أطلقت المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة ما يقارب 150 صاروخا خلال نصف ساعة ردا على الاعتداءات الاسرائيلية على المشاركين في مسيرات العودة، في المقابل عقد نتنياهو اجتماعين في مقر وزارة الدفاع الاسرائيلية لتقييم الموقف ما يؤكد حالة العجز والارتباك الاسرائيلي؛ فنتنياهو لا زال يخوض ماراثونا طويلا لتشكيل حكومته مع قادة احزاب اليمين الاسرائيلي، ويعد المناخ الداخلي للتعامل مع صفقة القرن الاسرائيلية.
المواجهة مع قطاع غزة تعقد حسابات نتنياهو واليمين وتتحول شيئا فشيئا الى احد المدخلات المهمة في حسابات تشكيل الحكومة الاسرائيلية وفي حسابات الادارة الامريكية التي تعد للإعلان عن صفقة القرن؛ فغزة قادرة على ارباك المشهد الاقليمي بالكامل والحسابات السياسية لكافة القوى والاطراف الفاعلة في المنطقة العربية.
التصعيد خلال شهر رمضان بات متوقعا، ومن الممكن ان يؤسس بدوره لمرحلة جديدة فحكومة نتنياهو المتوقعة ستبقى ضعيفة وخاضعة لتوازنات دقيقة بين الاحزاب اليمينة وعلى رأسها حزب ليبرمان (اسرائيل بيتنا) الذي يملك 5 مقاعد في الكنيست، ويخوض معركة مع الاحزاب الدينية الحريدية وعلى رأسها شاس وحزب يهودات هتوارة بدعوته لاشتراط إلزام المتدينين بالتجنيد الاجباري.
المواجهة الاخيرة في غزة تذكر نتنياهو بهشاشة حكومته المقبلة وسهولة تعرضها للعطب؛ اذ انها ليست مفتاحا لصفقة القرن بل نقطة ضعف كامنة، كما انها تذكر الولايات المتحدة الامريكية ان صفقة القرن المقترحة لن تغير شيئا على ارض الواقع في فلسطين، ولن تجلب للولايات المتحدة الا مزيدا من المشاكل والازمات التي ستمتد على مساحة واسعة من العالم الاسلامي بل والغربي؛ فالقدرة على فرضها امر غاية في الصعوبة فشروط تحققها وتمريرها غير متوافرة سواء في الساحة الفلسطينية ام الصهيونية ام الاقليمية والدولية.
فالادارة الامريكية ونتنياهو ومن خلفهم انصار التوجهات التطبيعية في المنطقة العربية تعاني في معسكرها من سرعة المتغيرات وصعوبة فرض ارادتها على كافة اللاعبين السياسيين في المنطقة، وتواجه مزيدا من التحديات في العديد من البؤر الساخنة تمتد من كوريا الشمالية الى فنزويلا.
في المحصلة النهائية، فإن 150 صاروخا في اقل من ساعة تعني امكانية مواجهة الآلاف من الصواريخ في الايام القليلة القادمة في حال قرر نتنياهو التوسع في عدوانه؛ ما يجعل من غزة معضلة كبيرة يصعب تجاوزها فضلا عن كونها محفزا لكافة الاطراف الاقليمية لإعادة تقييم السياسة الامريكية والصهيونية في المنطقة بطريقة ترفع الكلف على الولايات المتحدة الامريكية وتربك ادواتها السياسية والدبلوماسية.
