يعتبر التوهم المرضي (Hypochondriasis) من الاضطرابات النفسية التي يعاني فيها المصاب من وساوس تستحوذ على تفكيره وتشغله دوما بفكرة إصابته بمرض خطير أو مهدد للحياة لم يتم تشخيصه بعد.
ويتسبب ذلك في الشعور بقلق بالغ يستمر لأشهر عدة أو أكثر على الرغم من عدم وجود دليل طبي واضح يثبت أن هذا الشخص يعاني من مشكلة صحية خطيرة.
وأوضحت يوليا شارنهورست -من الرابطة الألمانية للأطباء النفسيين- أن هناك صورا كثيرة للتوهم المرضي، ولكن تتمثل الحالة التقليدية في أن يكون للشخص مريض ما في دائرة معارفه مصاب بمرض خطير أو أنه قد تعرض للموت، وتظهر على هذا الشخص أعراض مرضية مماثلة للمتوفى.
من جانبها، أوضحت رئيسة الجمعية الألمانية للطب النفسي والعلاج النفسي كريستا روت زاكنهايم أنه في مثل هذه الحالات أو المواقف المشابهة ينبغي إجراء فحص واقعي مشترك بين أفراد العائلة والأصدقاء، والتحقق مما إذا كانت هناك عوامل خطورة فعلا أو وجود عوامل وراثية مسبقة.
وعندما يتحدث أفراد العائلة بصراحة عن المشاعر والمخاوف فإن ذلك يكون له تأثير وقائي أيضا، علاوة على أن إجراءات، مثل الاسترخاء التدريجي للعضلات واليوغا والتدريب الذاتي يمكن أن تساعد في السيطرة على مخاوف المرض غير الضارة.
وبالنسبة للشخص الذي يعاني من اضطراب التوهم المرضي، سيكون من الصعب عليه اكتشاف الأعراض بنفسه، لأنه يخشى بالفعل من الموت بسبب الإصابة بالسرطان أو أمراض القلب.
أعراض غير محددة
بدوره، قال اختصاصي الطب النفسي الجسدي سيفين شتيفس هوليندر إن "الكثير من هذه الأمراض تبدأ بأعراض غير محددة، والتي قد تظهر أيضا بسبب الضغط والتوتر العصبي".
وتشمل هذه الأعراض اضطرابات الرؤية والدوار وآلام الصدر والبطن والغثيان، وبدلا من إرجاع هذه الأعراض إلى الإجهاد والتوتر وغيرهما من الأسباب العابرة وغير الخطيرة يقوم المصاب بتفسيرها على أنها أعراض مميتة، وتابع الطبيب الألماني قائلا "يدور التفكير باستمرار حول سلامة الجسم وصحته".
وأكدت زاكنهايم أن المريض يحرص على زيارة الطبيب بصورة متكررة من أجل السيطرة على حالته، غير أن هذه الزيارات لا تطمئن المريض، فيبحث عن أطباء آخرين، وقد يلجأ بعض المرضى إلى إجراء فحوصات غير مريحة أو مؤلمة دون الحاجة إليها.
وأضافت شارنهورست أن شبكة الإنترنت تعتبر لعنة أكثر من كونها نعمة مع هذه الحالات، حيث يتعرف المرء على الأعراض والأمراض النادرة بواسطة نقرات عدة على الفأرة، ودائما ما يحاول المرضى البحث عن نماذج توضيحية لأعراضهم المرضية، ويرغبون دائما في إثبات شدة الأعراض المرضية.
وأوضحت زاكنهايم أنه يتم تجنب الأعباء حتى لا تزداد الحالة المرضية سوءا، وأضافت "لا يتمكن الكثيرون من التركيز في المهام اليومية العادية، وفي أسوأ الحالات يصبحون غير قادرين على العمل".
العلاج السلوكي
ويمكن علاج مثل هذه الحالات بواسطة مضادات الاكتئاب أو العلاج السلوكي الذي يتعلم فيه المرء كيفية التعامل مع أعراض الخوف والقلق بصورة جيدة.
وأوضح هوليندر أن أفراد الأسرة والأقارب غالبا ما يشاركون في العلاج السلوكي، حيث يتم البحث عن نموذج توضيحي مشترك، والاستفسار عما إذا كان الآباء يعانون من القلق المفرط بشأن صحتهم والأعراض الجسدية.
ويساعد العلاج السلوكي في العثور على تفسيرات بديلة لتوهم المرض وليس زيارة الطبيب في كل مرة، كما يمكن للتمارين الرياضية أن تكون جزءا من استعادة الثقة في الجسم والتخلص من المخاوف المرضية.