اللقاء الصحفي المشترك بين القياديين صالح العاروري وجبريل الرجوب خطوة في الاتجاه الصحيح إن كان لها ما بعدها، أي إن كانت هناك نوايا للبناء عليها والوصول إلى مصالحة حقيقية بين حركتي حماس وفتح، ولكن أن يبادر مسؤولون من هذه الحركة أو تلك للتأكيد على أن ما حدث لا علاقة له بالمصالحة وإنما هو اتفاق على قضايا معينة تمثّل القواسم المشتركة، فهذا يعني أننا لم نتقدم بالقدر المطلوب، وأن هذه الخطوة قد ترتد إلى الخلف في كل لحظة.
لماذا لا تكون المصالحة بديلًا عن محاولة كل طرف استغلال الفرصة لتحقيق أهداف خاصة بحركته؟ حركة فتح مثلًا تريد أن تثبت للمجتمع الدولي أنها تقود السلطة وخلفها كل الفصائل الوطنية والإسلامية، أما حركة حماس فهي تسعى لفتح أي باب ممكن لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية ورد الاتهامات الباطلة التي توجه إليها؛ مثل اكتفائها بحكم قطاع غزة أو أنها تتربص بالسلطة في الضفة أو ما شابه من الخزعبلات التي تثار بين الفينة والأخرى.
وثيقة الوفاق الوطني قامت على القواسم المشتركة وكانت تهدف إلى مصالحة شاملة، والآن نتحدث عن تنسيق جزئي بين فتح وحماس يقوم أيضًا على القواسم المشتركة، وهذا بحد ذاته تراجع وانحسار في مساحة التفاهمات الداخلية، خاصةً أن وثيقة الوفاق ضمّت جميع الأطراف الفلسطينية، أما التفاهم الأخير فقد كان ثنائيًا.
إذا كان لقاء جبريل الرجوب وصالح العاروري الجزء الظاهر من جبل الجليد، وهناك تفاهمات أوسع وأعمق تتم في الخفاء من أجل الوصول إلى مصالحة شاملة نكون قد سلكنا الطريق الصحيح، أما إذا انتهى اللقاء بما شاهدناه وسمعناه وحتى إن تم تطبيقه فهذا يعني أننا قد نتشارك في كسب معركة ثم يحارب كل منا العدو الاسرائيلي بطريقته، طرف يستأنف إطلاق الصواريخ، وآخر يستأنف المفاوضات واللقاءات مع العدو، وكأنك يا زيد ما غزيت.
ختامًا أود التذكير أن صفقة القرن وقرار الضم ما هما إلا إفرازات خبيثة لاحتلال جاثم على صدرنا، فلماذا تختلط لدينا المعايير فنتحد ضد الضم ولا نتحد ضد الاحتلال نفسه؟ مع تأكيدي على أهمية لقاء الرجوب والعاروري وأهمية تنفيذ ما تم الاتفاق عليه أو الإشارة إليه في اللقاء ولكنني أتمنى ألا يستمر بعض المسؤولين في نفي ارتباط هذا اللقاء بالمصالحة، لأن المصالحة شرف لمن يبادر من أجلها وليست عارًا أو منة يتفضّل بها فصيل على آخر.