مشاعر مليئة بالفرح والسعادة والسرور غمرت بيت عائلة الطالبة المتفوقة غدير زعرب في منطقة مصبح شمال مدينة رفح جنوب قطاع غزة، بعد لحظات من الانتظار والمفاجأة غير المتوقعة بهذا التفوق والتميز على مستوى الوطن، لتتمازج دموع الفرح مع هذا الإنجاز والتفوق بعد عام من المثابرة والجد والاجتهاد.
لم تتوقع المتوفقة غدير عبد المعطي زعرب الحاصلة على الترتيب السادس على مستوى الوطن بمعدل 99.6% في الفرع العلمي، هذه النتيجة وهذا التفوق الكبير والمتميز، كما عبرت خلال لقائها مع "فلسطين الآن" التي رصدت مشاهد الفرحة في بيتها.
لم يقارب النوم الطالبة غدير طوال الليل، وظل التوتر حتى آخر لحظة قبل استقبال نتيجتها، ووصفت خلال حديثها اللحظات الأولى لاستقبال النتيجة: "في انتظاري للنتيجة كانت لحظات كثير مفاجأة، رن الجوال على والدتي فأخبرتني أنني 99.6 والسادسة على مستوى الوطن فكانت صدمة كبيرة بالنسبة لي، كنت أتوقع التفوق ولكن لم أكن أتوقع بهذا المجموع وهذا التقدم على مستوى الوطن".
هدف ومثابرة
وفي يخص وصولها لهذا التميز، أكدت الطالبة في مدرسة شهداء رفح الثانوية للبنات، أن أول نصيحة للطلبة هي العلاقة مع الله، وقالت: "إذا أنا موجودة في هذا الموقف هو بفضل الله وكرمه لأني تعبت والإنسان الذي يتعب الله يعطيه، فلازم تكون العلاقة مع الله قوية وعندك ثقة بالله، فمهما الله أكرمني بمجموع في هذا اليوم سأكون راضية، لأني اجتهدت والذي سيقدر لي الله هو الخير".
وتابعت: "يجب على الطلبة تنظيم أمورهم ودراستهم وينظروا إلى هدفهم ويسعوا له ويتعبوا حتى يستحقوا هذا الهدف، فالذي يدرس حتى ينجح سينجح والذي يدرس حتى يتفوق على مستوى الوطن سينال هذا الهدف"، وأضافت "خلال العام كنت أدرس بشكل طبيعي ولا أراكم على نفسي وأدرس أول بأول، فشعرت بالراحة آخر شهرين، لأني كنت أتابع أول بأول، والحمد لله".
صعوبات وطموح
تفوقٌ على مستوى الوطن للطالبة غدير زعرب رغم اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي المتواصلة على قطاع غزة وتنغيصه كل سبل الحياة فيها، يتحدى هذا الاحتلال ويكافحُ أمامَه بالعلم والتميز.
"كانت السنة كثير صعبة، بسبب الأوضاع غير المستقرة والتوترات واعتداءات الاحتلال على قطاع غزة، وخلال هذه الاعتداءات فقدنا أناس غاليين علينا مثل الأستاذ علي عبد الجواد وكان استشهاده خبرًا صادمًا بالنسبة لي فبكيت طوال اليوم وكان رحيله عنا مؤثر مع أنه لم يدرسني وأحببته من ذكر الناس له، فالأوضاع كانت صعبة، ولكن الحمد لله تغلبنا على هذه الأوضاع"، بهذه الكلمات عبرت عن جانب من معاناة طلبة قطاع غزة.
وتطمح المتفوقة زعرب لدراسة الطب والتفوق فيه لتخدم فيه أبناء شعبها في قطاع غزة، مشيرة " طموحي الآن للأحسن والأفضل وأدرس طب وأتفوق فيه وأقدر أخدم غزة في ظل أوضاعها الصعبة وإن شاء الله أقدر أقدم لها مثل ما قدمت لنا".
وأهدت تفوقها لوالديها اللذان كانا أكبر دافع لها طوال دراستها، الحمد لله، ولعائلتها ومدرستها ومدينتها وكل من وقف معها ودعمها وشجعها وشاركها هذه الفرحة، ومهدية هذه الفرحة لغزة والأسرى والشهداء.
بهجة أهل
والدة الطالبة غدير زعرب نائبة مديرة مدرسة رابعة العدوية المعلمة حميدة صوالي، كانت أول من استقبل نتيجة ابنتها المتفوقة من خلال اتصال لإحدى مديرات مدارس مدينة رفح، وقالت: " كنت أنتظر النتيحة، فاتصلت بي مديرة تبارك لابنتي بأنها السادسة على الوطن ومعدلها 99.6، فكانت فرحة لا تضاهيها فرحة في العالم وامتزجت الفرحة بالبكاء وصعب أي إنسان يصفها"، متمنية لكل أم تعيش هذه الفرحة.
وتحدثت عن ابنتها: "غدير مجتهدة من أول ابتدائي، وهذا التفوق ليس وليد بوم بل هو اجتهاد 12 عاما، فهي مجتهدة ترتب أمورها وتدرس أولا بأول وتحضر، هادئة ونفسيتها مرتاحة وربنا أكرمها، فالحمد لله كنا متوقعين أنها ستحصل على مركز متقدم على مستوى رفح والله أكرمها من الأوائل على مستوى الوطن".
وتابعت : "الحمد لله نحن نعيش كحياة أي مواطن في قطاع غزة ونعيش نفس المعاناة ونفس الظروف، ولكن حاولنا قدر ما نستطيع أن نتغلب على هذه الظروف، والحمد لله وفرنا كافة سبل الراحة حتى لا تشعر بأي توتر أو نقص".