17.46°القدس
17.14°رام الله
16.08°الخليل
23.2°غزة
17.46° القدس
رام الله17.14°
الخليل16.08°
غزة23.2°
الخميس 03 أكتوبر 2024
5.01جنيه إسترليني
5.33دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.17يورو
3.78دولار أمريكي
جنيه إسترليني5.01
دينار أردني5.33
جنيه مصري0.08
يورو4.17
دولار أمريكي3.78

كيف تقرأ تصريحات عباس؟

حازم عياد
حازم عياد
حازم عياد

كشف الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن خطوة تقدم بها عبر ممثله الى الجامعة العربية تتضمن طلبا تقدم به الى عدد من الدول العربية لتقديم «قرض حسن» او «دين» بقيمة 100 مليون دولار سيتم سدادها بمجرد افراج الكيان الاسرائيلي عن مستحقات السلطة في رام الله.

التصريحات جاءت اثناء اجتماعه بحكومة محمد اشتية في رام الله يوم امس والكشف عن الخطوة جاء بحسب ما تظهر التسجيلات «عرضا» دون قصد؛ اذ انه لم يكن يعلم بالبث المباشر لواقع الجلسة بحسب ما يظهر التسجيل.

المبادرة او المقترح يمثل مخرجا معقولا للسلطة الى حين الاتفاق مع قادة الكيان الاسرائيلي، خصوصا بعد ان سربت الصحافة الاسرائيلية رغبة نتنياهو في تقديم ما يقارب 600 مليون شيكل لإنقاذ السلطة من الانهيار بحسب زعم الصحافة الاسرائيلية؛ هاجس قوي يحاول من خلاله نتنياهو اقناع اليمين بالمقترح مستبقا بذلك الاعلان عن صفقة القرن؛ تسريب الصحافة الاسرائيلية لا يختلف عن التسريب الذي نقل مباشرة من جلسة مجلس الوزراء في رام الله.

انهيار السلطة هاجس وخطر يتهدد الكيان الاسرائيلي بحسب الصحافة الاسرائيلية وفي ظرف اقليمي ومحلي حساس؛ يفاقمه تعنت محمود عباس ورفضه للقيمة المالية المعلن عنها اسرائيليا لذات الاسباب المحلية والاقليمية؛ فإما ان تدفع كاملة او انه سيستنكف عن قبولها؛ فقبولها سيدخله على الارجح في حرج كبير؛ كما ان تنازل نتنياهو عن شروطه وصيغته لتقديم المستحقات المالية سيحرجه امام الاحزاب الاسرائيلية خصوصا اليمينية التي يفاوضها على تشكيل الكابينت الجديد؛ امر يحد من قدرته على المناورة واتخاذ قرار حاسم في هذا الملف الى حين تشكيل الكابينت؛ في حين ان عباس ينتظر مخرجات الاعلان عن صفقة القرن وغير معني بتقديم أي تنازلات تزيد من حدة الاحتقان الشعبي على السلطة في رام الله.

تبدو خطوة ذكية ورسالة موجهة الى الدول العربية لإنقاذ الموقف ومن الممكن انها تمثل مخرجا لكل من نتنياهو والرئيس محمود عباس؛ غير ان الامر لا زال بيد الاطراف العربية التي باتت هي ايضا محرجة بعد البث المباشر المنقول من رام الله والذي تداولته وسائل الاعلام الدولية والعربية.

تبدو خطوة ذكية ان صحت القراءة؛ وشراء جيد للوقت خصوصا ان الرئيس عباس قدم ضمانات تؤكد ثقته بأن نتنياهو وحكومته ستدفع ما عليها بطريقته لا بطريقتها؛ ولعلها ضمانات قدمها نتنياهو في حال تشكيل حكومته بعد ان اجتمع وزير ماليته موشيه كحالون بحسين الشيخ عضو اللجنة المركزية في حركة فتح مؤخرا لمناقشة الملف المتعلق بالمستحقات المالية للسلطة.

تصريحات الرئيس محمود عباس تبدو وكأنها مبادرة جديدة تقابلها مبادرة اسماعيل هنية بتشكيل هيئة وطنية عليا لمواجهة صفقة القرن؛ فالرئيس عباس عاد ليؤكد مفاوضات القاهرة ومضامين الورقة المصرية مؤكدا موقفه من سلاح المقاومة؛ مسألة عالجها تحت عنوان مليشيات داخل الدولة فهي مبادرة لم يتفاعل معها متمسكا بالمربع الذي يقف عليه؛ فمحمود عباس تعامل ببرود مع تصريحات كوشنير الخاصة بالاعلان عن موعد الكشف عن صفقة القرن معتبرا ان الصفقة تمت ولا اهمية للإعلان عنها؛ وبذلك فإن جل تركيز الرئيس وحكومته الان ينصب على المستحقات المالية والتعامل مع المرحلة الانتقالية التي يتعامل معها الكيان والضفة الغربية بسبب مفاوضات تشكيل الحكومة الاسرائيلية وبسبب الظرف الدقيق التي تعيشه الضفة

الغربية والمنطقة.

الرئيس عباس قدم مخرجا ذكيا لأزمة السلطة في رام الله ينقذها من الانهيار؛ ولكنه لم يقدم مخرجا مماثلا للانقسام الفلسطيني بذات الكفاءة والدهاء؛ نتيجة تملي قراءة لتسريبات الخطاب المباشر؛ خصوصا انها جاءت بعد اجتماع كحالون بالشيخ.

في كل الاحوال فإن النتائج المترتبة على هذا الخطأ غير المقصود ستتفاعل بذات المسار على الارجح اذ ستوسع هامش المناورة لحكومة اشتية وللرئيس في التعامل مع ازمته المالية ومع استحقاقات الاعلان عن صفقة القرن والدعوات الموازية لتشكيل جبهة موحدة فلسطينيا.