ماذا يعني أن يكون لكتائب القسام في الضفة الغربية مخبأ سري؟ وماذا يعني أن تكتشف أجهزة (سلطة الانتداب) أنه مجهز ليكون ملائماً للسكن، وأن تعثر فيه على لباس عسكري ورايات وأموال؟ أليست الضفة بقعة محتلة ينتهكها المستوطنون وجيش الاحتلال يوميا؟ أليست المقاومة المسلحة في عرف جميع الوطنيين سبيل نيل الحقوق الوحيد والمجدي؟ ألم تفرز المقاومة ظاهرة المطاردين الذين كانوا دوماً يحتاجون لمكان آمن يؤويهم؟ ألم يثبت تاريخ حماس أن محاولاتها لأسر جنود صهاينة لمبادلتهم بأسرى لم تتوقف منذ نشأتها سواء في غزة أو في الضفة؟ احتفت سلطة الضفة بإنجاز أجهزتها المخزي في كشف المخبأ كما لم تحتفِ من قبل، وتبارى ناطقوها في اتخاذه دليلاً على صوابية حملة الاعتقالات الأخيرة التي طالت نشطاء محسوبين على حركة حماس، غالبيتهم أسرى محررون من سجون الاحتلال. تواقح القوم وهم يدافعون عن فعل ظاهره محاربة الانفلات وباطنه خيانة صريحة كما لم يفعلوا من قبل، رغم أنهم يعلمون جيداً الوجهة التي تصوّب حماس سلاحها لها، كما يعلمون تماماً حدود مهمتهم هم، وكيف أن اجتثاث المقاومة وتتبع بوادرها ما زالت تقع على سلم أجندتهم غير الوطنية، وإن كانوا قد نسوا فعلينا أن نذكرهم بدماء الشهيدين نشأت الكرمي ومأمون النتشة التي لم تجف بعد، وما زالت شاهدة على حجم التواطؤ والتعاون والتكامل بين أجهزة الاحتلال والسلطة في ملاحقة الخلية التي نفّذت عملية بني نعيم البطولية قبل عامين، وكيف أن عار الكشف عن منفذي الخلية بالأساس تكفّلت به أجهزة السلطة، فيما أكمل الاحتلال المهمة! حين يكون خطاب أبواق الزيف والبهتان التابعة للسلطة مغرقاً في إجرامه وتجنيه على الواقع، فلا يجوز الردّ عليه بلهجة دبلوماسية ناعمة، ولا يجوز حينها مراعاة مشاعر هؤلاء الذين تجردوا من أخلاقهم وهم يزيّنون خدمة أمن الاحتلال ويصورونها يقظة أمنية ودرءاً للانفلات! بل لا بد حينها أن يوضعوا أمام تاريخهم الملطخ بسواد التآمر على المقاومة منذ توقيع اتفاقية أوسلو وحتى اليوم! فكيف إذا كانت رسائل هذه العملية متعددة الاتجاهات: الأولى لنتنياهو لتقول له: إننا نستحق ملايينك التي دعمتنا بها لأننا ما زلنا مجتهدين في ملاحقة المقاومة، والثانية لجموع المرتزقة التابعين لها من سياسيين وإعلاميين ورجال أمن وأفراد، لكي توفر مادة هجوم ومزايدة يستعينون فيها في الدفاع عن حملة الاعتقالات الأخيرة. أما المخبأ السري الذي ارتعدت له فرائص السلطة خشية على أمن أحبتها وشركائها في السلام فإن كان حديثاً فإنه وسام فخر على صدر حماس وكتائبها، لأنها يؤكد على أن الحركة ما زالت تحمل هم المقاومة رغم صعوبة ظروفها، وشراسة استهدافها، وعلى أنها تكرّس جانباً كبيراً من مقاومتها لأجل الأسرى، فيما لا يقدم لهم آخرون إلا الجعجعة ودموع التماسيح! وإن كون المنطقة التي اكتشف فيها المخبأ تقع تحت السيطرة الإسرائيلية (وكل الضفة أصلا تحت السيطرة الإسرائيلية) فهذا لن يضيف أية إيجابية للرواية التي تحاول سلطة الانتداب تعزيزها، لأن الدخول إلى مناطق جـ بقوة كبيرة يلزمه تنسيق مباشر مع جيش الاحتلال، والاحتلال لا يمنح تنسيقاً للسلطة لدخول مناطق جـ إلا إذا كان العمل الذي تنوي تنفيذه يصب في خانة أمنه. تذكروا: الأجهزة الأمنية تعجز عن الحصول على تنسيق لدخول مناطق جـ لاعتقال اللصوص وتجار المخدرات، لكنه تحصل على تصريح فوري بالدخول إذا تعلق الأمر فقط بملاحقة المقاومة! إن كل من يحتفي بفعل السلطة القبيح هذا هو خصم مباشر للمقاومة، وكل من يتخذه مادة لتبرير الاعتقالات في صفوف أبناء حماس هو ساقط وطنياً وأخلاقيا! ولا نامت أعين العملاء وأيتام التنسيق الأمني!
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.