وأخيراً أعلنت انتخابات فلسطين بعد 15 سنة من انتخابات 2006 وبعد 25 سنة من أول انتخابات فلسطينية وحراك فلسطيني متصاعد وصولاً إلي مايو 2021 وبذات كل فصيل وجهة مستقلة وعائلة.
نشأ جيل فلسطيني كامل في ظل الغياب الانتخابي هذا الجيل من الشباب لم يمارس حقه الديمقراطي فضلاً عن معاناة رسمت هذا الجيل بالأكثر معاناة في ظل حصار خانق ومعاناة اقتصادية وانفصام سياسي كنت قد تحدثت عن ذلك في مقالات عدة سابقة خصصت بها الشباب الفلسطيني.
يعاني الشباب من غياب عن الحضور العام رغم انتماء الكثير من شباب فلسطين للفصائل الفلسطينية، بالانتخابات اليوم تدق الخزان بأيدي الشباب لمزيد من التمثيل والحضور.
والتمثيل الشبابي ضعيف وطنياً وفصائلياً على شتى المستويات لأسباب كثيرة أجملها بالتالي:
التمثيل التراكمي للفصائل الفلسطينية وأنظمتها/
منها من تطور ومنها ما بقى جامداً ولكن بالعموم اعتمدت الفصائل ترتيب هيكل هرمي يضيف في الرأس وعملية الاجتباء تضيق بفئة قليقة غالباً الشباب لا يجدون لهم متسعاً فضلاً عن ثقافة الكبير ودوره واحترامه تجعل لا مكان للشباب في التمثيل الفصائلي على مستوى القيادة.
إثبات الذات/
حالة الرغبة في اثبات الذات لدى الشباب متواضعة ومتباينة وتكاد تكون حالات فردية فالقوى الفلسطينية مثلاً لا تغلق الباب أمام الشباب ولكنها في المقابل لا تجد شباباً لحوحاً في البحث عن الذات واثبات الحضور الشبابي فالقليل جداً من الشباب من يعلق الجرس ويدق الخزان ويسعى جاداً لتأكيد الحضور وأن لا يكون ذلك موسمياً أو على فترات متقطعة أو بدون عزم
البيئة الحاضنة للشباب/
المؤسسة الفلسطينية الرسمية لا تقدم للشباب بيئة حاضنة للكشف عن الطاقات والكوادر الشبابية والنخب القيادية الواعدة منهم وهذا يعطل ويؤخر اكتشاف الشباب أنفسهم والتقدم في مسيرة العطاء القيادي لذلك كان اجتهادنا من خلال إدارة وزارة الشباب اعتماد البرلمان الشبابي و إجراء انتخابات منتظمة وكذلك معهد الاعداد الشبابي والبحث عن الابداع الشبابي عبر جواز الشباب واعتماد المراكز الشبابية وصندوق دعم الشباب وغاية كل ذلك هو توفير حاضنة للشباب لتفريخ القيادة الشابة المساهمة في دورها في قيادة المشروع الفلسطيني للتحرير والنهضة
ثقافة النضوج المتأخرة/
ينضج الشاب متأخراً في البيئة العربية عموماً ومصطلح " صغير " يسود حتى لمن تجاوز سن الشباب حتى أصبحت سمة سائدة بالنضوج الشبابي المتأخر على الحقوق والواجبات وسبل العطاء ومسارات التقدم القيادي والنضج المتأخر يتنافى مع فقه الإسلام وسيرة النبي "صل الله عليه وسلم", الذي نصره الشباب وقدمهم مبكراً إلي مسارات القيادة والأمثلة على ذلك أكبر من الحصر.
