21.68°القدس
21.44°رام الله
21.08°الخليل
26°غزة
21.68° القدس
رام الله21.44°
الخليل21.08°
غزة26°
الأربعاء 09 يوليو 2025
4.57جنيه إسترليني
4.74دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.94يورو
3.36دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.57
دينار أردني4.74
جنيه مصري0.07
يورو3.94
دولار أمريكي3.36

خبر: في غزة.. تاريخ عثماني يخنقه الحصار

لا تزال البصمات "العمرانية" للعهد العثماني في قطاع غزة، تذكّر سكانه بحقبة الخلافة العثمانية. المار في حي الدرج، شرق مدينة غزة، أو ما يطلق عليه اسم "غزة القديمة"، يشم رائحة تاريخ زاخر هناك، فإذا مشى رويدًا رويدًا رأى أسبطة تزيّن أروقة المكان. والسوباط هو علامة تفصل بين الحارة والأخرى، وكان يستخدم كمدخل للحارات بين بيتين للأقارب. وسوباط "كسّاب" يعتبر من أقدمها في غزة، بحيث يرجع بناؤه إلى زمن السلطان العثماني محمود الثاني عام 1800م، أي إلى ما يقرب 200 عام مضت. وكان عدد الـ"أسبطة" في قطاع غزة (200) سوباط، لكن أغلبها اندثر مع الوقت، خاصة في ظل ضعف اهتمام السكان بالآثار، فلم يتبقَ منها اليوم هناك سوى سوباطي "كساب" و"علمي". ويخضع السوباطان في غزة لعمليات ترميم دورية تشرف عليها وزارة السياحة والآثار، للحفاظ على قيمتها التراثية والحضارية، وضمان بقائها. وحكم العثمانيون فلسطين عام 1516، بعد معركة مرج دابق في 23 أغسطس/آب من ذلك العام، وحتّى نهايات الحرب العالمية الأولى عام 1917م. بعد السوباطين، يستوقف المارين مسجدٌ تزيّن مدخله نقوش "الأطباق النجمية"، وتتميز هذه النقوش برسمة مربعٍ كبير، بداخلها بعض النقوش المتداخلة، وتتوسطها نجمةٌ ثمانية الأبعاد، إنه مسجد "هاشم بن عبد مناف"، الذي أنشئ عام 1850 في عهد السلطان عبد الحميد الثاني، ويحتوي على 18 غرفة بالإضافة إلى المصلى. ويعتقد أن الضريح الذي يوجد في الغرفة المقابلة لبوابة المسجد هو للجدّ الثاني للرسول محمد خاتم الأنبياء، قبر هاشم بن عبد مناف. وفوق كل من غرفة الضريح والمُصلّى كتاباتٌ عثمانية منقوشةٌ على الحجر العثماني، تدل على البصمات العثمانية في ذلك الوقت، وأما سطح المسجد فيمتلئ بالقباب التي استوحاها العثمانيون من الطراز المملوكي، والأبنية المملوكية التي سبقت فترة حكمهم. وقال رئيس القسم السياحي في وزارة السياحة والآثار بغزة حسن أبو حلبية، إن مسجد هاشم بن مناف تعرّض للدمار مرتين، مرةً عام 1093م عندما ثار المواطنون ضد الحكم العثماني بسبب الضرائب، والمرة الثانية في الحرب العالمية الأولى عام 1917، مما أدى إلى دمار القباب والمئذنة. وعن القصص القديمة التي حدثت في مسجد هاشم، قال أبو حلبية: "قديمًا كانت النساء تأتي إلى القبر، لتتبارك به، فتأتي العاقر والمريضة، يمارسن بعض الطقوس ويتبعونها بالدعاء، ظنًا منهن أن جد الرسول سيبارك أدعيتهن تلك، لكن هذه البدع والطقوس انتهت بعد عام 1967". وأشار إلى أن وزارة الأوقاف ومؤسسة "العلمي" تعاونتا لترميم مسجد هاشم بن عبد مناف عام 2010م. وفي الجهة الشمالية للمسجد، توجد مقبرة ترجع إلى العهد العثماني، دُفن فيها عامةُ الناس في ذلك الوقت، ولم يتم ترميمها