كشف مسئول أمني إسرائيلي كبير ما قال إنها تفاصيل جديدة عن "اغتيال يحيى عياش، مهندس العمليات الانتحارية لحماس، الذي قتله جهاز الأمن العام الإسرائيلي-الشاباك في أوائل 1996".
وأضاف إسحاق إيلان النائب السابق لرئيس الشاباك في حوار مطول مع صحيفة معاريف، أن "عياش، وصل في أبريل 1995 إلى قطاع غزة، في ذات ليلة تعييني رئيسًا لمنطقة القطاع داخل الشاباك، اعتبرتها هدية حقيقية تلقيتها، لأنه أحد أخطر الأشخاص الذين عملوا ضدنا".
إيلان، وكنيته "الجورجي"، يتقن خمسة لغات: الروسية والجورجية والعربية والعبرية والانجليزية، وكاد أن يترأس الشاباك خلفا ليوفال ديسكين، يصف عياش بقوله إنه "رمز وشخصية، حضر جنازته مليون فلسطيني، ما يميزه أن لديه مزيج نادر من القدرات، شخصية جذابة بشكل غير معتاد، دقيق للغاية، لم يتحدث على الهاتف، لم ينم ليلتين متتاليتين في مكان واحد، كان متديناً".
وأشار إلى أننا "وصلنا مرة إلى منزل والديه في جنين، ورأينا صورة معلقة على الحائط تجمعه مع عدد قليل من طلاب جامعة بير زيت، حينها طلبت تحليلاً دقيقاً لكل من ظهر في الصورة، لأنهم بدوا مجموعة متماسكة، بهذه الطريقة الجريئة، وصلنا إلى عياش نفسه".
وأكد أن "عياش استطاع الوصول إلى غزة بسبب غبائنا نحن الإسرائيليين، تخيل، صدق أو لا تصدق، في ذلك الوقت كان التفتيش عند الخروج من غزة فقط، وليس عند دخولها، قدرنا أنه لا أحد يريد الوصول لغزة، لكن عياش تمكن من الدخول، لذلك أدركنا حجم الخطأ، وبدأنا بمراقبة القادمين أيضًا".
وأوضح أن "عياش مسؤول عن سبعة تفجيرات انتحارية بعد مذبحة الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل في 1994، هنا يمكن القول بكل ثقة أن التفجيرات الانتحارية في إسرائيل بدأت فقط بعد مجزرة باروخ غولدشتاين، بشكل لا لبس فيه، عياش نفسه أصدر رسالة بعد المجزرة للبدء بتنفيذ تفجيرات انتحارية، وعد ونفذ".
وأشار إلى أن "من أعطى الأمر بقتل عياش هو رئيس الوزراء إسحاق رابين، دون أن يكون الاغتيال بارزًا، وبعد مقتل رابين، صادق خلفه شمعون بيريس على العملية، وشكل اغتيال عياش إحدى أكثر العمليات تعقيدًا في تاريخ الشاباك، بعد أن توصلنا إلى فكرة وجود هاتف محمول به متفجرات عن طريق الصدفة تمامًا، وحوله فنيوا الشاباك إلى قنبلة".
نقطة الضعف
وأضاف أننا "في تلك اللحظة علمنا أننا نسير على الطريق الصحيح، أكبر نقاط ضعف عياش هي أسرته، حتى لو اشتبه بأنه كان يستمع للهاتف، فقد استخدمه للاتصال بوالده، وسؤاله عن حالته، مع العلم أن المخابرات الروسية أخذوا تفاصيل عملية اغتيال عياش، وقاموا بتقليدها، وتعلموا أسلوبنا، وفعلوا شيئًا مشابهًا جدًا لقائد المسلحين الشيشانيين".
إيلان، الذي عمل محققًا بمدينة رام الله في الانتفاضة الأولى، ورئيسا للشاباك بالضفة الغربية في الانتفاضة الثانية، ورئيس قسم مكافحة العمليات في غزة، ورئيس جناح التحقيق، يقول إن "العمل الأمني في الضفة الغربية شاق إلى درجة تشبه تجفيف البحر بملعقة، ومع ذلك، فالأمر لم يكن فقط مجرد نجاحات، فهناك عدد من حالات الفشل"
وأضاف أن "من العمليات الناجحة تقديم معلومات عن مكان محمود أبو هنود القائد العسكري لحماس في الضفة الغربية، الذي خطط للتفجير الانتحاري الثلاثي في القدس، وهجومين خطيرين في طبريا وحيفا في 1999، حاولنا القبض عليه، وكان هناك إطلاق نار من قواتنا، فقتل 3 مقاتلين من النخبة، واستقال قائد الفرقة، لم يكن ذلك حدثًا بسيطًا".
الهجمات المروعة
وأضاف أن "رائد الكرمي، قائد تنظيم فتح في طولكرم، ورغم أن قرار اغتياله تسبب بنسف الهدنة في الانتفاضة الثانية، وأدى لاحقا إلى "المسيرة السوداء"، لكنه تسبب بأكثر الهجمات المروعة التي عانت منها إسرائيل، وأسفرت عن أضرار مادية وبشرية جسيمة، وقد قتل بيديه إسرائيليين، حين كانت الانتفاضة الثانية آنذاك تزداد سوءً، وعلمنا أنه يخطط لتفجير انتحاري خطير".
وكشف النقاب أن "الشاباك حاول عدة مرات اغتيال الكرمي، لكنها فشلت، ولم نكشف عنها، إلى أن نجحت المحاولة الأخيرة، مع أن هناك تعليمات مباشرة أتتنا من أريئيل شارون، رئيس الحكومة آنذاك، الذي دأب على الاتصال مع آفي ديختر رئيس جهاز الشاباك كل صباح، ويسأله: لماذا لا يزال الكرمي على قيد الحياة، أطلب منك أن تقضي عليه".
وأشار إلى أن "الشاباك يحارب الهجمات الفلسطينية، لكنه يقتصر على التوجيه الذي يتلقاه من المستوى السياسي، هذه الطريقة الوحيدة لوقف الهجمات الفظيعة مثل عملية فندق بارك وملهى الدولفيناريوم التي نفذتها حماس، كان هجوم "بارك" الأكثر رعبا، حصلت حينها على تقارير مخيفة، المزيد من الجثث في ملابس العيد، 30 جثة، وأكثر من مائة جريح، عدد كبير منهم أصيبوا بجروح خطيرة".
صفقة حماس
وأضاف أن "رائد مسك أراد أن ينفجر بفندق مرموق في هرتسليا، ذهب إلى هناك، لكنه لم يتمكن من الدخول، ارتدى ملابس امرأة، وأمتعته ضخمة، تزن 15 رطلاً، جلس في وسط القاعة، وضغط على الزر، وحصلت التفاصيل المأساوية المعروفة".
وتحدث المسؤول الإسرائيلي عن "مخطط العمليات التفجيرية عباس السيد، أحد قادة حماس، دكتور الشريعة، ومحاضر جامعي في الولايات المتحدة، لكنه أسس فرقة مسلحة، وأرسل المنفذ للفندق، لذلك عارضنا إطلاق سراحه في صفقة التبادل مع حماس، ولا يزال في السجن، لأنه خطط لهجوم فندق بارك، وهجوم مركز شارون التجاري، الذي قتل فيه 5 إسرائيليين، وحين اعتقلناه، اعتبرناه قنبلة موقوتة، وصدر ضده 35 حكماً بالسجن المؤبد".