25°القدس
24.66°رام الله
23.86°الخليل
27.42°غزة
25° القدس
رام الله24.66°
الخليل23.86°
غزة27.42°
الأحد 29 سبتمبر 2024
4.95جنيه إسترليني
5.22دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.13يورو
3.7دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.95
دينار أردني5.22
جنيه مصري0.08
يورو4.13
دولار أمريكي3.7

عندما تصبح الخيانة وجهة نظر..

533
533
محمد أمين

لم يكن أي عربي يتصور يوما أن تتحقق نبوءة الشهيد ناجي العلي بأن تصبح "الخيانة وجهة نظر". ولعل السؤال اليوم لو كان ناجي على قيد الحياة ماذا كان سيكون رسمه الكر كتيري عن ذلك المشهد السريالي الذي وقف فيه مندوب المملكة العربية السعودية، قبلة الإسلام والمسلمين معترضا على تجريم التطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي؟ مطالبا زملائه ممثلي البرلمانيات العربية بعدم ادراج هذا البند في بيان مؤتمرهم؟ هل كان هذا حلم أم علم؟

ثلاث نقاط بالغة الأهمية ينبغي الالتفات لها في تلك الواقعة، الأولى هي دلالات هذا التحول الخطير في موقف الرياض التقليدي تجاه القضية الفلسطينية، والذي تحول من داعم لفلسطين وقضيتها شعبيا ورسميا، معتبرا المسجد الأقصى أحد أركان الدين قبل السياسة، إلى عراب للتطبيع مع المحتل من خلال تشويه صورة المقاومة الفلسطينية والفلسطينيين عبر إعلام منعدم الضمير والثقافة قبل المهنية، يلقى للأسف مباركة العهد الجديد في السعودية.

 الأمر الثاني بالغ الأهمية هو ذلك الموقف الصلب لرئيسي البرلمانين الكويتي والأردني، فالمملكة الأردنية الهاشمية ودولة الكويت رغم كل الضغوط صمدا ويجب القول إنهما باتتا معبرتين عن الضمير الشعبي العربي الذي يحاول رئيس مجلس الشورى السعودي السيد عبد الله آل الشيخ، الذي يرأس قريبه هيئة الترفيه، الترفيه الذي بات برنامجا سياسيا للعهد الجديد تتراجع أمامه الأولويات الأخرى.

الأمر الثالث هو أن قضية فلسطين هي ركيزة في الوعي الشعبي العربي، وأن محالات الأنظمة تجريف الذاكرة العربية ستبوء بالفشل، وهذا باعتراف نتنياهو الذي قال أنّ الزعماء العرب ليسوا عائقاً أمام توسيع علاقات "إسرائيل" مع جيرانها من الدول العربية، وإنما الحاجز الذي تصطدم فيه "إسرائيل" وتخشاه دائماً هو الشعوب العربية والرأي العام العربي. واعتبر نتنياهو في كلمة سابقة له أمام "الكنيست" الصهيوني أنّ "العقبة الكبرى أمام توسيع السلام لا تعود إلى قادة الدول حولنا، وإنما إلى الرأي العام السائد في الشارع العربي".

تقديري أن عملية الهرولة الرسمية الحالية تجاه إسرائيل هي ظاهرة لم تفضي لشيء، وإنما تعكس سياسات مراهقة تنم عن ضعف الخبرة السياسية للقادة الجدد في المنطقة وضحالة ثقافتهم، لأن قراءة سريعة للتاريخ ستكشف لهم أن كل من راهن على إسرائيل ورضاها رحل دون أن تتمكن تل أبيب من حمايته، كما أن من المستغرب استمرار حكامنا في الاعتقاد بأن شرعية الحكم تستقى من الخارج، فضلا عن أن تستجلب من إسرائيل.

وأخيرا على الشعوب العربية أن تعيد وتردد ما قاله رئيس البرلمان الكويتي المناضل مرزوق الغانم: "مجرد الحديث عن التطبيع والتسويق لهذا الموضوع يجب أن نصنفه في خانة الحرام السياسي والممنوع الأخلاقي". وأن نقول بصوت واحد: "لا للتطبيع مع محتل، مع قتلة الأطفال ومغتصب الأرض، لا للتطبيع لا للتطبيع، لأنه عنوان فاضح للاستسلام والخنوع".