أدانت اللجنة الوطنية الفلسطينية لمقاطعة إسرائيل تنظيم مركز الإمارات للسياسات "ملتقى أبوظبي الاستراتيجي السابع 2020" بالشراكة مع "معهد أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي (INSS)، وبمشاركة المدير التنفيذي للمعهد واللواء المتقاعد في جيش الاحتلال، "عاموس يادلن"، والمدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية "ألون أوشفيز"، فضلاً عن مستشار الرئيس الأمريكي في اتفاقيات "أبراهام" "برايان هووك".
وقالت في بيانٍ لها وصل "فلسطين الآن" "فلم تمضِ سوى بضعة أسابيع على توقيع الاتفاقية الخيانية بين نظام الإمارات الاستبدادي والنظام الاستعماري الإسرائيلي حتّى بدأ التعاون العلنيّ بين النظامين يتنامى على كافة الأصعدة الاقتصادية والتجارية والأمنية والعسكرية والأكاديمية والثقافية وغيرها. وبالطبع، لم تقف خسارة "ترامب" في الانتخابات الأمريكية عائقاً أمام الاتفاقية، وما زال العمل على تعميقها وتنفيذ بنودها جارياً على قدمٍ وساق."
وكان "ملتقى أبو ظبي الاستراتيجي" قد انطلق في 9 تشرين/الثاني نوفمبر، مفتتحاً بكلمةٍ من رئيسة مركز الإمارات للسياسات، ابتسام الكتبي، ووزير الشؤون الخارجية في الإمارات، أنور قرقاش. وعُقدت جلساته افتراضياً على مدار ثلاثة أيام حاملةً ثلاثة عناوين رئيسيةٍ، وهي: أولاً؛ "الانتخابات الأمريكية: ماذا بعد؟"، وثانياً؛ "معاهدة السلام الإماراتية -الإسرائيلية: الشرق الأوسط الجديد"، وثالثاً: "جائحة "كوفيد-19: أداة تحويلية للأمن الجماعي".
ومن أجل "بدء العمل الشاق" نحو توفير أساسٍ لـ "سلامٍ دافئٍ"، كان مركز الإمارات للسياسات قد أبرم اتفاقية شراكةٍ استراتيجية ثلاثية مع معهد أبحاث الأمن القومي الصهيوني (INSS) ومركز الأبحاث والسياسة العامة الأمريكي (Atlantic Council) في تشرين الأول/أكتوبر المنصرم. وتهدف هذه الشراكة الثلاثية إلى تقديم تحليلاتٍ وتوصياتٍ سياساتية حول "المخاوف والتهديدات الأمنية المشتركة، وفرص التجارة والاستثمار المتبادلة، فضلاً عن سبل التعاون في مجال الأمن "السيبراني" والرعاية الصحية ومواجهة الوباء، والسياحة والشؤون الدينية والثقافية، والأمن الغذائي والطاقة المتجددة". وبناءً على ذلك، يشكل هذا النوع من التعاون المشترك؛ أيّ مشاريع البحث والتنمية مع المؤسسات الأكاديمية، خرقاً لمعايير التطبيع والمقاطعة الأكاديمية.
أمّا معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، فهو مركز أبحاثٍ مختصٌ في الدراسات الأمنية يتبع لجامعة "تل أبيب"، تأسّس في أعقاب حرب 1973، وهو من ضمن المؤسّسات الأكاديمية والبحثية المتواطئة بعمق في جرائم الحرب الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني والشعب اللبناني الشقيق. فقد قاد هذا المركز تطوير الاستراتيجية العسكريّة التي أصبحت تُعرف بـ "عقيدة الضاحية"، نسبةً إلى تدمير الضاحية الجنوبية في بيروت خلال عدوان سنة 2006، والتي تدعو إلى الاستهداف العسكري المتعمّد للمدنيين والبنية التحتية المدنية باستخدام القوة غير المتكافئة كوسيلةٍ لردع المقاومة. كما وثّقت الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية أكثر من مرّةٍ كيفية ارتكاب إسرائيل لجرائم الحرب ضمن التطبيق الميداني لهذه العقيدة الإجرامية في بيروت وغزة.
وبالإضافة إلى معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي ومركز الأبحاث والسياسة العامة الأمريكي (المجلس الأطلسي)، شارك في الملتقى مدراء وباحثون من مراكز الأبحاث وصنع السياسات المختلفة من حول العالم، أبرزها؛ مركز الأمن الأمريكي الجديد (واشنطن)، ومعهد الشرق الأوسط (واشنطن)، ومعهد "بروكنجز" (واشنطن)، ومؤسسة "أوبزيرفر" للبحوث (نيودلهي)، ومؤسسة "راند" (كاليفورنيا)، والمعهد العالي للدراسات الدولية والتنموية (جنيف)، ومعهد "إلكانو" الملكي (مدريد)، ومعهد آسـيا للبحـوث (جامعة سنغافورة الوطنية)، بالإضافة إلى مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط (التابع للمجلس الأطلسي).
وتحت عنوان "الخليج: إعادة الحسابات"، قدّم اللواء الإسرائيلي المتقاعد "عاموس يادلن" مداخلته في إحدى جلسات اليوم الثاني من المؤتمر، إلى جانب كلّ من رئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة، عبد الله بن أحمد آل خليفة، والأستاذ السابق في كلية الدفاع الوطني في أبو ظبي، د. البدر الشاطري. بينما شارك مساعد وزير الخارجية والتعاون الدولي للشؤون السياسية في الإمارات، خليفة شاهين المرر، في ورشةٍ حملت عنوان "اتفاقيات إبراهيم: الشرق الأوسط بين العقلانية السياسية والأوهام"، إلى جانب كلّ من السفير ومستشار الرئيس الأمريكي في "اتفاقيات أبراهام"، "برايان هووك"، بالإضافة إلى مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية "ألون أوشفيز".
وبالإضافة إلى كل ما سبق، ما يثير المزيد من الاستهجان هو مشاركة مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، زيد عيادات، في الجلسة الأخيرة في اليوم الثالث بعنوان "كورونا: فهم التحولات الجيوسياسية". وصحيحٌ أن عيادات لم يشارك في الجلسة إلى جانب إسرائيليين، غير أنّ هذه المشاركة تأتي تحت مظلّة مؤتمرٍ تطبيعيّ وخيانيّ بامتياز يخرق معايير التطبيع والمقاطعة الأكاديمية ككلّ. لا يوجد ما يبرّر الوقوع في فخٍ تطبيعي من هذا النوع، يزجّ فيه اسم الجامعة الأردنية ضمن عناوين الملتقى المشبوهة، ويسمح لاستخدام اسمها ومكانتها الأكاديمية في الترويج للتطبيع. وبينما لم يتسنى لحركة المقاطعة (BDS)، بسبب ضيق الوقت المتاح، التواصل مع عيادات لثنيه عن المشاركة، غير أنّه، وبغض النظر عن النوايا، من المستبعد أن تأتي مشاركته عن طريق الخطأ.
ومع علمنا بالمواقف التاريخية المشرّفة التي اتّخذتها الجامعات الأردنية ومجالس طلبتها في مواجهة التطبيع والدفاع عن الحق العربي عامة والفلسطيني خاصة، فإنّ الجامعة الأردنية مطالبةٌ بتوضيح موقفها والتنصّل من هذه المشاركة.