قللت الهند من مخاوف تجريدها من مزايا التجارية التفضيلية للوصول إلى السوق الأمريكية، مشيرة إلى أن هذه الخطوة لن تخاطر بزيادة حدة التوترات التجارية بين البلدين.
وكان الممثل التجاري الأمريكي قد ذكر أن واشنطن بصدد تجريد كل من الهند وتركيا من صفة الدولة الأولى بمزايا التجارة التفضيلية :"بلدان ناميان مستفيدان" بموجب نظام الأفضليات المعمم في واشنطن GSP، الذي يوفر لكثير من الاقتصادات منخفضة الدخل والصاعدة، إمكانية تصدير سلع إلى السوق الأمريكية وهي معفاة من الرسوم الجمركية.
فضلا عن ذلك، ووفقا لمراجعة الممثل التجاري الأمريكي، فشلت نيودلهي في ضمان وصول الولايات المتحدة إلى السوق "على نحو منصف ومعقول".
وقالت المراجعة: "أقامت الهند مجموعة واسعة من الحواجز التجارية التي توجد آثارا سلبية خطيرة في تجارة الولايات المتحدة. وعلى الرغم من المناقشات المكثفة، فشلت الهند في اتخاذ الخطوات اللازمة للوفاء بمعيار نظام الأفضليات المعمم".
على أن المسؤولين الهنود قللوا من أهمية الخطوة الأمريكية. وقال أنوب وادهاوان، وهو مسؤول كبير في وزارة التجارة الهندية، إن فوائد نظام الأفضليات المعمم للمصدرين الهنود صغيرة عندما تقارن بحجم التجارة الكلي ما بين البلدين. وقال للصحافيين في نيودلهي: "بلغ مجموع مزايا نظام الأفضليات المعمم لدينا 190 مليون دولار على صادرات بقيمة 5.6 مليار دولار. لذا فإن الفوائد، سواء بالمعنى المطلق أو كنسبة مئوية من التجارة المتداولة، ضئيلة للغاية ومعتدلة".
دعم تشاك جراسلي من ولاية أيوا، رئيس اللجنة المالية في مجلس الشيوخ، قرار الإدارة وقال: "لم تشارك الحكومة الهندية بما فيه الكفاية لمعالجة مشكلات الوصول إلى السوق. من أجل كثير من الأمريكيين والهنود الذين يعتمدون على مزايا نظام الأفضليات المعمم، آمل أن تعمل الهند على معالجة هذه المخاوف المشروعة بسرعة".
وكانت التوترات التجارية بين واشنطن ونيودلهي قد زادت خلال العام الماضي مع غضب مجتمع الأعمال الأمريكي من مجموعة من السياسات الجمركية والتنظيمية، التي أضرت بآفاقها في السوق الهندية.
كانت الهند المستفيد الأكبر من برنامج نظام الأفضليات المعمم للولايات المتحدة. في عام 2017، بلغت صادراتها المعفاة من الرسوم الجمركية إلى الولايات المتحدة بموجب نظام الأفضليات المعمم نحو 5.6 مليار دولار، أو ما يزيد قليلا على 11 في المائة، وهو ما يعادل 48 مليار دولار من البضائع التي تم تصديرها إلى الولايات المتحدة، في ذلك العام.
أطلقت واشنطن مراجعة لميزات التجارة التفضيلية الهندية في نيسان (أبريل) 2018، تشكو فيها من أن نيودلهي لم تفتح سوقها بما فيه الكفاية لتبرير الوصول المعفى من الرسوم الجمركية إلى الولايات المتحدة.
إيمي هارياني، نائبة رئيس مجلس الأعمال الأمريكي الهندي في غرفة التجارة الأمريكية في واشنطن، قالت إنه في حين أن البلدين يحتاجان إلى معالجة بعض "القضايا التجارية المهمة للغاية"، إلا أن إلغاء تفضيلات نظام الأفضليات المعمم قد يؤدي إلى نتائج عكسية.