الشباب في النضج المتأخر مجتمعي وفصائلي وعائلي وأحياناً كثيرة شخصي ولذلك دعوتنا للشباب أكتشف نفسك مبكراً وضع نفسك على المسار القيادي قبل مضي السنوات
الدور العائلي /
عائلة كل انسان هي بيئته الأولى في صناعته إيجابياً أو سلبياً, والشباب نتاج هذه العوائل الكريمة, والدور للعائلة سلبي للأسف في عدم الدفع بالأبناء إلي مسار الاهتمام العام والسلوك القيادي المؤثر وايثار السلامة الشخصية والحياة جنب الحيط والباب إلي يأتي منه الريح سده واستريح تربية تساهم في اضعاف دور الشباب في الحضور القيادي الفلسطيني و من هنا يتباين حضور العائلات وابناءها الشباب في العمل القيادي بما ينسجم مع السلوك التربوي لهذه العائلات لذلك عدد من العائلات كانت قيادية بطبعا ونشأ من هنا أبناء حافظوا على سمعة العائلة القيادية
ضعف الاهتمام الوطني والعزوف السياسي/
تناقص الاهتمام كثيراً بالقضية الوطنية لدى الشباب الفلسطيني منذ تأسست السلطة الفلسطينية وتحول مشروع التحرير والمقاومة إلي كيانية ذاتية فيها مغنماً يتسابق إليه من يمثلون للشباب قدوة فتأكل المشروع الوطني إلي سلطة ورواتب وبطاقة vip . مقابل ذلك وبشكل درامتيكي الاهتمام الشبابي بفلسطين كقضية وطنية ومشروع تحرر ومشهد ذلك العزوف السياسي للشباب والانكفاء بعيداً عن الفصائل.
ربع قرن بين تأسيس السلطة وانتخابات 2021 ( لو جرت) تركت فجوة زمنية طويلة بين الشباب الذين هرموا في انتظار على قارعة الوطن الذي يخوض ممثليه الاشتباك تفاوضي على السجاد الأحمر وفي فنادق العالم مما فاقم أزمة الغياب الوطني للشباب ,
إن إعادة الاعتبار لجوهر القضية الفلسطينية كقضية تحرر وطني والتدافع نحو خدمة فلسطين على أساس التضحية والمغرم وليس المغنم تعيد الدور الشبابي هذه القضية وستجد شباب فلسطين في ساحات وميادين وأزقة وشوارع الضفة وغزة كما كانوا في انتفاضة الحجارة.
الضعف الاقتصادي وأولويات الشباب/
خلال السنوات الـ 20 الماضية تفاقمت الحالة الاقتصادية الفلسطينية وتفاقمت أزمة البطالة نتيجة الحصار والملاحقة لتفاصيل الحياة اليومية للفلسطينيين.
وأكثر الفئات تضرراً نتيجة ضعف الاقتصاد كان الشباب والخريجيين على وجه الخصوص والذين تقدمت أعمارهم دون أن يلتحقوا بفرص عمل حقيقية يمكن أن تساهم في رسم مسار حياتهم المستقبلي.
تأثير ذلك كبير كان على أولويات الشباب واهتمامهم وبدا أن الحصول على فرصة عمل مهما كان دخلها فضلاً عن الحياة الاجتماعية واستحقاقها الأولوية القصوى لدى الشباب مما ساهم في ابعادهم عن المشهد السياسي والوطني بالتالي اضعف حضورهم القيادي في الفصائل الفلسطينية وبالتالي أضعف تمثيلهم وطنياً ومجتمعياً
إن المعالجات الاقتصادية الخلاقة القائمة على تجاوز الحصار وفتح آفاق عمل متزايدة أمام الشباب يعالج حالة ترتيب الأولويات عبر تغطية المجال الاقتصادي والاجتماعي مما يساهم في حالة استقرار شبابي تدفع لمزيد من الاهتمام بالشأن الوطني العام الفلسطيني.
صراع أم تكامل أجيال:
يعاني الشباب الفلسطيني في ظل تكلس عدد كبير من الفصائل الفلسطينية وكذلك تجمد الحياة السياسية في السلطة الفلسطينية إلي أن أجيال كاملة هرمت وهي متمسكة بمواقعها القيادية وكان آخرها تعيين رئيس المحكمة الدستورية بعمر 85عام,
خلقت هذه الفجوة الزمنية الضخمة بين الأجيال الكبيرة والشباب غربة شبابية وشعور بحالة صراع مع الأجيال السابقة والأجيال الهرمة الفلسطينية نادراً ما مدت يدها للشباب لصناعة ثقافة جديدة عنوانها تكامل الأجيال بدلاً عن صراع الأجيال.
