27.78°القدس
27.37°رام الله
26.64°الخليل
28.84°غزة
27.78° القدس
رام الله27.37°
الخليل26.64°
غزة28.84°
الثلاثاء 30 يوليو 2024
4.78جنيه إسترليني
5.24دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.02يورو
3.72دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.78
دينار أردني5.24
جنيه مصري0.08
يورو4.02
دولار أمريكي3.72

خبر: أحيانًا..عجلات سيارات الأجرة تدوس القلوب أيضًا

"لم يكن لشيء أن يقف في وجه جبروت الريح يومذاك، حتى كرسيِّ المتحرّك، ولم أمنِّ نفسي قط أن أجد سيارة أجرة تقلني بتلك السرعة إلى الجامعة، حيث محاضرة الفقه ستبدأ بعد نصف ساعة. في ذلك اليوم، كتب عليّ القدر أن أبكي مطرًا ليس كمطر السماء بل أكثر وأشدّ، فقد سمعتها بأذني: "أنا وكل من هو في مثل حالي "بضاعة مضروبة"، نعم هكذا قال راكبٌ لا يبدو أنه قرأ يومًا سورة "عَبَس". وتولّى وولّى وجهه عني يتمتم بعد أن زفر زفرة شعرت بها أقوى من عاصفة "يناير": "مستعجلين يا ربي الواحد يلا يلا مخلص مع الصحاح"، دقيقتين وعاد ليكمل موجهًا حديثه للسائق: (انهينا يا عمي مستعجلين)". مشاهد كثيرة موجعةٌ في "تفاصيلها الصغيرة" يعيشها ذوو الإعاقة في اليوم ألف ألف مرة، فبين المكان والمكان: انتظارٌ، وتوسّل، ونظراتُ شفقةٍ تفضح أصحابها، وأيضًا قلوبٌ تتكسّر على أعتاب سيارات الأجرة بغزة، إلا تلك التي رحم ربي وربكم. [title]إلا برفقة رفيق[/title] عزيزي القارئ، قد لا تتخيل أبدًا أن في هذه الدنيا أرواحًا لا تحمل من الإنسانية إلا "شكل الآدمي" وحسب، فالموقف سابق الذكر حدث حقيقةً مع الشابة "رنا اسليم" (22 عامًا)، من سكان حي الصفطاوي، شمال مدينة غزة، التي ولدت تعاني من شلل في الأطراف السفلية، الأمر الذي جعل من الصعب بمكان انتقالها "من هنا إلى هنا" _كما يقولون_ إلا برفقة رفيق. في ذلك اليوم، استيقظت اسليم متأخرة، وهي التي اعتادت أن "تركن" قرب دوار المنطقة عند السابعة تمامًا؛ ببساطة لأن كرسيّها المتحرّك ليس إلا عثرةً في طريق اللحاق بركب محاضرة الثامنة، إلا إذا فعلت ذلك. عند السابعة والنصف، وصلت صديقتنا برفقة أختها مريم إلى محطة الانتظار، وكـــــــالعادة مرت سيارة، وأخرى، وغيرهما، ورابعة، ولم يُعِر سائقٌ أي اهتمام لتلك "الروح" التي تصَدَّعَ الطريق من صوت "طرقعة" أصابعها "توتّرًا" و"خوفًا"؛ فالمحاضرة مفصلية والوقت يمضي. - أخشى أنني لن أصل في الوقت المناسب يا مريم (...) سأطرد من المحاضرة. - توكلي على الله، إن شاء الله سوف تأتي سيارة الآن. بعد دقائق، وأخيرًا لاحت في الأفق سيارة "على قد الحال"، وكأن الرياح تدفعها لا المحرك، تلقفتها الاثنتان بعين شوقٍ، فصرخت رنا لعل الصوت ينقذها: "جامعة؟"