12.23°القدس
11.99°رام الله
11.08°الخليل
15.77°غزة
12.23° القدس
رام الله11.99°
الخليل11.08°
غزة15.77°
الثلاثاء 24 ديسمبر 2024
4.59جنيه إسترليني
5.17دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.81يورو
3.66دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.59
دينار أردني5.17
جنيه مصري0.07
يورو3.81
دولار أمريكي3.66

خبر: كتائب القسام إذ تعرفها كل الأرض

شاءت إرادة المولى عز وجل أن أقضى العشر الأواخر من رمضان في رحاب مكة المكرمة وبيت الله الحرام، ولعل أكثر اللحظات التي شعرت فيها بالسعادة حين كنت أتبادل الحديث مع إخوة مسلمين من بلاد المشرق والمغرب، يسألونني عن فلسطين والقدس وغزة ، كنت أجيبهم بما يرفع معنوياتهم ويطمئن قلوبهم ويحرضهم على العمل لنصرة جهاد الشعب الفلسطيني ضد عصابات اليهود المعتدين، ولعل أشد لحظات سعادتي يوم أن جمعني القدر بأحد المسلمين من دولة نيجيريا، كان لقائي معه ليلة الخامس والعشرين من رمضان، ، بدأ حديثه معي بسؤالي عن بلدتي، وكانت المفاجأة حين أخبرته أنني من فلسطين، لقد كاد الرجل يطير فرحا ، فسارع لمصافحتي من جديد وكاد أن يقوم من مكانه ليقبل رأسي، هذا الموقف تكرر معي ومع زملائي كثيرا في رحلتنا في بلاد الحرمين، لقد وجدنا مشاعر دافئة وحنينا عميقا لفلسطين ، وبعد المصافحة والتعبير عن سعادته بلقائي أخذ الأخ النيجيري يحدثني عن حبه لفلسطين، وحلمه بزيارة غزة والقدس والصلاة في الأقصى، سألته عن نفسه وعمله وعن حال المسلمين في بلدته ومدى اهتمامهم بقضية فلسطين، أخبرني أنه يعمل في تصميم الجسور والطرق السريعة في إحدى شركات الإعمار في نيجيريا فهو مهندس مدني وهذا ما وطّد العلاقة بيننا كونه وجد عاملاً مشتركاً آخراً بيني وبينه. ثم حدثني عن مدى الحب الذي يكنه أهل نيجيريا لفلسطين، ودعائهم لمجاهديها، ووصف لي كيف سيطر الحزن والغضب عليهم وهم يتابعون أخبار الحرب على غزة، ، وصف لي مشاهد الآلاف الغاضبة حين خرجت تهتف ضد (إسرائيل) وتطالب ممثليها بالانصراف وانتفضت تريد أن تسحق كل ما يمثل دولة الاحتلال في نيجيريا ثأراً وغضباً لدماء فلسطين وأطفالها ونسائها. كان يحدثني بانفعال وتأثر وكأن مشاهد الحرب لا زالت شاخصة أمامه، تفاجأت بمدى اهتمامه وإلمامه وكأنه يعرف عن الحرب كل شيء ، لقد كان مهتماً جداً ومتابعاً أيضا لتفاصيل الحصار والحياة في غزة، وخلال حديثه كنت أعرض عليه بعض صور الشهداء على هاتفي وسردت له حكاية استشهادهم، لقد كان متأثراً جداً وفي أحيان كثيرة كنت أراقبه وهو يكتم أنفاسه ويخفي دموعه ويتظاهر بالبرد ، ومع كون حوارنا باللغة الإنجليزية إلا أنه كثيراً ما كان يردد على مسامعي باللغة العربية آيات من القرآن الكريم خاصة ما يتعلق منها بالشهداء والمجاهدين في سبيل الله ، كان يحفظ مواقعها في المصحف الشريف فيشير إليها بيده ويرددها بلهجته الأعجمية مما كان يشعرني ببعض السعادة وأنا أستمع له ، لقد سرد على مسامعي قوله تعالى: " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أموات....."وتلى قوله تعالى: "إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم..."، وكذلك "ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات.." ، " وإلى آخر هذه الآيات المباركة. ولعل المفاجأة الأكبر لي كانت حين سألته إن كان قد سمع بكتائب القسام من قبل ، كان رده سريعاً وقوياً ، نعم نعم أعرفها جيداً .. كتائب القسام .. تفجير الباصات .. صواريخ القسام ... قتل الإسرائيليين، وجدته مولعاً جداً بعمليات كتائب القسام في داخل المدن الصهيونية، وخاصة ما كان يتعلق منها بتفجير الباصات وقتل الصهاينة في الحافلات والأسواق والمقاهي، أخبرني عن أمنيته أن يسمع مثل تلك الأخبار من جديد، فأجبته أننا لن نعدم الوسائل لقتل المحتلين وإلحاق الأذى بهم، وأخبرته أن قذائف القسام أيضا تؤلم المحتل وتؤذيه بغض النظر عن كونها صواريخ بدائية ولا ترقى لما تمتلكه دولة الاحتلال من ترسانة عسكرية كبيرة وآلة حرب مدمرة. سألته إن كان بإمكانية زيارة القدس والصلاة في الأقصى، فأجابني أن هذا الأمر سهل بالنسبة إليه وبإمكانه فعل ذلك فوالده يزور الأقصى ويصلي في القدس في كل عام، فسألته إن كان سيزور الأقصى والقدس قريباً فكانت إجابته في غاية الغرابة والتأثير فقد قال أنه ومع شدة شوقه لزيارة الأقصى والصلاة فيه إلا أنه لن يفعل ذلك في هذا الوقت، وحين سألته عن السبب؟