17.52°القدس
17.26°رام الله
16.64°الخليل
21.42°غزة
17.52° القدس
رام الله17.26°
الخليل16.64°
غزة21.42°
الجمعة 22 نوفمبر 2024
4.68جنيه إسترليني
5.24دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.89يورو
3.71دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.68
دينار أردني5.24
جنيه مصري0.07
يورو3.89
دولار أمريكي3.71

"وجع البوسطة ولهفة اللقاء"

شذى الحسن تروي قصتها الجديدة مع الظلم في سجون الاحتلال

الضفة الغربية - فلسطين الآن

واصلت الأسيرة المحررة شذى حسن، سلسلة قصصها عن المعاناة التي تعرضت لها خلال مدة اعتقالها في سجون الاحتلال الإسرائيلي.

وبعد أن شرحت الأسيرة المحررة شذى معاناتها في أول يومين لها في سجون الاحتلال، انتقلت لسرد قصتها مع "البوسطة" والمحكمة التي يعاني منها جميع الأسرى الفلسطينيين.

شذى شقيقة الأسير محمد حسن، شاهدت معاناة 39 أسيرة يتجرعن الألم، جراء الظلم الواقع عليهن من قبل الاحتلال الذي لا يرحم طفل أو إمرأة أو شاب أو رجل كبير.

وبعد روايتها لقصة اعتقالها وتحقيق المخابرات الإسرائيلية معها ومحاولة الصاق تهم باطلة لها، إضافة لقصتها في الزنزانة في ثاني أيامها، تروي المحررة شذى حسن قصتها في "البوسطة".

وتقول شذى: "بعد خروجي من باب السجن وتفتيشي أعطاني السجان سترة الشاباص، كانت نمرتها كبيرة جداً ولكن كان الجو شديد البرودة فاضطررت أن أرتديها، وعند تسليمي لوحدة الناحشون (وهي الوحدة المسؤولة عن نقل الأسرى للمحاكم والسجون) تم تفتيشي مرة أخرى من قِبلهم ثم كلبشة يداي وقدماي وصعدت للبوسطة، وهنا بدأت المعاناة والرحلة التي لن تنسى، كانت رائحة البوسطة كريهة تجمع بين رائحة الحديد الصَدِء ورائحة النفس ورائحة الكلاب، عدا عن أصوات المفاتيح والأقفال والسلاسل المزعجة، فَتَحَ لي باب الزنزانة في البوسطة وكانت في آخرها جلست، حديدٌ بحديد والبرد القارص سيد الموقف أتوا ببشرى فكانت رفيقتي في تلك الرحلة "رحلة المعاناة" أغلقوا باب الزنزانة علينا بأحكام كأننا سنهرب!".

وأضافت: "جلسنا ننتظر لتتحرك البوسطة، ولك أن تتخيل الساعة الرابعة فجراً، البرد قارص، الزنزانة ضيقة وحديدٌ بحديد والنعاس يسيطر على عيوننا، ولكن كيف لنا أن ننام في هذا المكان الذي لا يصلُح لشيء!".

وتابعت حديثها عن ظلم الاحتلال: "تنهدت تنهيدة طويلة وقلت: "يا رب هونها عليي وعلى كل من يركب هذه المركبة المريرة، وعاد تفكيري إلى الوراء إلى الوقت الذي كانا به أمي وأبي أسيرين، وضاق صدري، كيف استطاعوا أن يقيدوا في هذه الأمتار عظماء كُثر تخيلت كل زملائي وزميلاتي من الجامعة الذين جلسوا قبلي في هذا المكان، أنا الآن أدركت معاناتكم التي كنتم تتحدثون عنها ونحن كنا نمر عليها مرور الكرامن أنا الآن أدركت وجع البوسطة وأنا بكامل صحتي وقوتي الحمدلله، فكيف لمن كان جريح ولمن كانت جريحة؟! كيف للمرضى وكبار السن أن يتحملوا كل هذا، فكان الدعاء رفيقي وأنيسي وكنت استمد القوة من تذكُر سير العظماء الذين تحملوا أذى أكبر من كل هذا".