، أجابها السائق: "اركبي". في تلك اللحظة رصدت اسليم وجه أحد الركاب اكفهرّ، وقطّب حاجبيه، وقال ما قال (ما ورد في المقدمة) بصوتٍ خفيضٍ، لم يتوقع أن يتسلل إلى مسامع المسكينة، تلك التي وارت دمعةً جثمت فوق صدرها طوال الطريق نحو الجامعة. [title]مسكين مريض الغضروف![/title] "أمير الدبس" (16 عامًا) وجهٌ آخر لوجعٍ سببه "علبةٌ صفراء"، هو طفلٌ من سكان جباليا (الفالوجا)، قدراته العقلية جيدة نوعًا ما، ولكن حركته "ثقيلة"، وفق وصفه لنفسه؛ فهو يجلس على كرسيٍّ متحرك لا يستطيع حتى دفع عجلاته. ولد أمير _حسب ما أفادتنا أخته_ بمشكلةٍ أصابت دماغه، إذ امتلأ بالماء، الأمر الذي استدعى إجراء عملية جراحية له، تنقذ عُمْرهُ وتقتل ساقيه. قصته مختلفة بعض الشيء، فقد التحق بمدرسة تتبع لإحدى الجمعيات الخيرية التي تعنى بتربية الأيتام وذوي الإعاقة، وكانت حافلة خاصة به تأتيه يوميًّا لقاء مبلغٍ تدفعه عائلته المستورة، مقداره مائتا (شيقل)، انخفض إلى مائة بعد وساطات وتوسلات. المهم: بعد عدة أشهر من التزام أمير بالدوام في تلك المدرسة، بدأ ينصت لهمسات السائق والناطور (الحارس)، فالسائق أسمعه أكثر من مرة أنه مريض غضروف، وأنه لا يستطيع حمله يوميًّا من بيته إلى الحافلة، ومن الحافلة إلى الفصل، أما الناطور فأخبره أنه من الضرورة أن يجلب معه أحد أفراد أسرته مرافقًا، يؤدي عنه المهمة. قد يظن بعضٌ أن فكرة ناطور الجمعية حلّت المعضلة، ولكن _يا للأسف_ لم تكن عائلة أمير لتستطيع أن تدفع أجرة راكب آخر غير ابنها ذي الإعاقة ذهابًا وإيابًا من وإلى مقر الجمعية، وهذا ما أصرّت عليه الإدارة لحظة سماعها المقترح. المواصلات، ولهجة المدرسات، وعصيّهنّ الثخينة كلها كانت أسبابًا دفعت أمير إلى ترك الدراسة؛ "فالقلب ما عاد يحتمل وجعًا فوق وجع الإعاقة". وها هو ذا أمير اليوم يجلس في بيته قرب أمه التي بصعوبة تستطيع تلبية أدنى احتياجاته، لولا جمعية الإغاثة الطبية التي كفلت أمر مساعدته "ما أمكن لها ذلك". [title]قويّ البصيرة[/title] ما حدث لأمير ليس إلا نقطةً في بحر ما حدث مع "محمود جحيش"، طالب في قسم اللغة العربية بالجامعة الإسلامية، من سكان رفح، جنوب قطاع غزة، وهو كفيفٌ منذ الميلاد. دعنا _عزيزي القارئ_ نتخيّل معًا: قررتَ يومًا أن تضع عصبةً سوداء تغطي عينيك، وركبت سيارة أجرة، وطلبت من السائق أن يوصلك إلى مكانٍ معين، ومضى الأخير في طريقه، ثم أخبرَكَ أنك وصلْت، ماذا سيكون موقفك عندما ترفع العصبة، وتكتشف أنك في مكانٍ آخر غير الذي تريد، وأن السائق غشّك ولم يكمل بك الطريق؟! نعم، ذلك ما حدث، ولكن _سبحان الله_ معظم الأكفاء يتمتعون بتركيزٍ عالٍ خلقته فيهم الحاجة؛ فمحمود على الرغم من أن السائق أوقفه وأخبره أنه وصل توجّس خيفة، فالمسافة التي قطعتها السيارة ليست هي التي يقطعها جاره السائق المتكفل بإيصاله من وإلى بيته في حي الشابورة يوميًّا. ذلك الموقف _تبعًا لصديقنا محمود_ لا يحدث معه كثيرًا؛ كونه استطاع تشكيل شبكةٍ من قرابة30 سائقًا قرب الجامعة، بات يعرفهم جيدًا ويعرفونه، فيوصلونه إلى أقرب نقطة لبيته، بحيث لا يتعثر بحجر أو يصطدم بحائط. - "من السائقين من يشعر