أبداً، وبنيت من الحجارة الرملية في ذلك الوقت. وبالقربِ من المسجد، يوجد معلمٌ عثماني آخر عرف باسم "سبيل الرفاعية"، وهو حوض ماء كبير يستخدم لـ"السقاية"، كان يشرب منه عابرو السبيل والمواطنون في العهد العثماني، وسمي بالرفاعية نسبةً إلى رفعت بيك الذي أنشأه عام 1400م. وتم ترميم سبيل الرفاعية في عهد السلطان عبد الحميد عام 1905م، ثم سمي بـ"سبيل السلطان عبد الحميد"، وأما الآن فلم يتبقّ من السبيل سوى الاسم والحوض بالإضافة إلى بعض الزخارف العثمانية، "ولا يتعامل معه سكان غزة إلا كأثر قديم وحسب". والغريب في غزة، أن طريقًا ضيقًا فقط يفصل بين كل من التراث العثماني ونظيره المملوكي، بينما تفصل إنجازاتٌ "جمّة" بين التاريخين، فبالقرب من سبيل "الرفاعية" يقع قصر الباشا الذي تم بناؤه في عهد الظاهر بيبرس المملوكي عام 1260م. وسمي قصر "الباشا" بهذا الاسم نسبةً إلى اللقب الذي كان يطلق على حكام ولايات الشام في العهد العثماني وهو "الباشا"، وأطلق عليه اسم "الرضوان" نسبةً إلى أسرة آل رضوان التي حكمت غزة في عام 1600-1750م. وسمي قصر الباشا بقصر "السعادة"، وهو اسم تركي نسبةً إلى (إسطنبول)، بالإضافة إلى اسم "الدبونة" وهو اسم عثماني مشهور يدل على مركز الشرطة. ومن الآثار العثمانية التي لاتزال غزة تحتفظ بتفاصيل أحداثها، (المسجد العمري) والذي يقع في حي الدرج، وهو أحد أكبر وأقدم مساجد المدينة، يعود بناؤه إلى العهد المملوكي حيث القرن الثاني عشر، وتتميز الجهة الشمالية منه بالتراث والبناء العثماني "البحت". وبنى العثمانيون عام 1600 في الجهة الشمالية من المسجد العمري رواقين، أحدهما شرقي والآخر غربي، منقوش فوق كل رواق سنة الإنشاء واسم المنشئ، وبجانب الرواقين يوجد "مزيرة" للماء، استخدمها العثمانيون للوضوء. وفي إحدى حاراتِ حي الزيتون، يتربع حمام "السمرة"، مملوكي الطراز والبناء، لكن الجدير بالذكر أنه كان مقصد "الباشوات" في العهد العثماني، بحيث أطلق عليه اسم حمام "الباشا" في العهد العثماني. وبالإضافة إلى الآثار العثمانية "الشهيرة في غزة، هناك ما يقرب الـ(200) منزل عثماني في القطاع، بعضه اندثر، والبعض الآخر ترجع ملكيته لشخصيات مسيحية أغلقتها وهجرتها، والبعض الأخير يحتاج إلى إعادة ترميم وتأهيل. ونوّه أبو حلبية إلى أن عمليات ترميم الآثار الموجودة في غزة بدأت مع قدوم السلطة الوطنية الفلسطينية عام 1994، بحيث كانت تعتمد وزارة السياحة والآثار على المؤسسات الأجنبية الداعمة للترميم، مشيراً إلى أن الترميم –اليوم- يتم بأيدي محلية وبمستلزمات بسيطة. وفي السياق نفسه، ذكر وكيل وزارة السياحة والآثار في غزة، محمد خلة، أن الآثار العثمانية تتجلى بالمساجد، والمباني، والسبل، والحارات. وأرجع غياب الترميم الدوري للآثار إلى الوضع الاقتصادي السيء في قطاع غزة، وإلى الحصار، بحيث يخضع القطاع لحصار خانق فرضته إسرائيل منذ سيطرة حركة حماس على قطاع غزة في صيف 2007. وفيما يتعلق بالبيوت العثمانية المغلقة في قطاع غزة، والمهددة بالانهيار، قال "خلّة": " وزارة السياحة تهتم بشكل كبير بهذه البيوت، وتسعى لامتلاكها في خطوة منها للمحافظة على الآثار الإسلامية في غزة".