أعربت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عن استهجانها ورفضها للمغالطات التي جاء عليها بيانُ حركة فتح، الصادر أول أمس، إزاء سياسات ومواقف الجبهة، وخصوصًا من منظمة التحرير الفلسطينية،عدا عن التشكيك بدوافع تحالفاتها الوطنية والإقليمية، ودوافع مطالبتها بحقوقها المالية.
وقالت في بيانٍ لها" إن التصدي لصفقة القرن، والرد المفترض على تحدي الضم القادم للضفة لن يُكتب له النجاح دون إلغاء الأساس السياسي الذي مهّد الطريق إلى صفقة القرن، والمتمثل باتفاق أوسلو وما ترتب عليه من التزامات سياسية وأمنية واقتصادية، ودون سحب الاعتراف بالاحتلال، ومغادرة نهج المفاوضات".
وأضافت الجبهة الشعبية أنها ليست بحاجة إلى تأكيد موقفها التاريخي من منظمة التحرير الفلسطينية وتمسكها بها كممثل شرعي ووحيد لشعبنا، ولا إلى دورها في الحفاظ على المنظمة، ومقاومة مشاريع تصفيتها، وإفشال مشاريع كان يمكن أن تفتح على بدائل لها.
وواصلت في بيانها "إنّ قناعة الجبهة بالمنظمة ككيانٍ تمثيليٍّ جامعٍ لشعبنا، هو الذي يفرض عليها حمل لواء إصلاحها، وإعادة بناء مؤسساتها على أسس وطنية وديمقراطية وفق الاتفاقيات الموقعة. وبالإشارة إلى ما سبق، فإن الجبهة الشعبية ليست مسؤولة عن أي تفسيرٍ من الإخوة في حركة فتح لحقيقة موقف الجبهة في حوار موسكو"
واستغربت استمرار استحضار هذه "الرواية" المغايرة لحقيقة ما جرى، ومسؤولية السفارة في التلاعب بصيغة البيان الذي تم التوافق عليه وهو ما أدى إلى خلق الإشكالية وعدم التوقيع على البيان. وفي هذا السياق تؤكد الجبهة أنها لم تقدم أيَّ اعتذارٍ لأيّة جهة كانت على موقفها، كونها لم تُخطئ في عدم التوقيع على البيان، ولأنها كانت حريصة على ألّا تصل الأمور إلى طريق مسدود يغلق الباب أمام جهود إنهاء الانقسام، وللعلم فإن مصادرة حقوق الجبهة قد سبق لقاء موسكو بفترة طويلة .
ودعت الجبهة حركة فتح إلى معالجة موضوعية لواقع منظمة التحرير الفلسطينية الذي لا يسرّ صديقاً، وإلى التمعّن في مسؤوليات كل طرف، ومسؤولية الخيارات السياسية التي ترتبت على اتفاقيات أوسلو وتأثيراتها الكارثية على المنظمة، وفي الأسباب الداخلية التي قادت جميعها إلى إضعاف حضور المنظمة ودورها، وتغييب هيئاتها وإفقادها أيَّ دورٍ فعليٍّ في إطار صلاحياتها، وإفقاد قراراتها أيّة صفة إلزامية.
وعبرت عن تمسكها بالتعددية السياسية، وحق الاختلاف، وبالحوار الديمقراطي سبيلاً لإدارة ومعالجة التناقضات الداخلية، بالاستناد إلى قانون "وحدة– نقد– وحدة". وعلى هذا الأساس.
وأكدت الجبهة أنّ أيّة خلافات سياسية مع أيّة قوى، ومع أيّة سياسات رسمية لا تتوافق مع سياساتها، هو حق مكفول لها، وتُرحّب في ذات الوقت بأيّ نقاشٍ أو نقدٍ موضوعي لسياساتها ومواقفها، في سياق الرؤية الوطنية المطلوبة لاستعادة المشروع الوطني الذي يقطع مع اتفاقيات أوسلو، ولاستعادة الوحدة الوطنية، والوصول إلى برنامج إنقاذي شامل للوضع الفلسطيني.
وشددت الجبهة رفضها لأيّة مهاتراتٍ أو ليّ عنق الحقائق من أي جهة كانت عند الاختلاف،داعية إلى الحذر من محاولات أطرافٍ لها مصلحة في تعميق الخلاف بين الجبهة الشعبية وحركة فتح.
وواصل البيان " الجبهة الشعبية تبني تحالفاتها بالاستناد إلى استراتيجية واضحة تحدد معسكر الأصدقاء، وإلى موقف القوى والبلدان من الكيان الصهيوني كعدو، وحدود دعمها لشعبنا ونضاله لتحقيق كامل أهدافه الوطنية، وفي إطار رؤيتها لطبيعة الصراع في المنطقة. وعلى هذه القاعدة، فإن الجبهة تعتزّ بعلاقاتها القائمة مع قوى وبلدان في الإقليم، ولا يرهبها أي اتهام بهذا الخصوص"
وتابع البيان "فالجبهة كما يعرفها الإخوة في حركة فتح لم تساوم يومًا على مواقفها مع أيّة تحالفات، ولا تلجأ إلى "صناديق دول الإقليم والتموّل منها" لخدمة أجندات خاصة بها، ولو لم تكن الجبهة كذلك، لما عانت وما تزال من حصار سياسي ومالي يستهدف تطويع مواقفها وسياساتها"
وطالبت حصولها على حقوقها من الصندوق القومي الفلسطيني، كما تقرر في المجلس الوطني، وبصفتها فصيل مؤسس وثاني فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، لم تشأ أن تجعل من هذه القضية عنوانًا للسجال العلني، إلا بعد أن فشلت كل محاولاتها واتصالاتها التي امتدّت لأكثر من عامين مع الإخوة في حركة فتح، ومع أعضاء في اللجنة التنفيذية، ومع فصائل العمل الوطني، والتي أكدت جميعها على حقوق الجبهة، ورفضها قرار مصادرة هذه الحقوق. والجبهة.
وأكدت أنها مستمرة في تغليب لغة الحوار والاتصالات لمعالجة قضية حقوقها كقضية تنظيمية وسياسية، ورفض أيّة شروط سياسية للحصول عليها، وتجدد دعوتها إلى الإخوة في حركة فتح لحوار إستراتيجي، وعلى أعلى المستويات، لنقاش القضايا الخلافية، وتوسيع مساحة القواسم المشتركة، بما في ذلك حقوق كل طرفٍ وواجباته، في إطار الشراكة التاريخية التي تعمّدت بالدم تحت لواء منظمة التحرير الفلسطينية.