في محاولةٍ فاشلة لإحداث حالة من الفوضى في قطاع غزة، وسعيًا لبث الفرقة في صفوف أبناء الشعب الفلسطيني المحاصر، خرجت بعض "الأصوات المشبوهة" خلال اليومين الماضيين تحرّض على المقاومة الفلسطينية في غزة، مستغلة الأوضاع المعيشية الصعبة التي وصل إليها القطاع بفعل الحصار الإسرائيلي الخانق، وعقوبات السلطة الإجرامية التي طالت كافة مناحي الحياة.
وفي صورةٍ تتساوق مع رغبة الاحتلال الإسرائيلي، عمدت بعض قيادات السلطة وحركة "فتح" في الضفة الغربية المحتلة من خلال تصريحاتها التحريضية، إلى توجيه عناصرها في قطاع غزة للنزول إلى الشوارع لإحداث حالة من الفوضى، والاعتداء على الممتلكات العامة تحت شعارات مضللة.
هذه المآرب التي فشلت السلطة في تحقيقها بغزة، تقاطعت مع الرؤية الإسرائيلية الجامحة، حيث سارعت عدة جهات إسرائيلية إلى مباركة الأحداث في غزة مؤكدة أنها تصبّ في مصلحة "إسرائيل".
"فلسطين الآن" رصدت إليكم بعض التصريحات المتقاطعة لقيادات من حركة "فتح" ومسؤولين إسرائيليين، في التحريض على الفوضى والفلتان الأمني بغزة.
تساوقٌ مشبوه
عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" عزام الأحمد حرّض مرارًا وتكرارًا على قطاع غزة، داعيًا إلى فرض العقوبات عليه، وإعلانه "إقليمًا متمردًا".
وقال الأحمد في تصريحات متعددة "إذا استطعتم قطع الهواء عن قطاع غزة فاقطعوه"، مشبهًا غزة بـ"الطائرة المخطوفة".
من جهته علّق وزير الاقتصاد الإسرائيلي إيلي كوهين على الأحداث بغزة قائلًا: "إن الإطاحة بنظام حماس كما هو مصلحة لسكان غزة لا يقل عن أنه مصلحة لإسرائيل".
وأضاف "لأن أولئك الذين أخذوا أموال الفلسطينيين وبدلًا من صرفها على العلاج استخدموها في الأنفاق، الآن هم يدفعون الثمن" على حد زعمه.
واستمرارًا لمسلسل التحريض، توّعد عضو مركزية "فتح" حسين الشيخ، قطاع غزة مزيد من العقوبات، وقال: "أي قرار يمكن أن يحاصر حماس سنتخذه بلا تردد".
عضو الكنيست الإسرائيلي موتي يوغيف اتفق مع تصريحات الشيخ قائلًا: "أشد على أيدي سكان قطاع غزة الذين يحتجون على منظمة حماس".
وتابع "على أمل أن نساعد في يوم من الأيام في تدمير قادة حماس والمنظمات الإرهابية الأخرى وفي إنشاء قيادة مدنية ستنشأ في قطاع غزة وتحولها إلى منطقة متنامية ومجددة ومزدهرة".
أما الكاتبة والمحللة الإسرائيلية شمريت مئير، فقد أكدت أن الافتراض السائد هو أن "إسرائيل" راضية عن الاحتجاجات في غزة.
وقالت: "هذا يضع حماس في الوضع الذي نرغبه، إذا تطور هذا إلى حدث ينتهي بإسقاط النظام - إما ستكون هناك فوضى أو أبو مازن سيتولى السيطرة على غزة، وبعدها ستعود حماس إلى 100% عسكر خالية من المسؤولية المدنية".
حماس تعلّق
في السياق أكد الناطق باسم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عبد اللطيف القانوع، أن تصريحات قيادات "فتح" وناطقيها اتفقت مع تغريدات الناطقين في دولة الاحتلال في استغلال معاناة الناس ومطالبهم ولإحداث فوضى وفلتان في غزة.
وأضاف القانوع في تصريح صحفي، بأن حالة الوعي لدى شعبنا أفشلت مخططاتهم.
وأشار إلى أن حركة "حماس" تعمل على فكفكة الأزمات ومساندة شعبنا في المقابل لا يزال فريق السلطة يواصل الضغط على غزة وخنقها.
مسيراتٌ حاشدة
وكانت مسيرات حاشدة قد جابت شوارع قطاع غزة يوم أمس، دعمًا للمقاومة ورفضًا للعقوبات التي تفرضها السلطة، والتي أدت إلى مفاقمة الأوضاع الاقتصادية في القطاع.
ورفع المشاركون لافتات تندد بقطع السلطة لرواتب الموظفين ومخصصات الشهداء والأسرى، محملين رئيس السلطة محمود عباس مسؤولية تردي الأوضاع الاقتصادية في القطاع.
كما ردّد المشاركون هتافات غاضبة، طالبوا خلالها برفع العقوبات عن غزة، معتبرين أنها تتقاطع مع الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ ما يزيد عن 12 عامًا.
ومنذ أبريل 2017 الماضي تفرض السلطة الفلسطينية في رام الله عقوبات على قطاع غزة تمثلت في خصم رواتب الموظفين، وقطع مخصصات الشهداء والأسرى، إضافة لتقليص الأدوية الواردة لغزة من رام الله، وتقليص حصة غزة من تحويلات علاج المرضى في الخارج.
وقبل نحو شهرين، فوجئ آلاف من الموظفين وذوي الشهداء والجرحى والأسرى في قطاع غزة بقطع السلطة رواتبهم دون سابق إنذار أو مبرر، الأمر الذي استهجنته الفصائل والفعاليات الشعبية.