسات الدينية والروحانية قد تأتي من المشاركات الاجتماعية لهذه الممارسات، عوضاً عن الممارسات الدينية بحد ذاتها (٤)، وربما هذا ما يفسر تشجيع الأديان لممارسة العبادات بشكل جماعي.

إن إدراك الغرب لأهمية الممارسات الدينية واليوغا والتأمل على صحة الجسم، وبالتالي الرفاه الاجتماعي بشكل عام، قد فتح باب النقاش عن جدوى مناقشة هذه الأمور مع المرضى، والتي تعتبر من المحرمات في آداب الطب في الغرب. وإن الجدل في هذا الموضوع لم ولن يحسم؛ فمثلما هناك من يؤيد تناول هذه المواضيع بين الطبيب والمريض، هناك الكثير من المعارضين له خوفاً من استغلال ضعف موقف المريض وهو في حالة المرض، وبالتالي تمرير أفكار ومعتقدات معينة واستخدامها كأدوات للضغط على المريض.

إن معادلة الدين والصحة هي عبارة عن توازن دقيقة وحساس للغاية؛ فمن المؤكد من الدراسات والأبحاث أن الممارسات الدينية والروحانية - خاصة الجماعية منها - قد تترك آثراً إيجابياً على الصحة. لكن الطرف الأخر من المعادلة هو الغلو والتطرف الديني الذي قد يصل لقتل النفس أو القتل الجماعي، والذي قد يؤدي لنتائج كارثية على الصحة العامة. وإن ترجيح كفة الرفاه الصحي من هذه المعادلة في المجتمعات العربية لن يتحقق إلا بالتنسيق والتعاون بين المؤسسات الدينية والصحية جنباً إلى جنب مع المؤسسات التعليمية والإعلامية.