الأنفاق ظاهرة استثنائية في العلاقات التجارية ,وقد لجأت إليها غزة مضطرة بسبب الحصار الظالم الذي ضربه الاحتلال ومن تعاونوا معه على غزة بعد فوز حماس في انتخابات حرة ديمقراطية . لعل أهم السلع التي تدخل من الأنفاق إلى قطاع غزة هي : ( مواد الإعمار من حصمة وحديد واسمنت ، إضافة إلى الوقود ) وهذه سلع يمنع الاحتلال مرورها عبر معابر القطاع مع الأراضي المحتلة ، بحجة أنها تستخدم في أعمال المقاومة . مرت أعوام قاسية على غزة بعد الحرب الأخيرة في نهاية 2008 ومطلع 2009 وتراكمت حاجة قطاع غزة إلى الشقق السكنية حتى بلغت (60 ألف شقة ) ، ولم تعد المدارس تستوعب الزيادة السنوية للطلاب ، وكذا الحال في المشافي ، فلجأ القطاع إلى الأنفاق . في عهد حكم مبارك حاول جاهداً منع تجارة الأنفاق واستجاب للضغوط الأميركية والإسرائيلية وحاول إقامة حاجز من الفولاذ الحديدي تحت الأرض ، ولكنه فشل في مهمته ، لأن الشعب المصري كان ضد هذه الإجراءات ولأن الشعب الفلسطيني قاوم هذه المحاولة بكل الوسائل والسبل ، وانتهى مشروع الحصار من تحت الأرض بنجاح الثورة المصرية المجيدة في 25 يناير 2011م . مثلت الأنفاق المتنفس الحقيقي لأعمال البناء وإعادة الإعمار في غزة ، وصارت بمثابة شريان الحياة ، الذي تقف الحياة بدونه ، وأخضعت الحكومة في غزة الأنفاق إلى مراقبة صارمة لمنع الإخلال بالأمن ، أو التهريب ونشر المخدرات ، وقدمت الأنفاق فرص عمل عديدة في الجانبين الفلسطيني والمصري ، وعاشت من ورائها أسر كثيرة ، ومات من أجل بقائها ، ومن أجل لقمة العيش العشرات من أبناء قطاع غزة . في السياسة صرحت الحكومة في غزة أنها جاهزة لإنهاء الأنفاق وإغلاقها حين يتوفر للشعب الفلسطيني في غزة ممر تجاري فوق الأرض مع مصر ، وحين يفتح الاحتلال ممراته مع غزة ويسمح بدخول مواد الاعمار إليها ، وبدون الممر التجاري الطبيعي ، لا تستطيع غزة القبول بإغلاق الأنفاق لأنها بإغلاقها تقتل نفسها ، أو قل تنتحر ، وتحكم على الشعب بالإعدام . ثمة فرصة جيدة في عهد الرئيس محمد مرسي لإغلاق الأنفاق وفتح معبر تجاري طبيعي مع غزة ، كمعبر مصر مع ليبيا ، ومعبرها مع السودان ، وهذا قدر مصر ، وحكم الجغرافيا السياسية ، وقد أبدى محمد مرسي أنه ضد حصار غزة ، وأنه سينفذ كل مطالب الثورة المصرية ، ومن مطالبها إنهاء حصار غزة . المؤسف أنه في ضوء الجريمة الأخيرة ضد الجنود المصريين في سيناء والتي يقف خلفها الموساد الإسرائيلي ، سارعت جهات من بقايا نظام مبارك القديم للإفادة من الأجواء السلبية القاتمة للجريمة وإغلاق أنفاق ( الاعمار والبناء ) فأغلقوا عددا كبيرا منها لم يتمكن حسني مبارك ونظامه من إغلاقها ، وأحسب أن هذه الجرأة تستهدف إحراج الرئيس محمد مرسي وحكومته والإساءة إليه، ومعاقبة غزة في الوقت نفسه تحت حجة الأمن . اليوم غزة تعاني من شح في مواد البناء والاعمار ، وتعاني من ارتفاع الأسعار ، وقطر بدأت الخطوة الأولى في إعادة الاعمار ، ومن يسارع إلى الإغلاق إنما يستهدف خنق غزة ، وقتلها، ومنع قطر من العمل في غزة ، وهذا أمر ترفضه غزة بكل قوة ، وتنزه محمد مرسي أن يحدث في عهده ، وهي ستقاومه كما قاومت محاولات مبارك ، لأن الحق في الحياة دين ، ومقدس أيضا ً.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.