12.23°القدس
11.99°رام الله
11.08°الخليل
15.77°غزة
12.23° القدس
رام الله11.99°
الخليل11.08°
غزة15.77°
الثلاثاء 24 ديسمبر 2024
4.59جنيه إسترليني
5.17دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.81يورو
3.66دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.59
دينار أردني5.17
جنيه مصري0.07
يورو3.81
دولار أمريكي3.66

خبر: أسئلة ما جرى فى سيناء

لدى ثلاث ملاحظات على ما أعلنه المتحدث الرسمى باسم القوات المسلحة، فى المؤتمر الصحفى الذى عقده أمس الأول (السبت 8/9). الأولى أنه لم يشر من قريب أو بعيد إلى دور للفلسطينيين فى جريمة قتل الستة عشر عنصرا من رجال القوات المسلحة فى رفح. وهى التهمة التى سارعت بعض الأبواق الإعلامية إلى نسبتها إليهم، بدعوى أن الذين فعلوها «إرهابيون» تسربوا عبر الأنفاق من قطاع غزة الذى تسيطر عليه حركة حماس. وهذا الموقف له دلالتان، فمن ناحية هو يعتبر موقفا أكثر اعتدالا ونزاهة، يتجاوز الخصومة التقليدية التى تبناها النظام السابق إزاء إدارة قطاع غزة. وهى التى شجعت الأجهزة الأمنية على المسارعة إلى اتهام الغزاويين فى كل جريمة تقع على الأراضى المصرية ضمن أجواء التعبئة ضدهم وإيغار صدور المصريين إزاءهم. وقد شهدنا ذلك فى اتهام الفلسطينيين فى الاعتداء على كنيسة القديسين بالإسكندرية، وفى الادعاء بمسئوليتهم عن فتح السجون المصرية وإطلاق النار على المتظاهرين إبان الثورة، وفى التسريبات المستمرة التى ما برحت تتحدث عن تسلل إرهابيين عبر الأنفاق لتهديد الأمن المصرى وإشاعة التخريب والفوضى فى البلاد. من ناحية ثانية، فإن ذلك التوجه النزيه يفضح مواقف المنابر الإعلامية وأصحاب الأقلام الذين يخاطبون الرأى العام بلغة النظام السابق. أعنى لغة التحريض والإيهام بأن غزة والسلطة القائمة على أمرها هناك تمثل تهديدا دائما للبلد، وأن مشكلتها الحقيقية هى مع مصر وليس (إسرائيل). الملاحظة الثانية على كلام المتحدث باسم القوات المسلحة العقيد أحمد محمد على تتعلق بقوله أن العمليات العسكرية فى سيناء تمت على مرحلتين الأولى بدأت فى السابع من أغسطس الماضى واستهدفت وقف التدهور الأمنى هناك. وتضمنت الدفع بتعزيزات عسكرية من القوات البرية والجوية فى منطقتى «ب» و«ج» لدعم نقاط التأمين المنتشرة على الحدود وتنظيم دوريات فى عمق سيناء بدعم جوى وبحرى. أما المرحلة الثانية فقد بدأت يوم 31 أغسطس ولاتزال مستمرة، وهى تستهدف استعادة الأمن وتعزيز قدرة الشرطة المدنية للعمل بكفاءة. أى متابع لمجرى العمليات فى سيناء، خصوصا لأصدائها فى (إسرائيل)، يعلم جيدا أن مصر حين دفعت بقواتها إلى سيناء عقب جريمة قتل رجال القوات المسلحة كان همها تطويق الحادث بسرعة. الأمر الذى جعلها تتجاوز بصورة نسبية عن بعض القيود التى فرضها عليها الملحق الأمنى لاتفاقية السلام مع (إسرائيل). منها ما تمثل فى إدخال الدبابات مثلا إلى منطقتى «ب» و«ج». وهو ما سكتت عليه (إسرائيل) حينذاك ربما إدراكا منها لخصوصية الظرف الطارئ الذى حل. لكن سكوتها لم يستمر طويلا، لأنه ما إن هدأت الأحوال نسبيا حتى ارتفعت بعض الأصوات هناك مطالبة بسحب الدبابات المصرية. وحسبما ذكرت الصحف الإسرائيلية فإن ذلك تم فى هدوء بعد الاتصالات التى تمت بين الجانبين. وبدا كأن الموضوع طويت صفحته وأن الأمور ستعود إلى ما كانت عليه بعد ذلك. المشهد من هذه الزاوية يثير الاستغراب، لأن التجربة العملية أثبتت أن غياب الحضور الأمنى عن شبه جزيرة سيناء حولها إلى بؤرة لأنشطة متعددة، فاخترقتها مجموعات تكفيرية متطرفة وتعددت فيها عصابات تهريب المخدرات وتهريب الأفراد وتهريب المسروقات (السيارات خاصة). وهذه الفوضى هيأت مناخا مواتيا لإحداث اختراقات من جانب الموساد الإسرائيلى مكنتها من تجنيد بعض العملاء ــ الخلاصة أن التجربة أثبتت أن ضعف الوجود الأمنى المصرى يكمن وراء ذلك الانفلات الذى أصبح يمثل تهديدا حقيقيا للأمن المصرى، الأمر الذى كان لابد أن يثير انتباه وقلق السلطات المصرية التى بدت طوال السنوات الماضية عاجزة عن أن تبسط سلطانها كما ينبغى على سيناء. إزاء ذلك فإن المرء لا يستطيع أن يخفى شعوره بالدهشة إزاء السكوت المصرى على الملحق الأمنى فى اتفاقية السلام دون أية مطالبة بتعديله، بعدما خلق أوضاعا خطيرة صارت مهددة للأمن المصرى، وهو ما يدعونى إلى طرح السؤال التالى: إن لم يكن ما جرى مبررا لتعديل الملحق، فكم مصريا ينبغى أن يقتلوا كى يتم تعديله؟ من ناحية أخرى، فإن ذلك الانسحاب يثير أكثر من سؤال حول الجهد الذى بذل لمراقبة الأوضاع فى سيناء، ورصد الأنشطة المختلفة التى تشكل تهديدا للأمن المصرى من خلال شبكة الاتصالات ونقاط المراقبة الداخلية، خصوصا أن الأمن المنشود لا يتحقق بالوجود العسكرى المؤقت وحده. الملاحظة الثالثة أننا لم نفهم بالضبط دور (إسرائيل) فى العملية، ذلك أن المتحدث باسم القوات المسلحة ذكر انه كان هناك تنسيق كامل مع إسرائيل فى العمليات العسكرية، لكنه قال أيضا إن ما يتم داخل سيناء يتم دون معاونة من دولة أخرى (طبقا للنص الذى نشره الأهرام فى 9/9) ــ وهو كلام يبدو محيرا ومتناقضا يحتاج إلى تصويب وتوضيح يطمئننا ويعزز ثقتنا فيما جرى.