10.01°القدس
9.77°رام الله
8.86°الخليل
14.16°غزة
10.01° القدس
رام الله9.77°
الخليل8.86°
غزة14.16°
الأربعاء 25 ديسمبر 2024
4.57جنيه إسترليني
5.15دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.79يورو
3.65دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.57
دينار أردني5.15
جنيه مصري0.07
يورو3.79
دولار أمريكي3.65

خبر: النخب السياسية واحتجاجات الضفة!

أن يخرج محمود عباس في مؤتمره الصحفي ليحرف الأنظار عن أحداث الضفة باتجاه المصالحة وغزة وتعليق أزمته على شماعة حماس، فهذا مفهوم، وأن تنشغل وسائل إعلامه بالتباكي على واقع الانقسام وشتم حماس التي (تعطل) التوافق فهذا سلوك متوقع أيضا! ولكن أن ينسحب الأمر على الكثير من النخب السياسية والفصائلية التي تستضيفها المنابر الإعلامية للتعليق على احتجاجات الضفة فهذا هو القرف بعينه! فالاحتجاجات المتصاعدة في الضفة ينبغي أن تفتح عقول وأسماع هذه النخب على حقيقة ما يهمّ الشعب وما يريده، لا أن تنصّب نفسها متحدثة باسمه وناطقة بهمومه بينما هي أبعد ما تكون عن فهم مطالبه ودوافعه للثورة في وجه حكومة فياض وسياسات السلطة! حين صمت الشارع في الضفة على اغتصاب فياض للشرعية بمباركة حركة فتح فهذا لأن كثيرين انخدعوا يومها بشعارات النزاهة والعبقرية الاقتصادية والمهارات الإدارية الفذة التي نسبت لفياض حينها، ومثلها ما أشيع عن أنه بصدد محاسبة كل الفاسدين، وأنه رئيس وزراء تكنوقراط سيخلص الضفة من كل السلبيات الاقتصادية وسينعش اقتصادها ويقفز بها إلى مصاف الدول المتطورة! ثم حين اكتشف الشارع حجم الخديعة بعد خمس سنوات على تنصيب حكومة فياض غير الشرعية، وأدرك كيف أنه تراجع اقتصادياً مع تراجع قضيته وأولوياته وطنياً، وكيف أن فيّاض كرّس التبعية للاحتلال وفتح أبواب تكبيل إرادة المواطن وتزييف وعيه على مصراعيها، حينها أدرك حجم ما جنته عليه اتفاقية أوسلو بجميع متعلقاتها وجميع رموزها وآخرهم فياض! ولذلك، ليس لأحد أن يتوقع أن الشارع ما زال قابلاً لأن يطرب لشعارات إنهاء الانقسام إذا ما طرحت بسوء نية وباتت مجرد شماعة للتعمية على جذور الأزمة، وليس لأحد أن يتوقع أن الناس ما زالت تستمع بعقل منفتح للخطاب السياسي التقليدي الذي لا يجيد كثيرون سواه، والذي يكتنفه كثير من النفاق والتضليل والجمود والابتعاد عن ملامسة همومها الحقيقية. الغريب أن تصريحات عباس السلبية حول المقاومة وحول ربطه المصالحة بالانتخابات لم تثر حفيظة وغرابة تلك النخب، والغريب أننا ما عدنا نسمع من يتحدث بوضوح مطالباً السلطة بمراجعة خطّها السياسي الحالي، أو دافعاً باتجاه إنهائه وإنكاره، أو داعياً بشكل صريح إلى تبني استراتيجة وطنية بديلة ومحل إجماع تعيد للمقاومة اعتبارها، وترد للقضية هيبتها الوطنية، ذلك أن هؤلاء يخشون من أن يرموا بتهمة محاباة حماس ويخشون غضبة عباس وفريقه، ودعك من كل ما يقال عن حرية التعبير التي تتحدث عنها السلطة، لأن هذه الحرية لا يدخل في حدودها –في عرفهم- مطالبة عباس بالتحول عن خطه السياسي الحالي، أو بالكف عن التحريض على المقاومة، أو حتى مراجعة الاتفاقات المختلفة مع الاحتلال! تتحدث هذه النخب كثيرا منتقدة ما تسميه بالمناكفات، رغم أنها تمارسها ليل نهار، وهي تظن أنها ما دامت تنتقد فتح وحماس بالدرجة ذاتها، فإنها ستضمن سلامة رقبتها، وشيطنة الجهتين، مقابل تلميع دورها هي، ولذلك فإنها لا تملك سوى أن تقحم قضية الانقسام في أي حديث أو تعليق حتى لو لم يكن المقام مناسبا، وحتى لو كانت تعلم حجم السأم الذي باتت تسببه لدى المستمعين لها، وخصوصا أولئك الذين دفعهم الجوع والاستغلال والفساد للانفجار، ولن يلبثوا أن يعبّروا عما يريدون بلسانهم هم، لا بلسان الساكنين في أبراج التنظير الباهت واجترار مفردات السأم إياها! حين يتطور وعي الشعب مطالباً بتصحيح البوصلة، فلا تساهموا في إبقائها منحرفة، وإن منعكم خوفكم ونفاقكم من ذلك، فيجب أن تمتنعوا أيضاً عن التجرؤ على تشخيص الأزمة بما يوافق أهواءكم ويلائم قامات أفكاركم!