11.12°القدس
10.88°رام الله
9.97°الخليل
14.81°غزة
11.12° القدس
رام الله10.88°
الخليل9.97°
غزة14.81°
الأحد 28 ديسمبر 2025

تحقيق يكشف معلومات جديدة عن وصول شحنة النترات لبيروت

سلط "مشروع تغطية الجريمة المنظمة والفساد" عبر تحقيق استقصائي الضوء على ملابسات تحيط بشحنة "نترات الأمونيوم" التي أدت إلى انفجار مرفأ بيروت في 4 آب/أغسطس الماضي.

وكشف التقرير الاستقصائي أن الشحنة ترتبط بتفاصيل كثيرة منها: شركات تجارية في شرق أفريقيا وتمويل من بنك سيئ السمعة، وتجارة الأسلحة غير المشروعة، إضافة إلى خفاء هوية المالك فيما يتعلق بالسفينة أو شحنة النترات التي كانت محمولة عليها، ورحلتها الأخيرة وصولا إلى تخزينها بمرفأ بيروت، وتغاضي الدولة اللبنانية عن تخزينها بطريقة "غير سليمة" لسنوات.

وجاء في تقرير الذي نشره "مشروع تغطية الجريمة المنظمة والفساد" ما يلي:

ويشير التقرير إلى أنه وفي لبنان، يبدو أن أسباب الكارثة مرتبطة بعدم الكفاءة البيروقراطية. قبل أسبوعين فقط من انفجار المستودع، تلقى الرئيس اللبناني ميشيل عون تقريرا عاجلا من الأجهزة الأمنية في البلاد يحذره من أن الوضع خطير للغاية.

وضاع الجانب الدولي من القضية بسرعة في متاهة من المؤامرات المؤسسية والمالية. وفق ما قال التقرير الاستقصائي.

يُقال إن رجل الأعمال الروسي إيغور غريتشوشكين، مالك أو مشغل السفينة "إم في روسوس" التي ترفع علم مولدوفا، تخلى عن السفينة في لبنان بعد إعلان إفلاسه.

ووقع شراء شحنة السفينة المميتة من دولة جورجيا من قبل شركة موزمبيقية تنتج متفجرات تجارية، عبر شركة تجارية بريطانية مرتبطة بأوكرانيا.

إن ملكية "روسوس" والشركات التي أمرت بنقل ما يقرب من ثلاثة آلاف طن من نترات الأمونيوم عبر نصف العالم في سفينة متهالكة، محجوبة بمستوى عالي من السرية، أعاقت عمل الصحفيين والمسؤولين في كل منعطف. وحتى الحكومة اللبنانية لا يبدو أنها تعرف من يملك السفينة بالفعل.

حقائق جديدة

كشف فريق دولي من الصحفيين الاستقصائيين حقائق جديدة حول الفترة التي سبقت الانفجار. ووجد المراسلون أن ظروف المأساة تم تهيئتها في العالم المحير للتجارة الخارجية، حيث تسمح الشركات السرية والحكومات المطواعة للجهات المشكوك فيها بالعمل في الخفاء.

وجاء في التقرير، أن إيغور غريتشوشكين لم يكن يمتلك سفينة روسوس وإنما كان يستأجرها فقط من خلال شركة خارجية مسجلة في جزر مارشال. وبدلا من ذلك، تُظهر الوثائق أن المالك الحقيقي لسفينة روسوس كان تشارالامبوس مانولي، وهو رجل أعمال قبرصي. وقد نفى مانولي ذلك، لكنه رفض تقديم وثائق تثبت صحة مزاعمه.

امتلك مانولي السفينة من خلال شركة مسجلة في الولاية القضائية السرية المعروفة في بنما، التي تلقت بريدها في بلغاريا. ثم سجلها في مولدوفا، وهي دولة غير ساحلية في أوروبا الشرقية تشتهر بأنها منطقة اختصاص قضائي ذات أنظمة متساهلة بالنسبة للسفن التي ترفع "علم الملاءمة".

وللقيام بذلك، عمل من خلال شركة أخرى تابعة له يُطلق عليها اسم "جيوشيب"، وهي واحدة من بين قلائل الشركات المعترف بها رسميا والتي تمنح المالكين الأجانب أعلام مولدوفا.

بعد ذلك، قامت شركة أخرى تابعة لمانولي، تقع في جورجيا، بالمصادقة على أن السفينة صالحة للإبحار - وعلى الرغم من أنها كانت في حالة سيئة للغاية فقد حُجزت في إسبانيا بعد أيام.

