28.07°القدس
27.85°رام الله
27.19°الخليل
27.54°غزة
28.07° القدس
رام الله27.85°
الخليل27.19°
غزة27.54°
الأربعاء 24 ابريل 2024
4.67جنيه إسترليني
5.33دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.03يورو
3.78دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.67
دينار أردني5.33
جنيه مصري0.08
يورو4.03
دولار أمريكي3.78

صحيفة ألمانية تكشف حقائق شحنة الموت التي انفجرت في بيروت

في تقرير نشرته صحيفة ديرشبيغل الألمانية يوم أمس الجمعة، كشفت الصحيفة عن وجود علاقة تربط حزب الله بمالك السفينة التي حملت نترات الأمونيوم إلى مرفأ بيروت، والتي تسببت لاحقاً بالانفجار المهول الذي شهدته العاصمة اللبنانية.

يتتبع التقرير الذي قام بإعداده كل من ماكسيميليان بوب وكريستوف رويتر وفريتز شاب، بالتعاون مع مؤسسة مكافحة الجريمة المنظمة والفساد، مسار السفينة منذ سبتمبر/أيلول 2013. حيث غادر ثمانية أوكرانيين وروسي جورجيا على متن سفينة شحن متوجهة إلى موزمبيق، كما يبدو. وتكشف الصحيفة أن السفينة المسماة روسوس، كانت في حال سيئة قبل أن تغادر ميناء باتومي على البحر الأسود، حيث كانت تعاني من تسرب الماء إليها وكان نظام الإنذار بها معيباً وكذلك معدات الإنقاذ.

حمولة السفينة كانت 2750 طناً من نترات الأمونيوم عالية التركيز، ومن النوع المستخدم في صنع المتفجرات، بمستوى تخصيب بالنيتروجين يقارب 35 بالمئة.

وتشير الرواية الرسمية إلى أن السفينة كانت مملوكة لرجل روسي يدعى إيغور غريتشوشكين. وبحسب ما ورد، فقد كانت الشحنة متجهة إلى شركة تسمى Fábrica de Explosivos de Moçambique ، وتُعرف اختصاراً بـ FEM، وهي شركة تصنيع متفجرات موزمبيقية.

لكن البحث الذي أجرته ديرشبيغل يكشف أن هذه الرواية غير صحيحة، فغريتشوشكين لم يكن مالك السفينة قط، والمالك الحقيقي كان رجل أعمال قبرصي يدعى شارالامبوس مانولي، والذي ربطته علاقات مالية ببنك يستخدمه حزب الله.

محاولات لإخفاء المالك الحقيقي:

تكشف ديرشبيغل أن مانولي بذل جهوداً كبيرة لإخفاء حقيقية ملكيته للسفينة روسوس، المسجلة في مولدوفا. حيث ذكر في البداية أنه باعها للروسي غريتشوشكين، ليعود لاحقاً وينفي ذلك، مقرّاً بأن الروسي حاول شراء السفينة فقط دون أن يقوم بذلك.

استأجر غريتشوشكين السفينة لنقل النترات، وأعطى أوامر مفاجئة لتتوقف في بيروت في طريقها من جورجيا إلى موزمبيق. والسبب الرسمي الذي تم سوقه مبرراً لهذا التحوّل في المسار هو ادعاء غريتشوشكين أنه لا يملك ما يكفي من المال لدفع ثمن مرور السفينة عبر قناة السويس، ولهذا السبب احتاج إلى نقل شحنة إضافية من بيروت لتسليمها إلى الأردن. وبحسب السلطات اللبنانية فإن الشحنة تألفت من 12 شاحنة كبيرة، و15 شاحنة صغيرة، وحاوية بطول 40 قدماً، وحاويتان بطول 20 قدماً.

لكن المشكلات بدأت أثناء تحميل الشاحنة الأولى، حيث اصطدمت الشاحنة بسطح السفينة وألحقت به أضراراً حالت دون متابعة عملية التحميل. ولاحقاً قررت هيئة مرفأ بيروت أن روسوس ليست صالحة للإبحار، فبقيت السفينة في مرفأ بيروت.

وتشير ديرشبيغل إلى أن اسم المالك الحقيقي لم يظهر في أي من المستندات الضخمة لقضية السفينة في بيروت، مما يشي بأن السلطات ما كانت تعلم بهوية المالك الحقيقي. وعلى عكس غريتشوشكين، فإن رجل الأعمال القبرصي كانت له علاقات تجارية في لبنان، حيث حصل مانولي على قرض في عام 2011 بمبلغ 4 ملايين دولار من بنك FBME التنزاني لتمويل شراء سفينة أخرى، اسمها سخالين.

