كشف تقرير صيني نشر، أمس الخميس، عن وفاة شاب في الثلاثينيات من عمره بفشل في الجهاز التنفسي، رغم تعافيه من الإصابة بفيروس كورونا وسماح مستشفى في ووهان بمغادرته.
التقرير الذي نشرته صحيفة "ذا بيبر" في البداية، ثم حذفته، قبل أن تتداوله صحف أخرى، قال إن الشاب لم يكن على ما يرام بعد يومين من مغادرته المستشفى، وشعر بآلام في المعدة والفم، قبل أن تزداد حدة الأعراض عليه ويعود إلى المستشفى ويتوفى هناك.
وأكدت شهادة الوفاة الصادرة عن لجنة الصحة في ووهان الصينية، أن السبب المباشر للوفاة هو فيروس كورونا "Covid-19"، كما أوضحت الشهادة أيضًا أن انسداد الجهاز التنفسي وفشله، أعراض ربما أدت إلى وفاة الشاب.
هذه الأنباء أثارت مخاوف من أن المعافين قد يكونوا إما عرضة للانتكاسات الصحية والتدهور السريع، أو أن الأطباء ما زالوا غير قادرين على تقييم وتشخيص الإصابات.
هل تتجدد الإصابة؟
وفقًا لتقرير لمجلة "فورتشن"، فإن العدد الدقيق للحالات التي انتكست وماتت بعد تعافيها من كورونا غير واضح، لكن اليابان سجلت حالة واحدة على الأقل، بما في ذلك رجل في ووهان وآخر في مقاطعة سيتشوان، و13 مريضًا خرجوا من نفس المستشفى في مقاطعة قوانعدونغ.
تقول شارون ليون، مديرة معهد بيتر دوهرتي للعدوى والمناعة في ملبورن، إن إعادة الإصابة بفيروس "COVID-19" أمر ممكن، لكن مثل هذه الحالة ستكون "مفاجئة".
وتضيف: "من الممكن ألا يتم إعادة تشخيص المرضى بالفعل بالإصابة مرة أخرى، لكن هناك عوامل أخرى ـمثل التشخيص الخاطئ أو الخطأ البشري أو الاختبارات الخاطئةـ تعطي نفس النتائج من الناحية الظاهرية".
وفقًا للاختبارات التي أُجريت باستخدام نماذج حيوانية لمرض السارس، وهو أحد سلالات فيروس كورونا القديمة، فإن المرضى الذين يتعافون من المرض سيحصلون على حصانة منه.
وتتابع شارون: "مما نعرفه عن الفيروسات التاجية الأخرى، أنت تتعافى، ويقوم الجسم بتشكيل أجسام مضادة، وتتخلص من الفيروس، ثم إذا أصيب الشخص بنفس المرض فإن هذه الأجسام تحميه".
ومع ذلك أكدت أن العلماء لا يزالون يجهلون الكثير بشأن "كوفيد 19"، كما أن هناك عدد قليل جدًا من الحالات التي تأكد إصابتها بالمرض مرتين والتي يمكن إخضاعها لدراسة من أجل استخلاص نتيجة قاطعة.
ولا يستبعد العلماء احتمال الإصابة مرة أخرى، بحسب فيجاي داناسكاران، الأستاذ المشارك في علم الأحياء الدقيقة بجامعة موناش، والذي يدرس مسببات الأمراض الفيروسية وتفشي الأمراض المعدية.
إن حالات تجدد الإصابة "ممكنة"، فمثلًا الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، هما فيروسان يمكن للمرضى أن يصابوا بهما أكثر من مرة.
ومع ذلك يؤكد الباحثون أن التأكد بشأن تجدد الإصابة بفيروس كورونا الجديد يحتاج لمزيد من الأبحاث.
على جانب آخر، يقول دو بين، عضو فريق الخبراء الصيني المشرف على علاج المصابين بفيروس كورونا في ووهان، وهو أيضًا مدير وحدة العناية المركزة للطب الباطني في مستشفى كلية بكين للطب، إنه لا يوجد دليل على أن الأشخاص الذين تعافوا ثم أصيبوا بالفيروس يمكنهم نقله إلى الآخرين.
كيف يبدو شعور ما بعد التعافي؟
الشاب الفلسطيني محمد أبو ناموس، والذي يدرس في مدينة ووهان الصينية، كان أحد الذين حالفهم الحظ وخرجوا من مستشفيات الصين بعد تلقيه الرعاية اللازمة وتماثله للشفاء من فيروس كورونا الجديد.
يقول أبو ناموس عن فترة العلاج: كانت تصلني أدوية اشتملت على 8 أصناف، وكان هناك علاج بالتغذية بالإضافة إلى العلاج النفسي، حيث تم إعطائي دفعات معنوية بأن كل شيء سيكون على ما يرام وبأنه لا يتوجب علي الخوف، علاوة على ممارسة الرياضة، والنصائح والإرشادات اللازمة كالنوم وشرب السوائل وغيرها.
استمرت فترة الرعايا بعد تأكد إصابة أبو ناموس نحو أسبوعين، وقبل السماح بخروجه، خضع لثلاثة اختبارات، وبعد التبين من سلبية النتائج خرج، موضحًا أن المتعافي يخضع لأربعة عشر يومًا من الملاحظة.
وصف أبو ناموس لحظة خروجه من المستشفى بأنها كانت كمن يستنشق الحرية، مضيفًا: "الأطباء نصحوني بألا أختلط بالناس كثيرا، رغم أن المناعة جيدة لدي، ويجب أن أبقى خلال الفترة القادمة تحت المراقبة من أجل الاطمئنان أكثر".
لا يخضع الجميع لنفس المعايير، ووفقًا لشبكة "إن بي سي نيوز"، فإن شخصًا أصيب بالفيروس في كاليفورنيا، تعافى وخرج من المستشفى بعد 9 أيام، فيما تم إيداع آخر في شيكاغو قيد العزل في المستشفى ثم نقل إلى المنزل لمدة شهر تقريبًا.
وتوضح الشبكة أن العزل لا يعني بالضرورة أن المريض في حالة خطيرة. لكنه مجرد إجراء لمنع تفشي الفيروس في المجتمع، إلى أن يتم إثبات خلو الشخص من الفيروس.
ماذا فعل كورونا بالعالم إلى الآن؟
وتجاوزت الإصابات العالمية بفيروس كورونا الجديد الذي ظهر لأول مرة في وسط الصين نهاية العام الماضي، 100 ألف مصاب، وبلغت الوفيات أكثر من 3400 حالة وفاة، لكن بلغ أيضًا عدد المعافين 55 ألفًا.
وفي حين كانت أغلب الحالات مسجلة في الصين حتى منتصف الشهر الماضي، فإن المرض انتشر على نحو متسارع في مناطق مختلفة من العالم، وتجاوزت الإصابات 6.5 ألف في كوريا الجنوبية، وسُجلت نحو 4 آلاف إصابة في كل من إيران وإيطاليا، إلى جانب المئات في نحو 80 دولة أخرى.
وعطلت عدد من الدول في الشرق الأوسط وأوروبا وبعض الولايات الأمريكية، الدراسة جزئيا أو بشكل مؤقت، إلى جانب إلغاء العديد من الفعاليات والأحداث العامة. كما أوقف عدد من الدول الرحلات الجوية بينها وبين إيران وإيطاليا وكورويا الجنوبية وبعض المناطق في الصين.