إن التكامل القيادي سلوك الكبار والذي على القيادة التي توصف تاريخية للفصائل أن تمارسه وذلك بمد الجسور مع القيادة الشابة ومنحها الفرصة وترك المجال لها لتأخذ دورها في العطاء واستكمال الطريق نحو قيادة المشروع الوطني.
وفهم الشباب لا ينظر الشباب إلي قيادة الفصائل والسلطة نظرة عداء وانفصام وانما نظرة تكامل ومواصلة
الانقسام الفلسطيني/
مثلت مرحلة الانقسام الفلسطيني بين الضفة الغربية وغزة منذ 2007 بيئة جديدة للشباب الفلسطيني عنوانها حالة الانكفاء والتقوقع فضلاً عن حالة الصراع بين المشاريع في ريادة المشهد الفلسطيني مما أثر في حالة شبابية فلسطينية غير راغبة أن تكون جزء من هذا المشهد الأليم,
فضلاً عن اهتزاز الصورة والتي رآها جيل كامل في صراع دافئ بين أبناء الشعب الواحد مما أوجد حالة نفسية لافضة للآخر وبديلاً عن الحوار والاختلاف الحضاري الشباب انقلبوا وفق هذا المشهد الانقسامي إلي أحد حالين إعتزال وردة نفسية سلبية أو الدخول في هذا الصراع وما يترتب على ذلك من نتائج مدمرة لعلاقة الأجيال القادمة.
أن معالجة آثار الانقسام على الشباب الفلسطيني جزء من المساهمة الوازنة في إعادة الاعتبار للشباب ودورهم في العمل العام ودورهم بشكل خاص في القضية الوطنية وأن يكونوا جزء أصيل من مشروع التحرير لفلسطين والبناء والنهضة
النظام والقانون:
القانون الفلسطيني وأنظمة ولوائح الفصائل الفلسطينية لم تعالج حالة التدافع الشابي للدور والعطاء حيث عمر المرشح للانتخابات التشريعية 28 عاماً ومثل هذا انجازاً متأخراً وغير كاف لذلك مهم خفض سن التمثيل والقدرة على الترشح ليكون حاضراً عنصر الشباب.
وأيضاً لم يفرض القانون والنظام كوته للشباب كما كان مع المرأة ومثل ذلك ترك مساحة للقوى اختيارية للتمثيل الشبابي مما أضعف حالة التمثيل والحضور الشبابي في المشهد الانتخابي الفلسطيني.
وكان من المهم تغطية هذا العجز في النظام عبر إرادة من الفصائل بمنح كوته للشباب لضمان تمثيلهم وللأسف هذا لم يتم.
و فاقم هذه المشكلة تباعد الفترات الزمنية للانتخابات مما افقد أجيال كاملة القدرة على التمثيل.
إن المعالجات الهامة لضمان تمثيل أكبر للشباب وذلك بتعديل القانون والنظام وحرص أكبر من الفصائل على ضمان تمثيل أكبر لكوته الشباب مع الالتزام بدورية الانتخابات وتداول سلمي للسلطة.
التمثيل الشبابي في الانتخابات الفلسطينية ضمان لمعالجة الواقع الفلسطيني وتحقيقاً لتمثيل فئة مهمة وبناء لمنظومة تكامل بين الأجيال الفلسطينية ويحتاج ذلك إلي طرح لهذا الموضوع الهام في أروقة أصحاب القرار وبناء إهتمام خاص به
على أن يكون عرض هذا الأمر مهنياً وعلمياً بشكل متجرد وحرص على تحقيق الشراكة الفلسطينية المنشودة مع الشباب على قاعدة أنهم المستقبل وبناء القيادي الشاب الفلسطيني رسالة تحمل الديمومة لمشعل التحرير والذي يحتاج أجيال حيث أن الصراع مع الاحتلال ممتد وهو صراع أجيال إن استطعنا كسب الجيل الشبابي ودمجه نستطيع استكمال عدة التحرير والنهضة حتى العودة ودحر الاحتلال وهزيمته.