وتكشف ديرشبيغل أن FBME ليس مجرد بنك، حيث سبق للولايات المتحدة الأميركية أن اتهمته بغسيل أموال لحزب الله. كما أن من بين عملاء البنك الآخرين شركة واجهة سورية مشتبه بمشاركتها في برنامج الأسلحة الكيماوية السوري. كان مانولي إذاً مديناً لهذا البنك بالمال!

هل كانت الشحنة متجهة حقاً إلى موزمبيق؟

يكشف تقرير الصحيفة أن الشركة التابعة لمانولي ومقرها في أميركا الوسطى؛ تخلّفت بعد شهر واحد عن سداد الدفعة الأولى، فعرض مانولي السفينة روسوس كضمان مقابل القرض. لكن البنك رفض وصادر عوضاً عنها أملاكاً عقارية لمانولي في قبرص. وتُظهر وثائق لبنك أن مانولي لا يزال مديناً له بمبلغ 962 ألف يورو، منذ أكتوبر/تشرين الأول 2014.

 وهنا تكشف ديرشبيغل أن البنك سيئ الصيت معروف بلجوئه إلى الضغط على المقترضين المتعثرين لتقديم خدمات للعملاء المشكوك بأمرهم مثل حزب الله، فهل كان توقف السفينة في بيروت مقصوداً، بغرض تقديم خدمات إلى الحزب؟

تشير تحريات الصحيفة الألمانية إلى أن الشركة الموزمبيقية لم تدعي يوماً أن الأطنان الـ 2750 من نترات الأمونيوم تعود إليها، بل إن السلطات اللبنانية لم تقم بمصادرتها في أي وقت من الأوقات. ولا تُظهر السجلات اللبنانية -بحسب الصحيفة- أية محاولة من قبل الشركة لاستعادة الشحنة التي كانت قيمتها الأصلية 700000 دولار. كما لم يبذل مانولي أية جهود لاستعادة سفينته، التي غرقت في نهاية المطاف خارج الميناء في فبراير/شباط 2018.

شحنة مهجورة دون مالك رسمي:

كانت نترات الأمونيوم شحنة لم يعترف أحد بدفع ثمنها، ولم يحاول أحد استعادتها. وفي نهاية المطاف تم تخزينها لمدة ست سنوات في العنبر رقم 12 في مرفأ بيروت. وفشلت كل محاولات مسؤولي الجمارك وسلطات المرفأ للتخلص من هذه الشحنة، نتيجة تجاهل السلطات اللبنانية البرقيات التي كانت تصلهم بهذا الشأن. وهنا تتساءل الصحيفة: هل كان الإبقاء على نترات الأمونيوم في العنبر رقم 12 أمراً مقصوداً؟

تذكر الصحيفة أن آخر تفتيش قام به الأمن اللبناني للعنبر رقم 12 كان في ربيع 2020، وقد لحظ شكوكاً حول ما إذا كانت كل الشحنة البالغة 2750 طناً من نترات الأمونيوم موجودة بالفعل، وذلك لأن إحدى بوابات المستودع كانت مفقودة، وكان ثمة فجوة كبيرة في جداره الجنوبي. وحذّر تقرير الأمن اللبناني من أنه "في حال حدوث سرقة، فإنه يمكن للجناة استخدام هذه المواد كمتفجرات". 

وطالب التقرير بضرورة تأمين المستودع. ولكنه لم يقدّر الكمية المفقودة من النترات أو المتبقية في المستودع بدقة.

وتضيف الصحيفة أن تحذير الأمن اللبناني لم يصل إلى المدعي العام اللبناني إلا في يونيو/حزيران، وفي منتصف يوليو/تموز أرسل جهاز أمن الدولة تقرير بهذا الشأن إلى رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء. ولكن أحداً لم يتخذ أي إجراء.

وتختم الصحيفة تقريرها متسائلة: لا يزال من غير الواضح اليوم مقدار نترات الأمونيوم التي انفجرت يوم 4 أغسطس/آب، ولكن مسؤولي المخابرات الأوروبيين المشاركين في التحقيقات يقدرون الكمية بين 700 و1000 طن. فأين ذهب الباقي، وهو الذي يشكل النصيب الأكبر من الشحنة؟

وكالات