مع تضرر الاقتصاد العالمي بشكل كبير بفعل تداعيات أزمة كورونا المستجد، يتساءل البعض: لماذا لا تتسبب الإنفلونزا، التي تودي بحياة مئات الآلاف سنويا، في انكماش اقتصادات الدول كما فعل "الوباء الجديد"؟
حسب أرقام مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة، فقد أصابت الإنفلونزا هذا الموسم ما يصل إلى 55 مليون أميركي، وأدت إلى وفاة 63 ألفا.
أما كورونا، فقد أصاب حتى الآن أكثر من 600 ألف شخص في البلد ذاته، وأودت بحياة نحو 26 ألفا آخرين.
لكن رغم ذلك، فإن "كوفيد 19" أثار ذعر العالم، وأدى إلى إغلاقات غير مسبوقة، ويقود الكوكب لأزمة اقتصادية لم يشهدها منذ عقود.
وقالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية إن "كوفيد 19" يتفوق على الإنفلونزا العادية في سرعة انتشاره وطول مدة الإصابة به وشدته وتداعياته ومضاعفاته.
وإذا كانت الإنفلونزا تخلف موجة ضعيفة من الإصابات في جميع أنحاء البلاد على مدى 6 أشهر، فإن كورونا اجتاحت الولايات المتحدة في نصف المدة الزمنية وبقوة أكبر.
وفرض كورونا إجراءات التباعد الاجتماعي في كل بلاد العالم، وجعله الحل الفعال الوحيد لمواجهة المرض في ظل غياب لقاح فعال له، ومن دون هذا الإجراء سيواصل الفيروس حصد ضحاياه بشكل أسرع.
ويقول ويليام شافنر، أخصائي الأمراض المعدية في المركز الطبي بجامعة فاندربيلت في ناشفيل: "الإنفلونزا تنتشر وتختفي في إطار زمني قصير بعكس كورونا. كما أن كوفيد 19 يخلف نقاطا ساخنة، مثل نيويورك في أميركا".
أمر آخر يجعل كورونا أشد فتكا مقارنة مع الإنفلونزا، هو غياب اللقاح إلى حدود الساعة.
وفي هذا السياق، يتحدث أليسون واينمان طبيب الأمراض المعدية في مركز هنري فورد الصحي في ديترويت قائلا: "لقاح الإنفلونزا متاح ومتوفر للعموم. وبالتالي فإن تطوير لقاح كورونا قد يجعل من الفيروس المستجد مرضا عاديا مثل الإنفلونزا".
وقالت الصحيفة الأميركية إن "الإنفلونزا العادية لا تدفع الدول إلى تحويل فنادق ومراكز سياحية وترفيهية إلى مستشفيات مؤقتة لاستقبال المرضى، كما أنها لا تحتم على الأطباء والممرضين المتقاعدين العودة إلى العمل"، مشيرة إلى أن كل هذه المتغيرات أحدثها كورونا.
اختلاف آخر يمكن رصده بين المرضين، وهو متوسط مدة إقامة المرضى في المستشفيات في حالة الإصابات الشديدة، حيث يمكث مصابو الإنفلونزا 4 أيام في المستشفى، إن تطلب الأمر ذلك، مقابل 12 يوما في لمتوسط لمرضى كورونا.
من بين تداعيات كورونا الأخرى، النقص الشديد الذي خلفه في المعدات الطبية، مثل أجهزة التنفس الاصطناعي والكمامات والألبسة الواقية، كونه مرضا شديد العدوى، وهو أمر لم يسبق أن أحدثته الإنفلونزا.