تدخل سوريا مرحلة جديدة قد تكون أصعب من سابقتها، رغم تمكن النظام السوري بسط سيطرته على مناطق واسعة من البلاد بعد سنوات من الحرب على الثورة التي انطلقت عام 2011.
بعد الحرب الاقتصادية على كل ما يمكن أن يؤثر على مصادر تمويل النظام السوري في ظل عقوبات أوروبية وأميركية على النظام ورجال أعمال مقربين منه، تأتي المفاجأة هذه المرة من النظام نفسه.
فعلى طريقة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، يتجه النظام السوري إلى الضغط على رجال الأعمال السوريين، في خطوة لم يكن لأي منهم أن يتوقعها خصوصا في ظل وجود مصالح وأعمال مشتركة مع النظام داخل وخارج البلاد.
إعادة الأموال
يستخدم النظام السوري طريقة جديدة لدفع رجال الأعمال السوريين إلى مده بالعملة الصعبة بعد انهيار الليرة السورية.
ولعل الطريقة المثلى التي يستخدمها النظام في هذا الإطار هي فتح ملفات الفساد للشخصيات المستهدفة وفتح تحقيق في أموالهم لينتهي الأمر بتغريمهم بمبالغ طائلة.
وهذا ما حدث فعلا مع رجل الأعمال محمد حمشو الذي توصل إلى تسوية بعد أن رفعت عليه وزارة التربية والتعليم قضايا بشأن مشاريع مشتركة بينهما، وانتهت بحكم يقضي بدفع حمشو أكثر من 90 مليارا و442 مليونا ليرة سورية (نحو مئة مليون دولار)، بحسب ما أوردت وكالة الأنباء السورية الرسمية على أن يفك بعدها الحجز الاحتياطي على أموال حمشو.
قانون قيصر
قبل أن يوقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب اعتماد قانون قيصر الذي يكثف الضغط على النظام السوري، اعتمد النظام عملية سرية للحجز الاحتياطي على أموال رجال أعمال، لعل أبرزهم رامي مخلوف ابن خالة الرئيس السوري بشار الأسد المثير للجدل بشكل دائم بين السوريين، وآخرون مثل باهر السعدي ومحمد خير العمريط وعلي محمد حمزة، وذلك بحسب ما كشفت تسريبات من وسائل إعلامية محلية مقربة من النظام.
والحجز الاحتياطي يعني أن حرية التصرف بالأموال وفك الحجز موجودة لكن بعد تنفيذ ما يريده النظام دون أن يؤثر الأمر على حركة أموال النظام داخل وخارج سوريا، وذلك بسبب اعتماده على رجال أعمال لبنانيين غير معروفين.
وفي تصريح للجزيرة نت قال المدير التنفيذي للمنتدى الاقتصادي السوري تمّام البارودي، إن النظام السوري يعتمد دائما على شخصيات جديدة غير معروفة من أجل إدارة أمواله خارج البلاد، منهم لبنانيون، بحيث يكونون بعيدين عن الأضواء المسلطة بشكل متكرر على رجال الأعمال السوريين.
انهيار الليرة
وصلت الليرة السورية إلى أدنى مستوى منذ تأسيسها، وهذا الأمر جعل النظام غير قادر على عملية تمويل بعض القطاعات في الدولة.
لهذا السبب يضيف البارودي أن النظام يتجه إلى الضغط على رجال الأعمال ليساعدوه على سد النقص، رغم أنهم لن يتمكنوا من دعم اقتصاد البلاد، لأنه يقوم على أسس وحركة تجارية وصناعية، فضلا عن فقدان النظام لحقول النفط التي تسيطر على غالبيتها ما تُعرف بقوات سوريا الديمقراطية المدعومة من التحالف الدولي شمال شرقي سوريا.
وفي حديث مع الجزيرة نت قال مرشد النايف الصحفي المتخصص بالشأن الاقتصادي، إن قيام النظام بالحجز الاحتياطي على أموال رجال الأعمال لن ينجح في دعم الليرة كما يروج عبر وسائل إعلامه.
وبحسب النايف يسعى النظام -من خلال الضغط على رجال الأعمال- للترويج داخل الشارع السوري بأنه يحارب الفساد.
واعتبر النايف أن دعم الليرة لن يقدر عليه رجال الأعمال، خاصة مع اقتراب تنفيذ العقوبات الجديدة، وخير دليل على ذلك فشل مبادرة قطاع الأعمال السوري من أجل دعم الليرة التي طرقت أخيرا أبواب الألف ليرة سورية لكل دولار، وسط توقعات بأن تصل إلى مستويات أسوأ خلال الأشهر القليلة القادمة.