قال كاتب إسرائيلي إن "الانسحاب من قطاع غزة، قبل نحو 15 سنة، كان خطأ فادحا استفادت منه حركة "حماس".
وأوضح الكاتب موشيه روفيني، في مقال نشره موقع "ميدا"، أن الانسحاب شكّل توازنا من الرعب لصالح الحركة، وزاد من تكثيفها العسكري، وفشل كليا في تحقيق الأهداف المرسومة له.
ولفت إلى أن اليوم وبعد مرور نحو 15 سنة على هذا القرار، تبين أن رئيس حكومة الاحتلال حينها آرئيل شارون كان مخطئا، حين اعتقد أن القرار سيسهم في تحسين الواقع الأمني للإسرائيليين.
وأضاف روفيني أن "شارون اعتقد أن الانسحاب سيفيد إسرائيل سياسيا واقتصاديا وديمغرافيا وأمنيا، ويخفف احتكاكها مع الفلسطينيين، ويعفيها من المسؤولية التي أنيطت بها للاعتناء بهم".
وزعم روفيني أنه "رغم مرور هذه المدة على انسحاب غزة، لا يزال جدل في إسرائيل حول ضرورة هذه خطوة، أم أنها خطأ جسيم، رغم اعتقاد جزء كبير من الإسرائيليين أنه كان من الخطأ البقاء داخل قطاع غزة".
وأوضح أن "الهجمات الفلسطينية الصعبة كانفجار الدبابات بعبوات كبيرة، والتي قُتل فيها الجنود، أمثلة على ذلك، وبقيت "كارثة المدرعة" صورتها محفورة في الوعي الإسرائيلي، وانتشرت أشلاء الجنود بكل مكان نتيجة كثافة الانفجار".
وأكد أن "الصورة التي يظهر فيها الجنود الإسرائيليون يركعون، ويبحثون عن أجزاء من أجساد رفاقهم تحت نيران المسلحين الفلسطينيين، تركت أثرا كبيرا على الجمهور الإسرائيلي، رغم أنه من الناحية السياسية كان يفترض أن يؤدي فك الارتباط لتحسين الوضع السياسي لإسرائيل أمام المجتمع الدولي، وكسر الجمود السياسي الذي عاشته في ذلك الوقت".
واستدرك بالقول إن "العكس هو ما حصل فعلا، فقد جلبت الحروب الثلاث الأخيرة على غزة 2008، 2012، 2014 ضغوطا دولية شديدة على إسرائيل، وتسبب تقرير غولدستون بأضرار سياسية كبيرة لها، لأنه اتهمها بارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين، ومن الناحية العملية، تتهم إسرائيل حاليا من محكمة العدل الدولية في لاهاي بارتكاب هذه الجرائم في غزة".
وأشار إلى أنه "في 2010، حملت حادثة اعتراض أسطول مرمرة، الذي غادر تركيا لشواطئ غزة، توجيه اتهامات خطيرة ضد إسرائيل، وحشدت وسائل الإعلام العالمية لصالح الفلسطينيين، وصورت إسرائيل خارجة على القانون، وبالتالي تمارس إرهاب الدولة ضد غزة، ومنظمو قافلة السفن شكلوا الرأي العام العالمي بسرعة وكفاءة، وتمكنوا من تعبئة شبكات التلفزيون باللغتين العربية والإنجليزية، بينما ردت إسرائيل بعد فوات الأوان".
وأكد أن "إسرائيل لم تستوعب أن القافلة محاولة لوضع قضية الصراع مع الفلسطينيين على جدول الأعمال، وتشكيل الرأي العام لصالحهم، وإثارة النزاع مع الفلسطينيين في غزة، مع أن إسرائيل مقيدة بسلاسل حديدية بالقانون الدولي، فيما تمكن الفلسطينيون من توجيه تقرير غولدستون وقافلة السفن لصالحهم من أجل تكثيف هجوم نزع الشرعية ضد إسرائيل من خلال حركة المقاطعة BDS".