بمعاناتي، لا بل يأبى إلا مساعدتي في النزول من سيارته حتى باب البيت، ولكن _يا للأسف_ منهم الاستغلالي الذي يطلب سعرًا إضافيًّا لقاء توصيلي". ويمر محمود بمواقف شتى، أكثرها إحراجًا يوم يوقف سيارة أجرة ويهمّ بالركوب، فيفتح بابًا تجلس ناحيته فتاة؛ فتصرخ في وجهه: "لف من الناحية الثانية". يعقّب: "الخطأ هنا يكون من السائق، الذي ينتظر مني فتح الباب ثم ينبهني، رغم أنه يرى حالي جيدًا"، مضيفًا: "أتصعّب كثيرًا عندما أركب في سيارة "سبعة ركاب" ويكون الصفّ الوسط مكتظًا، فأضطر إلى ثني الكرسي والرجوع إلى الخلف، وهذا أمر صعب حتى على الأصحاء (...) ويا للأسف قد لا يساعدني أحد". أحيانًا يعمد محمود إلى الخروج من الساعة الثامنة مع أحد السائقين الذين يعرفهم، رغم أن محاضراته تبدأ عند الثانية عشرة ظهرًا، وذلك حتى يضمن وصولًا آمنًا ومريحًا. [title]أخي أو سيارة "طلب"[/title] أما "م.أحمد أبو هربيد" الذي فقد أطرافه السفلية نتيجة قصف استهدف شارع الجلاء في مدينة غزة فيما كان يمر من هناك؛ فلا يخرج من بيته أبدًا إلا بمرافق (أخيه)، فإن كان الأخير مشغولًا أو غير موجود يؤجل "المشوار" حتى إشعارٍ آخر. وفيما يتعلق بزيارة مركز العلاج الطبيعي، فإن وسيلة النقل ستكون _بلا شك_ سيارة "طلب" خاصة، بمبلغٍ وقدره. - خروج أخي معي يكلفني ماديًّا، فبدلًا من أن أدفع (شيقلًا) واحدًا أدفع اثنين، هذا إذا لم يطلب السائق ضعف المواصلة مني؛ لأنني ذو وضع خاص. "رزان ياغي" (11 عامًا) هي الأخرى تجلس على كرسيٍّ متحرك، ولكن لا يمكنها أبدًا أن تخصص سيارةً تقلها ذهابًا وإيابًا إلى المدرسة كل يوم، وتكتفي بمرافقة تلك "الحنون" أمها، التي تضطر صباح كل يوم إلى دفع عربة ابنتها نحو المدرسة مشيًا على الأقدام، فيما تترك المهمة عند انتهاء الدوام لزميلات "روزة" اللاتي تثق بهن، وتعرف أنّهن لن يغدرن بضحكتها يومًا. [title]عزة "قلب"[/title] وكان عبد العزيز كريّم _وهو كفيفٌ يدرس تخصص الصحافة والإعلام في الجامعة الإسلامية_ يواجه صعوبةً بالغة لدى قطع شارع الجلاء (حيث يقطن) بشكل يومي، قبل أن توفر جمعية "دار المعاقين" له ولبعض من هم في مثل حاله وسيلة نقل من وإلى الجامعة. - في بعض الأحيان أواجه استغلالًا من قبل السائقين، فبعد أن أركب السيارة يخبرونني أن المكان الذي أرغب بالوصول إليه ليس في طريقهم، ولكنهم سيوصلونني _كنوع من المؤازرة_ لقاء مبلغٍ أكبر، وما على المضطر إلا الركوب. المفارقة التي يمكن أن تتعجب لها _عزيزي القارئ_ هي أن ذوي الإعاقة لا يقبلون أبدًا نظرة شفقةٍ أو عطف، هذا ما بدا جليًّا في سرد "إبراهيم السيد" (37 عامًا) _وهو كفيف_ لموقفٍ عايشه في وسيلة نقل، حيث ركب أخيرًا بعد ثلث ساعة من الانتظار تحت أشعة الشمس، ولكن السائق رفض أن يأخذ منه أجرة، وقد ظنّ أنه فعل حسنًا. أما رد فعل إبراهيم فكان أنه طلب من السائق أن ينزله، مسديًا إليه نصيحة حازمة: "لا تشعر بالشفقة تجاهنا