وواصلت حديثها: "عندما كانت تمر البوسطة من طريق منعطفات فهنا على أجسادنا وعلى أسماعنا السلام من صوت السلاسل التي ترتطم بالحديد وتُخرج أصواتاً لا تُحتمل، وعن أجسادنا التي أيضاً ترتطم بالحديد أو نرتطم ببعضنا البعض، وتقريباً بعد ٥ ساعات في البوسطة مروراً بسجن ومستشفى الرملة والوقوف هناك الكثير من الوقت، وصلنا عوفر الساعة التاسعة صباحاً، أنزلولنا من البوسطة بجسدٍ منهك ومتعب وأقدام تحتك بها الكلبشات وتؤلمنا، وضعونا في زنزانة الانتظار وكانت قد قالت لي بشرى أن برد عوفر لا يُحتمل وأن هناك عبارة من كتابات الأسرى تقول عن زنازين عوفر وبرودتها: "احذر ثلاجة الموتى، وفعلاً كان البرد في الزنزانة أكبر من أن تحتمله أجسادنا، خاصة أننا لا نرتدي ملابس كافية فكوا لنا الكلبشات من أيدينا وبقيت في أقدامنا فسنحت لي الفرصة لفعل الحركة التي كنا نفعلها ونحن صغار باحتكاك أيدينا ببعضها البعض لتوليد الدفء ولكن عبثاً أوجعتني يداي ولم يحصل الدفء وضعت رأسي داخل سترة الشاباص بعدما رفعت سحابها للأعلى وبدأت اتنفس داخل السترة ربما أحصل على قليل من الدفء ولكنني لم أحتمل، فقررت المشي بسرعة فمع الحركة الجسم يدفئ، ولكن ما أن وقفت حتى تحركت السلاسل وتذكرت أنني ما زلت مكلبشة القدمين، وأن الآن للمشي ضريبة الا وهي الوجع، فقررت الاستمرار بالجلوس، كانت الزنزانة مليئة بالأوساخ، لم نستطع تنظيفها لأنه لا يوجد أدوات ننظف بها، ولم يستجيبوا لنا باحضار أدوات للتنظيف فقررنا أن نرضى بهذا الحال ونصبر".

وقالت: "شعرت أن صبري قد نفذ فأصبحت الساعة ١١ ولم ينادوا على اسمي، فكنت أنتظر المحكمة لرؤية أهلي بفارغ الصبر للاطمئنان عليهم عدا عن أملي الكبير بأن أسمع في المحكمة حكم الافراج وأعود معهم إلى دفء البيت وإلى دفء أحضانهم، الساعة 12:45 أتوا ونادوا على اسمي استجمعت قواي مع أن الانتظار اتعبني والبرد نال مني رتبت حجابي قدر المستطاع فكانوا قد أخذوا الدبابيس مني وحرصت أن يروني أهلي بمنظر مريح نوعاً ما حتى لا يقلقوا عليي ولطمأنتهم".

وتضيف: "أخرجوني من الزنزانة وكلبشوا يداي ومشينا في ممر طويل وصولاً إلى قاعة المحكمة، مع كل خطوة خطيتها كنت أسمع نبض قلبي فلأول مرة كان صوت يطغى على صوت الكلبشات التي في قدماي قلبي الذي يتلهف ويتوق لرؤية أحبتي والاطمئنان عليهم قلبي الذي أوجعه فراق ثلاثة أيام، وصلنا باب قاعة المحكمة رسمت ابتسامة على وجهي رغم كل التعب والوجع ورفعت هاماتي ودخلت مبتسمة لتقع عيناي على وجه أمي المنير وعلى وجه أختي الحبيبة تسنيم، كل ذرة فيي كانت تحتاج إلى حضنهم وضمهم، ولكن اللمس ممنوع في المحكمة فكيف بالاحتضان، تحادثنا عن بُعد بكل لهفة وحب وشوق آلمني أنه ما يفصلني عنهم بضع سنتميترات ولا أستطيع لمسهم أو ضمهم أو تقبيلهم".

وتتابع حديثها عن لقائها بأهلها في محكمة الاحتلال: " سألت عن أبي وشهد ومحمد وأخوتي وصديقاتي وسألتهم: "بتدعولي؟" فابتسمت أمي وحكتلي: يما كل الأمة بتدعيلك فانشرحت أساريري لأني على ثقة تامة ببركة الدعاء، رأيت في عيون تسنيم دمعات تقول لي: "اشتقنا لكِ" وفي عيون أمي قوة استمديت منها عزيمتي شعرت أنني سأبكي وأن هذا الموقف جلل ولن تستطيع شذى تحمُله فقلت في جوفي: يا رب قوني" فاستجمعت قواي ولم أبكي قال لي المحامي بأنه صدر حكم الإداري بحقي ولكن هنالك 72 ساعة للاستئناف على الحكم، وأنها انتهت المحكمة فتحدثي مع أهلك آخر كلام هنا شعرت بغصة تخنقني ولم تستطع الدمعات الثبات أكثر في عيناي فانهمرت وخاصة عندما همت أمي وأختي بالخروج من المحكمة، شعرت أن روحي خرجت معهم وقلت لهم: "ادعولي، ادعولي كتير" .. فنظرت لي أمي بنظرات لن أنساها وقالت لي: "شذى ليش بتعيطي؟ أنتِ قوية يا شذى ما تعيطي".

واختتمت حديثها في سلسلة روايتها عن معاناة الأسرى في سجون الاحتلال: "وما كانت دموعي يا أمي إلا من شوقي لحضنك الذي سيحرموني منه، باعتقالٍ ظالمٍ جائر يسمى الاعتقال الإداري".

المصدر: فلسطين الآن