ونقل عن مؤيدي الانسحاب من غزة أنها "خطوة ضرورية بدافع الضرورة، فالبقاء في غوش قطيف أدى لإيذاء الجنود والمستوطنين، لكن فك الارتباط أدى إلى واقع أمني معقد، ومنذ الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة، تكثفت حماس عسكريا، وتحولت إلى "جيش مسلح"، كما يسميها رئيس الأركان أفيف كوخافي، واستولى تنظيم متوسط الحجم حتى 2005، على القطاع، وبنى لنفسه كيانا سياديا ومستقلا تدعمه إيران".
وأشار إلى أن "حقيقة عدم سيطرة إسرائيل على القطاع قابله استخدامه من قبل حماس لتعزيز جيشها، فقبل تنفيذ الخطة، اعتقدت إسرائيل أنها ستسيطر بشكل كامل على المجال الجوي لغزة، وتراقب كل شيء على الأرض، وتصل لوضع مثالي تكون فيه غزة منزوعة السلاح، وحينها نظرت للتهديد الصاروخي على أنه ضئيل وهامشي، لأنها تسببت حينها بأضرار طفيفة، وتسببت بعدد قليل من الضحايا".
وأوضح أنه "منذ أن سقط صاروخ قسام لأول مرة على مستوطنة سديروت في 2001 وحتى اليوم، نما هذا "الإزعاج الضئيل"، ليصبح تهديدا كبيرا للغاية، ليس فقط لمستوطنات غلاف غزة، ولكن على غوش دان وتل أبيب بأكملها، حتى منطقة الشارون، بما فيها مطار بن غوريون وميناء أشدود والمنشآت العسكرية في جنوب ووسط إسرائيل، ونتيجة لعدم سيطرة إسرائيل على غزة، بدأت حماس عملية متسارعة نحو التكثيف العسكري".
ورأى أن "التكثيف العسكري لحماس زاد عشرات المرات من مدى إطلاق صواريخها، وحجم رأسها الحربي، وصولا لمسافة 120 كم من غزة، وأطلق الصاروخ من رفح جنوب القطاع قرب حدود مصر، وأطلقت في السنوات الأخيرة قرابة 500 صاروخ على إسرائيل، ويدرك أي عاقل أن الجولة العسكرية التالية مع حماس على الأبواب".
وأضاف أن "قدرة حماس على التكثيف العسكري تحسنت بأعجوبة، ليس فقط في الجانب الصاروخي، ولكن عبر الأنفاق المتشعبة التي أصبحت سلاحا استراتيجيا وتهديدا كبيرا لإسرائيل، ويستخدمها الفلسطينيون في غزة منذ الانتفاضة الأولى، وهي المارة بين قطاع غزة ومصر عبر محور فيلادلفيا بغرض تهريب البضائع والأسلحة، وفي الانتفاضة الثانية نفذت حماس خمس عمليات تفجيرية من خلالها، بلغت ذروتها في 2006".
وأشار إلى أنه "تحت رعاية خطة فك الارتباط، وخروج الجيش الإسرائيلي من غزة، تمكنت حماس من حفر نفق هجومي بطول 650 مترا، 250 منه داخل إسرائيل بمنطقة كرم أبو سالم، ونفذت عملية أسر للجندي غلعاد شاليط، وأدى نجاح الهجوم لزيادة بناء أنفاق هجومية إضافية تخترق إسرائيل".
وختم بالقول إن "الواقع الأمني والعسكري القائم في غزة بعد 15 عام على الانسحاب الإسرائيلي منها، يعني أن حماس نجحت في خلق نوع من الردع المتبادل بمواجهة الجيش الإسرائيلي، وفي النهاية فإن إسرائيل لم تحقق أهداف خطة فك الارتباط، وربما خسرت في المناطق التي انسحبت منها في غزة".