وقالت السيدة هارياني: "هذا يجعل التقدم أكثر صعوبة بعض الشيء. نحن نحث الإدارة على أن تتدبر المسألة وربما إعطاء الأمر مزيدا من الوقت للتفاوض".
إحباط واشنطن من السياسات التجارية الهندية ظهرت آثاره في هجوم متكرر على الهند بسبب الرسوم الجمركية المرتفعة على الدراجات النارية الأمريكية هارلي - ديفيدسون.
"الهند أمة ذات رسوم جمركية عالية جدا. هم يفرضون علينا رسوما كبيرة. عندما نرسل دراجة نارية إلى الهند، توضع عليها رسوم جمركية بنسبة 100 في المائة. عندما ترسل الهند دراجة نارية إلينا، فإننا بكل ذكاء لا نفرض عليها أية رسوم" وفقا للممثل التجاري الأمريكي.
الإحباط من الهند واسع الانتشار بين الشركات الأمريكية. في العام الماضي، زادت الهند رسوم الاستيراد على مجموعة واسعة من السلع كجزء من حملة رئيس الوزراء الهندي نارندرا مودي لتشجيع التصنيع المحلي، ما أضر بشركات مثل أبل وفورد.
وتشكل الضوابط السعرية التي تفرضها الهند على الأدوية والأجهزة الطبية، مثل الدعامات القلبية، وسياساتها المتعلقة بالملكية الفكرية، مصدرا مهما آخر للاحتكاك، مثلما هي قيود نيودلهي المتقلبة على واردات السلع الزراعية.
جلبت الأشهر الأخيرة أيضا مشاكل إلى شركتي وولمارت وأمازون، اللتين استثمرتا مليارات الدولارات في التجارة الإلكترونية الهندية. قامت نيودلهي في الشهر الماضي بإصلاح قوانينها كوسيلة لإعطاء ميزة أكبر للاعبين المحليين الكبار، مثل شركة جيو التابعة لـ"موكيش أمباني".
كذلك أزيلت مكانة تركيا من القائمة التفضيلية لأن اقتصادها أصبح الآن "متطورا اقتصاديا بما فيه الكفاية"، بسبب "الزيادة في حصة الفرد من الدخل القومي الإجمالي، وتراجع معدلات الفقر وتنويع الصادرات"، حسبما قال الممثل التجاري الأمريكي.
يأتي هذا القرار في وقت هش للاقتصاد التركي، الذي عانى تباطؤا حادا في النمو بعد أزمة الليرة في العام الماضي.
أعلن الممثل التجاري الأمريكي لأول مرة عن مراجعة لمشاركة تركيا في البرنامج في آب (أغسطس) الماضي، في أعقاب الانهيار المؤلم في الليرة التركية.
من جهتها، أعربت روهسار بيكان، وزيرة التجارة التركية عن استغراب أنقرة من الخطوة الأمريكية في تغريدة: "لسوء الحظ، يتعارض هذا القرار مع هدفنا المشترك المتمثل في الوصول إلى حجم تجارة ثنائي بقيمة 75 مليار دولار أعلنته الحكومتان. كما أن القرار سيؤثر سلبا في الشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات المصنعة في الولايات المتحدة".
لن يؤثر إلغاء مكانة تركيا إلا على جزء صغير من صادرات البلاد. استوردت الولايات المتحدة 1.66 مليار دولار من تركيا في إطار البرنامج في عام 2017، وذلك وفقا لأرقام مكتب الممثل التجاري الأمريكي، في حين بلغ إجمالي الصادرات التركية في تلك السنة 157 مليار دولار.
لن تدخل التغييرات حيز التنفيذ إلا بعد مرور 60 يوما على الأقل من إرسال الإشعارات إلى الكونجرس الأمريكي وحكومتي الهند وتركيا، وبالتالي لا يزال هناك مجال للمفاوضات.