الحجة أم "يزن" بلغت الثمانينات من عمرها, تشبه بشكلها وبدانتها "قُرْمِية" الجميز, ولكنها تختلف عنه بأن خشب الجميز يستخدم لنار الشتاء, و" أم يزن" لا تصلح لأي شيء حالياً, ولا حتى مرجعاً تاريخيا, فالمعلومات تداخلت معها, وكثير منها ورثتها من "الراديو" صاحب "الأنْتِينَة" الطويلة, و"حجر البطارية" الكبير, وعليه غطاء من النايلون يحميه برد الشتاء, ويفقده بريقه الجذاب... لذلك معلوماتها "مَضْروُبة", تحكيها لنا نقلاً عن مذيعي الإذاعات القديمة والحديثة, برأيهم هم, وليس رأيها. قالت لنا أن الحكومة هي التي تتحمل الذنب كل الذنب عن إزعاج الجيران لها بصوت تلفزيون "الأفلام المصرية القديمة", والتي مات معظم ممثلوها, وقالت لنا أن القمامة المنتشرة في الشوارع تشكل خطراً كبيراً, والحكومة تتحمل ذلك, وقالت أنها تشعر بضيق في التنفس جراء رائحة القمامة, مع العلم أنها لم تخرج من مكانها منذ 4 سنوات على الأقل, وحاوية القمامة تبعد عنها مسافة كبيرة جداً تمنع وصول أي الروائح إليها. أيقنت أنها لعبة الإعلام الذي يُكَبِّر كل شيء, ويضعه على المجهر, ولكن كيف لي أن أغير قناعاتها وثقافتها؟! قلت لها أن العيب ليس في الحكومة والتي تتحمل جزء مهماً من المشكلة, العيب في الناس الغير نظيفة, فترى حاويات القمامة فارغة من الداخل, وحولها من الخارج مئات الأكياس, مصطفات بفن "تجريدي" غير منتظم, فالبلدية والوكالة وضعت الحاويات, والناس تركتها فارغة وملأت الفراغات حولها, وهذا عيب في الناس. الحجة أم يزن أقسمت بالله العظيم أنها كانت دائماً منذ طفولتها تلقي القمامة في الحاويات – صادقة يا حجة, وبدون يمين – لو أنكم كنتم كذلك لما أصبحنا كذلك!!! نَظَرْتُ لابنها "أبو يزن" وقلت له: ما علينا يا أبو يزن دع الخلق للخالق.!!