في الرحلة الأخيرة لروسوس، كان مانولي مدينا لبنك "إف بي إم إي" التجاري، وهو بنك لمالك لبناني خسر العديد من التراخيص بسبب تهم غسل الأموال المزعومة، بما في ذلك مساعدة جماعة حزب الله الشيعية المسلحة وشركة مرتبطة ببرنامج أسلحة الدمار الشامل في سوريا. وفي مرحلة ما، عُرضت سفينة روسوس كضمان للبنك.

كان الزبون النهائي لشحنة نترات الأمونيوم التي تحملها السفينة، وهو مصنع متفجرات موزمبيقي، جزءًا من شبكة من الشركات التي تم التحقيق معها سابقًا بتهمة تهريب الأسلحة ويُزعم أنها تزود المتفجرات التي يستخدمها الإرهابيون، علما بأن المصنع لم يحاول أبدًا المطالبة بالشحنة المتروكة.

شركة بريطانية خاملة

أقنع وسيط الشحنة، وهي شركة بريطانية كانت خاملة في ذلك الوقت، قاضيا لبنانيا في سنة 2015 باختبار نترات الأمونيوم من أجل التأكد من جودتها قصد المطالبة بها. وتبين أن المخزون في حالة سيئة، ولم تحاول شركة "سافارو" المحدودة في النهاية استعادة شحنة نترات الأمونيوم.

في كل مرحلة تقريبا، تُظهر المعلومات الجديدة كيف كانت شحنة سفينة روسوس القاتلة مرتبطة بممثلين استخدموا هياكل خارجية مبهمة ورقابة حكومية متراخية للعمل في الخفاء.

كشفت هذه المعلومات المخاطر الخاصة التي يفرضها الافتقار إلى الشفافية في صناعة الشحن البحري، وذلك وفقا لما ذكرته هيلين سامبسون، مديرة المركز الدولي للبحوث البحرية بجامعة كارديف.

وقد صرّحت سامبسون بأن النتائج "تسلط الضوء على جميع نقاط الضعف في نظام (الشحن البحري) وكيف يمكن استغلاله من قبل أولئك الذين يريدون استغلاله".

من يمتلك السفينة؟

كانت السفينة التي ترفع علم مولدوفا وأبحرت من ميناء باتومي الجورجي في أيلول/ سبتمبر من سنة 2013، والتي كانت محملة بأكثر من 2750 طنًا من نترات الأمونيوم من إنتاج مصنع محلي ومتجهة إلى الموزمبيق، في حالة يرثى لها. فقد كان الهيكل متآكلا، وتفتقر إلى الطاقة الاحتياطية وتعاني من مشاكل في الاتصال اللاسلكي.

توقفت السفينة في بيروت لنقل المزيد من الشحنات ولم تغادر قط. وقد تم احتجازها أولاً من قبل الدائنين الذين يسعون للحصول على أموالهم من مشغلها، ثم من قبل مسؤولي الميناء الذين اعتبروها غير آمنة للإبحار.

بعد أن تم التخلي عن السفينة واحتجازها سنة 2014، ليترك على متنها أفراد الطاقم الأوكراني والروسي عالقين لمدة 10 أشهر، نُقلت شحنة نترات الأمونيوم إلى مستودع في الميناء. وفي نهاية المطاف، غرقت السفينة بالقرب من كاسر الأمواج بالمرفأ، أين يقبع حطامها.

في أعقاب انفجار مرفأ بيروت، ركزت التقارير الإعلامية والسلطات الحكومية على رجل مسؤول عن ترك السفينة وحمولتها، وهو مواطن روسي يبلغ من العمر 43 عامًا يعيش في قبرص يدعى إيغور غريتشوشكين، قُدم مرارا على أنه مالك هذه السفينة.

وعلى الرغم من أن الشرطة القبرصية استجوبته بناء على طلب السلطات اللبنانية في السادس من شهر آب/ أغسطس، إلا أنه تجنب جميع محاولات الشبكة الإعلامية "مشروع تغطية الجريمة المنظمة والفساد" وغيرها من وسائل الإعلام للتحدث معه.

لكن إيغور غريتشوشكين، حسب ما تظهره الوثائق على الأقل، ليس مالك سفينة روسوس. من خلال شركة "تيتو" للشحن التي يقع مقرها في جزر مارشال، استأجر غريتشوشكين السفينة من شركة "برايروود كورب" في بنما، وذلك وفقًا لسجلات رسمية من وكالة مولدوفا البحرية.

وكالات