هل ثمة ترابط حتمي بين المصالحة والانتخابات؟! هل إذا تعطلت المصالحة لسبب أو آخر تذهب الفصائل الفلسطينية إلى انتخابات تشريعية بدعوة من رئيس السلطة، أم يتبع هذا تلك؟! هذه الأسئلة تفرض نفسها على المتابعين للشأن الفلسطيني الداخلي، حيث بدؤوا يلمسون بوادر تراجع فرص المصالحة.
المصالحة مطلب أولي يُرتـّب للانتخابات التشريعية والرئاسية، وهذا أضمن وأفيد لإجراء انتخابات حرة ونزيهة. ولكن قضايا الوضع الداخلي الفلسطيني لا تعيش دائما في ظل الترتيب الطبيعي والمنطقي. وقد عاشت القضية الفلسطينية اضطرابات عديدة في ترتيب الأولويات، كان ذلك في اتفاق أوسلو مثلا، حيث تقدم إقامة السلطة على زوال الاحتلال، وتحييز أرض الدولة الفلسطينية، وهذا هو التطبيع العربي يقلب الترتيب، فتقيم الدول علاقات مع "إسرائيل" قبل أن تزيل احتلالها للقدس، والأراضي الفلسطينية والعربية.
هذه المقاربة في الفقرة الفائتة تقول: إن السلطة والفصائل يمكنها أن تذهب إلى انتخابات داخلية دون أن تتم فصول المصالحة على توافق كامل. وهنا يقول مؤيدو الانتخابات يمكن إجراء مصالحة وتوافقات على قدر موضوع الانتخابات، وإجرائها بشكل حر ونزيه، وإقرار مسبق من الأطراف باحترام النتائج في الضفة وغزة، ومن ثم تُحال بقية قضايا المصالحة والقضايا التي تطالب حماس بحلها، إلى المجلس التشريعي الجديد والحكومة الجديدة، لا سيما إذا دخلت حماس وفتح في قائمة انتخابية مشتركة.
وهنا يسأل المقاربون لهذا الاقتراح، ما هي ضمانات النزاهة، وضمانات التسليم بالنتائج، وضمانات نزاهة الحكومة وجديتها في حل قضايا المصالحة وقضايا غزة؟! وهذه في نظري أسئلة مشروعة، وجديرة بأن نطرحها علنا ومن خلال المقال على قادة فتح وحماس، آملين أن نجد ردا مطمئنا.
وإذا تحققت الشراكة في قائمة انتخابية واحدة لفترة زمنية انتقالية، فيجدر أن يكون الرئيس من فتح، ورئيس الوزراء من حماس، أو من شخصية مهنية تقترحها حماس، وبهذا يجري الطرفان على قاعدة أنتم الأمراء، ونحن الوزراء، ولا يقضى أمر ذو بال دونكم. المواطن الفلسطيني ملّ الفشل على مستوى القيادة، ويريد تغييرا، بينما يرى قادة العرب يرتمون في أحضان نتنياهو وترامب بدون اعتبار للقيادات الفلسطينية، أو للتاريخ؟! فإذا كان التراجع العربي حافز لنا لمقاربة التغيير الإيجابي، فإن الفشل الداخلي ورغبة المواطن في إحداث تغيير هما حافز أكبر؟! فهل تعقلون؟!