18.26°القدس
18.19°رام الله
18°الخليل
24.89°غزة
18.26° القدس
رام الله18.19°
الخليل18°
غزة24.89°
الإثنين 07 أكتوبر 2024
5جنيه إسترليني
5.38دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.19يورو
3.81دولار أمريكي
جنيه إسترليني5
دينار أردني5.38
جنيه مصري0.08
يورو4.19
دولار أمريكي3.81

خبر: نيرة "المدللة".. لا تصدق أنه رحل للأبد

" بابا .. بابا .. وين ماخدينه (إلى أين أخذتم) بابا.. هاتو بابا".. تلك كانت صرخات "نيرة" ذات الأعوام العشرة، والتي يعرفها الجميع بأنها مدللة أبيها أو كما يطلق عليها المقربون بالعامية الفلسطينية "دلوعة أبوها" بعد إلقاء نظرة الوداع على جثمان والدها والسير به نحو مثواه الأخير. لم تصدق "نيرة" أن هذه هي المرة الأخيرة التي سترى فيها ابتسامة والدها وحبيبها الذي لطالما دافع عن "شقاوتها وغلبتها" ومنع أهل البيت من عتابها أو لومها على تصرف فعلته هنا أو هناك. شاهدته مبتسما كعادته فلم تصدق أنه قد فارق الحياة، فأخذت تنادي عليه علَّه يجيبها ككل مرة بعبارته الشهيرة "نعم يا بركة" تلك التي يلبي فيها كل من ناداه. والد "نيرة" هو عطية مبارك من سكان منطقة المخيم الجديد بالنصيرات وسط قطاع غزة، يبلغ من العمر 58عاما، استهدفته طائرة استطلاع إسرائيلية بصاروخ خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة الأسبوع الماضي؛ ما تسبب بمقتله على الفور وأحد السكان الجالسين على باب منزله وإصابة آخرين. "نيرة" تتذكر اللحظات الأخيرة التي رأت فيها والدها قبيل أذان العشاء بقليل، وتبتسم رغم الألم، وكأنها تراه أمامها: "كان مبتسما رغم شراسة القصف ورغم حالة الخوف بسبب العدوان إلا أنه لا يخاف، وكثيرا ما استهزأ باليهود وقوتهم". نيرة تتحدث الفصحى وبشكل مميز، حيث أن والدها كان مدرسا للغة العربية ومحباً لها، وهذا ما ورثته عنه "نيرة"، وأصبحت من خلاله مثار فخر لوالدها الذي كان يحدث من يعرفهم عن مهارة "نيرة" اللغوية وقدرتها على الحديث مع الناس، وحين ترد عليهم على الهاتف باللغة العربية الفصحى وبطريقة إلقاء مميزة. "كان صوته جميلا وكان يحب الأذان وقراءة القرآن والاعتكاف في المسجد وخاصة في العشر الأواخر من رمضان"، تقول نيرة. لم تكن "نيرة" الوحيدة التي بكت "شيخ المخيم"، وصاحب الصوت العذب الذي لطالما صدح مناديا "حي على الصلاة ..حي على الفلاح "، بل بكاه سكان المخيم، فقد كان-كما يحسبونه-رجلا صالحا، لم تفارق الابتسامة محياه حتى بعد مقتله. "نيرة" لا زالت تبكي والدها لتنضم إلى آلاف الأطفال الفلسطينيين الذين حرموا من آبائهم طوال سنوات الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية. ولا يعرف العدد الدقيق للأطفال الذين يتّموا في الهجمة الأخيرة على قطاع غزة بينما قدّر فضل أبو هين، مدير مركز التدريب المجتمعي وإدارة الأزمات في غزة، في تصريحات سابقة أن عدد من فقدوا آباءهم أثناء الهجوم السابق في 2008-2009 على القطاع بالعشرات، فيما قالت مؤسسات معنية أن الهجوم أنتج ما يزيد عن 1800 يتيم ما بين أطفال وشباب. "نيرة" رغم مصابها إلا أنها تتمنى أن يعيش كل أطفال فلسطين مع آبائهم بحب وسلام ودون خوف أو قتل، وتؤكد أنها لا تحب الحروب والقتل والدمار وتتمنى العيش بأمن وسلام: "كان أبي يقول لي نحن لا نكره اليهود لأنهم يهود بل لأنهم أخذوا أرضنا وطردونا منها، عشان هيك أعطونا أرضنا وخلص ما بدنا منهم اشي (لا نريد منهم شيئا)". واحتفل العالم يوم الثلاثاء الموافق للعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني بيوم الطفل العالمي، بينما أطفال قطاع غزة كانوا يتعرضون للهجوم الإسرائيلي الذي حوّل عدد منهم إلى أيتام الأب أو الأم أو كلاهما أو جعلهم أرقاما في عداد القتلى والجرحى . وبلغ عدد القتلى في قطاع غزة من جراء الهجوم (168)شهيداً، من بينهم عشرات الأطفال، بعضهم وصل المستشفيات أشلاء نتيجة قصف الاحتلال منازلهم، بينما كانوا يغطون في سبات عميق، فيما تقول المصادر الطبية أن أعداد الأطفال الجرحى تجاوز المئات من بين أكثر من (1222) جريحاً أصيبوا خلال فترة العدوان التي امتدت من 14 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري- 21 من ذات الشهر.