أبدًا؛ فنحن أسوياء ابتلانا الله فقط ليختبر صبرنا". [title]عن الخط[/title] وللأمانة الصحفية لابد من الاعتراف بأن مجتمع السائقين ليس كله _ولا يمكن أن نقول معظمه_ مسلوب الإنسانية، فهناك من السائقين من يبحث عن رضا الله (سبحانه وتعالى) بمساعدة "محتاج"، حتى لو اضطره الأمر إلى خسارة ركاب السيارة كلهم. يقول السائق "أبو تيسير أبو جبة" ردًا على تساؤل "فلسطين": "هل أنت مستعد إلى نقل ذوي إعاقة في طريقك أو لا؟": "لاشك أني أنقله". - حتى إن رفض الركاب الانتظار حتى يصعد؟ - فليذهب إلى الجحيم كل الركاب (ينحرقوا) إذا ماتت في قلوبهم الرحمة. ويتابع بلهجته العامية الصارمة: "بالناقص شيكل و2 شيكل و100 كمان". فيما يعلّق السائق "سليمان المشهراوي" على الموضوع بقوله: "أتوقف أحيانًا لذوي الإعاقة، إذا سمح لي الركاب بذلك؛ فأنتم تعلمون أن تلك الفئة تحتاج إلى وقتٍ حتى تستقر أمورها داخل المركبة، وفي بعض الأحيان يكون من معي مستعجلين؛ لارتباطهم بدوام عمل، أو دوام مدرسة". أحيانًا يكون الخلل في ذوي الإعاقة أنفسهم، فأن تركب صماء بكماء لا تستطيع تحديد وجهتها إلا عبر رفيق يفهم لغتها، أو ورقة مكتوب عليها الوجهة في سيارة أجرة من دون ذلك كله, هذا يستحق وقفة. يحدثنا السائق راجي (عند خط السرايا-الجلاء): "أشارت إليّ فتاة بكامل زينتها، لم أستطع أن أفرق بينها وبين المرأة السليمة نحو الأمام، فظننت بالبديهة أنها ستنزل عند آخر الشارع، فوقفت لها"، متابعًا :"عندما وصلت إلى آخر الشارع، وقفت، فإذا هي جالسة، وتنظر إلي دون أن تنطق ببنت شفة، وتشير إليّ نحو الأمام، حينها سألتها بعصبية: "ماذا تقولين؟"، فعادت تشير إليّ نحو الأمام، وعلى ما يبدو أنها كانت تقصد منطقة الصفطاوي". حينها أبدى راجي تأثرًا بحالها، وأوصلها إلى حيث تريد، معلقًا :"أنا أوصلتها، ولكن غيري قد لا يتفهم حاجتها، وقد يلقي بها عند أول نقطة قريبة بعد أن يكتشف حالها (...) لابد لهؤلاء أن يحملوا بطاقات يكتبون عليها وجهتهم، أو يرافقون أحدًا يساعدنا على فهم لغتهم؛ لأننا لا نفقه بطبيعة الحال لغة الإشارة". [title]حقوق من ورق![/title] المادة (17) من قانون المعاق الفلسطيني رقم (4) لعام 1999م تحدثت عن تهيئة بيئة مواصلات مناسبة لحركة ذوي الإعاقة بالتنسيق بين وزارتي المواصلات والشئون الاجتماعية، وذلك من خلال "استخدام إشارة ذي الإعاقة في مواقف السيارات والحافلات، وتوفير حافلات مجهزة لهم على الخطوط العامة كنوع من التمييز الإيجابي، فضلًا عن التخفيضات على أثمان التذاكر _ومنها تذاكر الطيران الفلسطيني_ بحيث لا تزيد مساهمة الواحد منهم على 25% من قيمة التذاكر، والتخفيضات الخاصة في وسائل النقل العامة لذوي الإعاقة ومرافقيهم أيضًا، إضافة إلى نشر الوعي بين السائقين وتدريبهم على كيفية مساعدة ذوي الإعاقة على استخدام المواصلات العامة". القانون كُتِب، وأخرِج في كتيبات صغيرة، ووزّع على المؤسسات الحكومية، وأنصف فئةً تمثل قرابة 4.5% من مجمل سكان قطاع غزة، ولكن ما الذي طبّق منه حتى اللحظة، سواء على صعيد قضية المواصلات أم البطالة أم التعليم أم غير ذلك؟!