رأى الخبير المالي والاقتصادي الدكتور إيلي يشوعي أن الوضع النقدي في لبنان يتراجع بشكل دراماتيكي وسريع، مشيرا الى أن الاحتياطي بالعملات الصعبة في البنوك المركزية عبر العالم أكثر من مهم من أجل حماية عمليات الاستيراد من الخارج، وهو ما لم يعد متوافرا في البنك المركزي اللبناني وذلك لسببين رئيسيين وهما: الأول خارجي ويتمثل بـ 1 ـ توقف الاستثمارات العربية، 2 ـ توقف الاقتراض من الأسواق العالمية بواسطة إصدارات اليوروبوند والذي كان يصل سنويا الى 15 مليار دولار ويسجل فائضا في ميزان المدفوعات، 3 ـ توقف تحويلات اللبنانيين في الاغتراب بسبب الوضع المصرفي الراهن.
والثاني داخلي يتمثل في: - عدم وجود سياسات وهندسات مالية وضريبية منذ ثلاثين سنة تشجع على الاستثمار وتحفز على الإقدام والمبادرات الشخصية، وتساعد على القدرات الاستهلاكية، ـ انخفاض إمكانيات التصدير الى ما يقارب العدم، 3 ـ غياب الرؤية العلمية لبناء اقتصاد قوي وذلك بالتوازي مع الفائدة العالية على الودائع والخدمات الرديئة والإنفاق غير المبرر والهدر في المال العام إضافة الى السرقات والسمسرات والصفقات.
وعليه لفت يشوعي في تصريح لـ "الأنباء" الكويتية الى أن أمام هذا الواقع المأساوي ومع تراجع المصادر الخارجية والداخلية ومع اقتصاد أكثر من هزيل، فإن الوضع النقدي ذاهب لا محال الى مزيد من التدهور إن لم نقل الى الانهيار، علما أن لمجرد القول ان الحكومة تشكلت يرتاح الوضع أقله من الناحية النفسية، لكن سرعان ما سيزول هذا الأثر النفسي الجيد ونعود الى الانكماش عند تشريح الحكومة العتيدة والتأكد من أنها حكومة أقنعة.
ولفت يشوعي الى أن ما يحتاج إليه لبنان اليوم هو صدمة إيجابية من خلال تشكيل حكومة مستقلين لاستعادة الثقة بالدولة والمصرف، خصوصا أن ما يقارب الأربعة مليارات دولار موضوعة في المنازل وتعتبر ميتة كرؤوس أموال، فبمجرد استرداد ثقة الشعب ولو نسبيا، تعود هذه الرساميل إلى المصارف، الأمر الذي سينعش الاقتصاد ويسمح للمصارف بعودة تمويل المستورد والمنتج الصناعي.