، أجابني أنه لن يزور الأقصى طالما أنه ليس بإمكانكم يا أهل غزة زيارته والصلاة فيه، فهو متضامن معنا ولن يزور الأقصى حتى يكون بإمكاننا زيارته، أعجبني موقفه وشددت على رأيه وطمأنته أن ذلك سيكون قريباً بإذن الله. لقد قضيت مع الأخ النيجيري ساعات طيبة، كنا نتحدث فيها بين ركعات التراويح والتهجد على سطح الحرم المكي الطاهر، وفي آخر الليل ودعني وصافحني بقوة وكأنه يريد أن لا يفارقني، دعوته ليتناول معي طعام السحور فاعتذر مني كون زوجته تنتظره في إحدى ساحات الحرم لتتناول معه السحور. وفي ختام حديثي ودعته وسلمت عليه وأخبرته أن الذي شاءت قدرته أن يجمعنا في هذا المكان الطاهر قادر على أن يجمعنا في ساحات القدس المباركة والأقصى الحبيب قريباً بإذن الله. أما في مطار جدة ونحن نجمع متاعنا للرحيل ومغادرة البلاد الطاهرة جاءتني سيدة اعتقدت في بداية الأمر أنها هندية حتى أوضحت لي أنها من باكستان ، كان سؤالها الأول لي هل حقا أنتم فلسطينيين كما فهمت من بعض مفردات زملائك؟ أجبتها نعم، شعرت أنها سعدت بذلك كثيرا وعبرت عن سعادتها بإلحاحها بعرض المساعدة علينا حيث كان ظاهرا لها أننا نعاني من مشكلة ما لكثرة تردد رجال الأمن علينا في المطار، أجبتها أنه لن يكون بإمكانها مساعدتنا فالأمر متعلق ببعض الإشكاليات المتعلقة بالمعابر المؤدية لغزة، أبدت أسفها الشديد وحزنها لما يحل بنا وما نتعرض له من أذى ، سألتني كثيرا عن الحياة في غزة، وعن المعاناة التي يجدها سكانها، وجدت أنها مهتمة بفلسطين لكن لم يكن بإمكانها متابعة الأحداث فيها لأنها بصعوبة تتحدث الإنجليزية ولا تعرف العربية مطلقا، فقد كانت لغتها الأساسية هي الأوردو وقليلا ما كانت تجد أخبارا عن فلسطين بهذه اللغة. لكن ما فاجأني في الأمر أيضا معرفتها بكتائب القسام حين عقدت لي مقارنة عجيبة بين كتائب القسام وما تمثله من نهج عقلاني ومتزن في المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي وبين ما تنتهجه بعض الجماعات والتنظيمات المسلحة التي كانت تتخذ من باكستان وافغانستان قواعد لها لشن الهجمات على الدول الغربية أو الإسلامية وما ألحقته هذه الهجمات من أذى بالشعب والمصالح الباكستانية. قالت لي إن كتائب القسام تعرف من تحارب وكيف تحارب ولماذا تحارب وهذا شيء رائع ويجعل الجميع يقف معها ويساندها ويفخر بها، أما من يقاتل بعنف دون عقل فهي تأسف لأفعاله ولا تؤيد نهجه، وسعدت بها وهي تعبر لي عن أمنيتها أن يعمل أبناءها في صفوف حماس وينتظمون مع مقاتلي القسام لتحرير القدس والأقصى، أخبرتها أن غزة وكتائب القسام ليست بحاجة لمقاتلين فرجالها بفضل الله كلهم جنود يحاربون الاحتلال ببسالة وقوة لكن ما نحتاجه من إخواننا المسلمين في كافة أماكن تواجدهم هو الدعاء لنا ودعم جهادنا وقضيتنا في كل المحافل وعلى كل صعيد. وبينما كنت أتناول مع لأخت الباكستانية الحديث أخبرني الإخوة أنه قد تم حل مشكلتنا فاعتذرت منها واستأذنتها للمغادرة ، فسعدت بحل مشكلتنا وتمنت لنا الخير ودعت لنا بالتوفيق واللقاء في ساحات القدس والأقصى. هذه نماذج بسيطة لما وجدناه من الحب الذي يحيط بفلسطين وأهلها وكم شعرت بالفخر كوني انتمي لهذه الأرض الطيبة لما وجدت من مكان لها في قلوب المسلمين في شتى بقاع الأرض، فرغم أننا قد نختلف معهم، فلغتهم تختلف عن لغتنا، وجنسيتهم ليست جنسيتنا، ولون بشرتهم ليس كلون بشرتنا، لكننا وجدناهم يحملون في قلوبهم نفس القدر من الحب لفلسطين وشعبها، حفظ الله شعبنا وبارك الله في إخواننا المسلمين أينما كانوا ووجدوا وإننا حقا على موعد للقاء بهم في ساحات القدس والأقصى .