15.55°القدس
15.28°رام الله
14.42°الخليل
19.74°غزة
15.55° القدس
رام الله15.28°
الخليل14.42°
غزة19.74°
الأحد 05 مايو 2024
4.67جنيه إسترليني
5.24دينار أردني
0.08جنيه مصري
4يورو
3.72دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.67
دينار أردني5.24
جنيه مصري0.08
يورو4
دولار أمريكي3.72

خبر: "آسفين يا مبارك"

لو لم يتخذ الرئيس محمد مرسي قراراته، لقيل إنه شريك القضاء الفاسد، واستلذ طعم السلطة، ولا يريد أن يغير. وقبل أن يتخذ تلك القرارات التي تحمي المؤسسات المنتخبة لمدة شهرين على الأكثر، لم يكن خصومه يتعاملون معه كما تعاملوا مع مبارك. ولك أن تقارن كيف كانوا يتعاملون مع جرائم مبارك في التزوير والقتل والتعذيب، وكيف يتعاملون مع اجتهادات مرسي. وفي محرك البحث "غوغل" يمكن العودة إلى خطاب حمدين والبرادعي وعمرو موسى وسويرس وعمرو حمزاوي. لا تقوم السياسة على الغرام والانتقام. الغربيون يقولون إن المسؤول يجب أن يكون محترما لا محبوبا. وفي العالم العربي اليوم تقوم السياسة على أساس الكراهية والانتقام وعدم الاحترام. أعجبني تصريح بابا الأقباط عن الرئيس مرسي بأن "قلبه يمتلئ محبة"، ويعجبني أكثر خطابه للمصريين "أيها الأحباب"، خصوصا لمعارضيه في ميدان التحرير. في المقابل، ثمة كراهية وازدراء لا يمكن قبولهما في الخصومة السياسية. ليس لخصوم مرسي إلا هدف واحد هو إسقاطه، ولو رجع مبارك. هذا لا يحدث في أي ديمقراطية. من بديهيات الديمقراطية الاختلاف الذي يقوم على أساس شرف الخصومة؛ يفتح المجتمع فضاءه لكل وجهات النظر، فكريا وسياسيا، ويدار الاختلاف بالاقتراع. وعندما يفوز رئيس يعين فريقه. وفي أميركا يعين الرئيس ستة آلاف موظف ويكمل دورته، ولا يقوم الحزب المنافس بالتخريب. ويجهد خلال السنوات الأربع لتقديم البديل الأفضل في الانتخابات المقبلة. اكتشفنا بعد الربيع العربي أن النخب مختلفة على كل شيء، وليس لديها حد أدنى من الاتفاق على مفهوم الديمقراطية. مشكلتهم مع الغنوشي ومرسي وغيرهما أنهم إسلاميون؛ مكانهم السجن أو القبر أو المنفى. وقد يمن عليهم بموقع إلكتروني ومقاعد محدودة في مجلس النواب بعد عمليات تزوير واسع النطاق، وقضاء سنوات في السجن. الحكم له أهله من الذين تنطبق عليهم معايير العزل الفكري؛ أي أن لا يكونوا إسلاميين. يدافعون عن أنظمة تنتمي للقرون الوسطى، ولا يقبلون بما تنتجه الصناديق، لأنهم ليسوا إسلاميين. من قال إن مرسي يمثل كل المصريين، ومن قال إن توني بلير كان يمثل كل البريطانيين؟ في الحرب على العراق خرجت أكبر المظاهرات ضد بلير ولم تغير رأيه. وتشرشل توقفت الصحافة في عهده واعتمد على الجريدة الرسمية.. لكن انتهت ولايتاهما بصندوق الاقتراع. كل المجتمعات منقسمة، ولا يوجد مجتمع موحد على أي قضية، ولا يوجد دستور أجمع عليه كل الناس. في ديباجة الدستور المصري التي كتبها الشاعر فاروق جويدة لغة ليبرالية تقدمية، تعترف بمكونات الشعب المصري المتعددة، غير موجودة في أي دستور عربي. وكذبة الأسلمة لا تنطلي على أحد؛ فالإسلام لم يخرج من مصر واقعا ودستورا في كل العهود حتى يدخله الإخوان وحلفاؤهم. لكن فعلا ثمة من له موقف ضد الهوية العربية الإسلامية لمصر. وهذه أقلية معزولة لا تستطيع أن تجاهر برأيها. من حقها أن يكون لها موقفها، لكن ليس من حقها أن تفرضه على الأكثرية. يوجد الكثير من المآخذ على مرسي وعلى الإعلان الدستوري، لكن في السياسة لا تقاس الأمور بالتفاصيل بل بالاتجاه العام؛ إلى أين تقاد البلاد. لو لم يصدر الإعلان الدستوري، ولو ألغاه، فلن يقبلوا بمرسي. والتحدي هو في الشارع. إن صمود مرسي في وجه شبكة تحالفات محلية وإقليمية من إيران إلى إسرائيل خارجيا، ومن الفلول إلى الصباحي محليا، يبدو صعبا، لكنه ممكن. والقيادات في المفاصل التاريخية هي من تغامر وتختار الصعب. وإلا على الرئيس أن يقول آسفين يا مبارك، ويزوره في السجن، ويتنازل له عن السلطة، استجابة لنداء "الثوار".