، ولماذا لا يكون عام 2013م عامًا للمعاق تخصصه الحكومة على غرار عام الشباب ونظيره عام "التعليم"؟!، هذان التساؤلان نترك الإجابة عنهما للمسئولين، كلٌّ حسب اختصاصه. [title]تفعيل القانون[/title] مدير برنامج التأهيل في جمعية الإغاثة الطبية في منطقة جباليا- الفالوجا" مصطفى عابد" أكد وجود خلل في المفهوم الاجتماعي لدى السائقين تجاه الأشخاص ذوي الإعاقة الجالسين على كراسٍ متحركة، أو الماشين بمساعدة أجهزة مثل: العكاكيز و(الووكرات)، مضيفًا: "ويرجع ذلك إلى واقع السائقين الاقتصادي السيئ الذي يقضي بأن إيصالهم هؤلاء الأشخاص يسلب من وقتهم الكثير، وبالتالي يؤثر على تحصيل المال على مدار اليوم". ووفقًا لتقديرات الإغاثة الطبية ومؤسسات التأهيل في قطاع غزة، إن القطاع يضم (70) ألفًا من ذوي الإعاقة، مجمل نسبة الإعاقة الحركية بينهم تتراوح من 28 إلى 35%. وأشار عابد إلى عدم رضا الركاب في المركبات العمومية عن ركوب هذه الفئة معهم؛ لارتباطهم ربما بمواعيد مستعجلة، أو لعدم وجود ثقافة لديهم حول أهمية التضامن والتكافل الاجتماعي، بغض النظر عن الحسابات الشخصية. وتابع: "أحيانًا يكون الخلل في صاحب الإعاقة نفسه، إذ يختار مكانًا خطأ لانتظار السيارة، كحال باقي الركاب السليمين، فمثلًا يقف عند إشارة المرور حيث من الممنوع وقوف السيارات، وبالتالي يتجاهله السائقون لتجنب الوقوع في قبضة شرطة المرور". ولفت إلى عدم مواءمة المركبة لذوي الإعاقة، كعدم وجود مكان لوضع الكرسي المتحرك أو الأداة المساعدة، ما يدفع السائق إلى ترك هذا الراكب؛ كي يرتاح من معضلة الحيز المتوفر، عادًّا غياب السلوك الإيجابي من قبل شرطة المرور تجاه هؤلاء الأشخاص سببًا في تفاقم معاناة هذه الفئة مع وسائل المواصلات. وشدد على أن ما تقدمه لذوي الإعاقة وزارتا الحكم المحلي والمواصلات، ومؤسسات تأهيل المعاقين ووكالة الغوث لا يلبي سوى 20% من الخدمات الأساسية التي يحتاجون إليها، خصوصًا بعد الحرب، إذ تحولت الخدمات المقدمة إليهم من برامج تنموية إلى برامج خدماتية وحسب. وأردف :"مشاكل ذوي الإعاقة نابعة أصلًا من غياب تفعيل قانون المعاق الفلسطيني على أرض الواقع، سواء في الضفة الغربية أم في قطاع غزة"، عازيًا ذلك إلى عدم اقتناع المسئولين بأولوية قضية هذه الفئة التي تسبب الاحتلال بانضمام عدد كبير إليها. ودعا إلى أن يكون الحوار بين الركاب وذوي الإعاقة حوارًا مؤدبًا بعيدًا كل البعد عن جرح الشعور والضرب على أوتار حساسة، وألا يخضع أبدًا لمبدأ الشفقة أو الاستهزاء أو الاستعلاء "فهذا أكثر ما يؤلمهم". [title]سلبية الدفاع عن الحق[/title] أما الناطق الإعلامي باسم وزارة النقل والمواصلات خليل الزيان فبيّن أن القانون الفلسطيني _وفيما يتعلق بقضية النقل العام_ يعامل ذوي الإعاقة تبعًا لنوع إعاقتهم، متابعًا: "فالمعاقون حركيًّا يشملهم إعفاء جمركي، وبدلًا من أن تكون رسوم الترخيص الخاصة بهم (1100 شيكل) سنويًّا، يقتطع منهم ما قيمته (30 شيكلًا) فقط". وأكمل: "أما ذوو الإعاقات البصرية والسمعية فستشرع الوزارة في إعداد لقاءات توعوية لهم؛ بهدف الارتقاء بمستوى وعيهم المروري، بالتنسيق مع الجمعيات التي تكفلهم"، مؤكدًا أن من ضمن خطة الوزارة لعام 2013م تجهيز حلقات إذاعية ضمن برنامج "السلامة أولًا" الإذاعي الذي يبث يومي الأحد والأربعاء من كل أسبوع عبر أثير إذاعة الأقصى، تناقش مشاكل ذوي الإعاقة مع وسائل المواصلات، وكل القوانين المتعلقة بهم، ومعرفة آراء المسئولين وصناع القرار في ذلك. وأشار إلى أن الوزارة بصدد تهيئة مدخل خاص للمعاقين في مبنى الوزارة نفسه كخطوة ابتدائية, بحيث يتمكن ذوو الإعاقة من الدخول إلى أيٍّ من مرافقها دون مساعدة من أحد. وعن عدم تطبيق الوزارة لمادة في القانون تنص على منح تخفيضات خاصة لهذه الفئة في وسائل النقل العام، خصوصًا إذا كان مع الواحد منهم مرافق، بين الزيان أنها غير مفعلة؛ "بسبب أن معظم المعاقين الذين يدرسون أو يعملون تكون لمؤسساتهم وسيلة نقل معافاة جمركيًّا تقلهم من وإلى المؤسسة" على حد قوله. وشدد على أن الوزارة ستوعز إلى مدارس تعليم السياقة التركيز على جانب كيفية التعامل مع هذه الفئة، ضمن دروس منح الرخصة، "رغم أن هذا الجانب موجود أصلًا في الدروس النظرية للسياقة تحت شرح ضرورة معاونة السائق لذوي الإعاقة". وأبدى ترحيبًا بفكرة تعليم السائقين بضع مصطلحات بلغة الإشارة؛ كي يتمكنوا من التفاهم مع الصم، منتقدًا سلبية ذوي الإعاقة الذين لا يتقدمون بأي شكاوى للوزارة بخصوص وسائل النقل. وأردف: "على ذي الإعاقة أن يتخلص من تلك السلبية ليس فقط على صعيد المواصلات وحسب، بل عليه أن يعرف أنه إنسان، له حقوق السليم وزيادة، ودفاعه عن حقه سوف يعزز لديه القدرة والانتماء والإنتاجية". [title]إغاثة الملهوف[/title] "ماهر السوسي" رئيس لجنة الإفتاء في الجامعة الإسلامية، أكد أن لذوي الإعاقة حقوقًا كثيرة أقرها الإسلام في كتاب الله (سبحانه وتعالى)، وسنة نبيه محمد (صلى الله عليه وسلم)، إذ أقر مبدأ التعاون بين الناس: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان". وقال: "الإسلام دعا إلى إغاثة الملهوف، إذ كان (صلى الله عليه وسلم) السباق إلى ذلك بدليل قوله: (من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب الآخرة)"، معقبًا: "وهذا جزاء من يغيث إنسانًا ملهوفًا أو مكربًا، ويمد يد العون له". وفصّل حديثه بالقول: "تجاهل هذه الفئة ينعكس سلبًا على نفسية المنتمين إليها، وعقوبة المتجاهل عند الله هي بنفس مقدار جسامة هذه الآثار"، في الإشارة إلى السائقين الذين لا يولون اهتمامًا لنقل ذوي الإعاقة، مبينًا أن احتقارهم محرم شرعًا، خصوصًا أنْ لا يد لهم فيما وصل إليه حالهم.