استعرض المدير العام لمركز "رؤية" للتنمية السياسية أحمد عطاونة 5 تحديات تواجه الانتخابات الفلسطينية، التي قال إنها "أصبحت أكثر جدية، وفرصة عقدها كبيرة".
واعتبر عطاونة، في مقالٍ له تابعته الأربعاء، أن التحدي الأول يكمن في موقف الولايات المتحدة "التي قد تلجأ إلى عرقلة الانتخابات الفلسطينية إذا ما شعرت أنها ستوفر فرصة لفوز حركة حماس أو حصولها على نسبة تؤهلها للعب دور فعال في المؤسسة السياسية الفلسطينية".
وقال إن هذا الاعتقاد يستند إلى أن الإدارة الامريكية وبعض القوى الدولية لا ترغب في إنهاء الانقسام الفلسطيني ابتداء، ولا في إعطاء حماس وحركات المقاومة الأخرى فرصة لتجديد شرعيتها وللاندماج في المؤسسة السياسية الفلسطينية.
وذكر أن الولايات المتحدة منحازة وداعمة بشكل دائم للاحتلال ومصالحه، ولا ترغب في وجود قيادة أو مؤسسة فلسطينية موحدة وقوية.
كما اعتبر عطاونة أن التحدي الثاني يكمن في موقف بعض القوى الإقليمية، وقال إنه "رغم المواقف المعلنة المؤيدة لخطوات المصالحة ومساعي إنهاء الانقسام الفلسطيني، إلا أن عددا من دول الإقليم ولاعتبارات مختلفة لا ترغب في إعادة ترتيب البيت الفلسطيني وإجراء الانتخابات".
وأوضح أن بعض هذه الدول لا يرغب في إعادة إشراك حماس "كحركة إسلام سياسي" في النظام السياسي الفلسطيني.
وأضاف: "هذه الدول تخوض حربًا علنية شرسة أنفقت عليها مليارات الدولارات؛ بهدف إقصاء الإسلاميين والحيلولة بينهم وبين المشاركة في النظم السياسية. بل إنها تذهب أبعد من ذلك ولا ترغب حتى في قيادة السلطة الحالية، وتسعى إلى توفير بيئة مناسبة لفرض بعض الجماعات الفلسطينية الموالية لها على المشهد السياسي".
وأشار إلى دول أخرى تشكل قوى المقاومة وبالذات حماس تحديًا لها "كونها لا زالت تتبنى المقاومة وترفض التطبيع وتعارض التسوية السياسية مع الاحتلال، وبالتالي فهي تشكل تحديا لسياسة هذه الدول تجاه القضية الفلسطينية".
وذكر عطاونة إن استمرار الانقسام الفلسطيني يعفي بعض الدول العربية من واجبها تجاه القضية الفلسطينية، ويستخدم كذريعة للتقصير المستمر تجاه ما اعتبر تاريخيا قضية العرب الأولى.
ويبرز الاحتلال الإسرائيلي تحدّيا ثالثًا أمام الانتخابات، وفق عطاونة، قائلا: "مما لا شك فيه أن استمرار الانقسام الفلسطيني مصلحة إسرائيلية، وأن الاحتلال معني ويبذل جهودا، بعضها لا تخفى على أحد، لاستمراره والحيلولة دون إنهائه".
وأضاف أن الانقسام وفر للاحتلال الفرص للاستفراد بقطاع غزة تارة وبالضفة الغربية دائما، كما أنه وبحكم سيطرته على الأرض ابتداء وبما له من قدرة للتأثير على جهات فلسطينية عدة عبر أدواته المتنوعة؛ قادر على التدخل السلبي في أي وقت.
واعتبر أن تدخله يشكل تهديدا حقيقيا لأي مسار جاد للخروج من الانقسام، "وعليه فالانتخابات القادمة مهددة بشكل جدي من الاحتلال وأدواته".
أما التحدّي الرابع، فهو قوى "الشد العكسي الفلسطيني"، وفق عطاونة الذي إنها "متنوعة ومتعددة، ومنها جماعات المصالح وبعض النخب الاقتصادية والسياسية وتيارات داخل بعض الفصائل؛ ممن وفر لهم الانقسام البيئة المناسبة للازدهار وزيادة الحضور والتأثير، وهو تأثير ما كان له أن يكون لو أن الحالة الوطنية صحية والمؤسسة السياسية موحدة".
ورأى عطاونة أن الأوضاع الداخلية لحركة فتح وقدرتها على ترتيب أوضاعها الداخلية، التحدّي الخامس الذي يواجه الانتخابات.
وقال بشأنه: "تعاني فتح من أوضاع داخلية صعبة ناتجة عن خلافات قديمة جديدة مرتبطة بالسلطة والنفوذ والهوية، ويدور الحديث هذه الأيام عن ثلاثة تيارات أساسية قد تتحول الى ثلاث كتل انتخابية: تيار دحلان، وتيار مروان البرغوثي، والتيار الرئيس الممثل باللجنة المركزية للحركة".
وأضاف: "رغم إمكانية نجاح فتح في توحيد صفوفها وتشكيل قائمة انتخابية واحدة (باستثناء تيار دحلان)، إلا أن ما يقال حول إصرار البرغوثي على الترشح للرئاسة، واحتمال فشل الحركة في تشكيل قائمة موحدة قد يكون سببا رئيسيا في تعطيل المسار وعدم إجراء الانتخابات".
واعتبر عطاونة أن استحضار هذه التحديات يعزز القناعة بأن أي اختراق في الموقف الوطني الجامد يشكل إنجازا لابد من الحفاظ عليه وتشجيعه وإسناده، وبذل كل جهد يساهم في استمراره ونجاحه.
وأكد أن الانتخابات تشكل فرصة لإعادة تأهيل وتجديد وبث الحياة في الطبقة السياسية الفلسطينية وفي عروق الحياة المدنية والإدارية، مشيرًا إلى أنها ستوفر الفرصة لمئات القيادات والكوادر السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأكاديمية لتشارك في العملية، ولتجبر الجميع على تقديم أفضل ما لديهم للشعب الفلسطيني.
ووفقًا للكاتب، فإن الانتخابات تعني عودة الحياة للعمل البرلماني والتشريعي، وإعادة الاعتبار للسلطة التشريعية التي تم الإجهاز عليها بالكامل خلال فترة الانقسام.
وذكر عطاونة أن الانتخابات وبغض النظر عن الفائز فيها، ونظرا لأنها ستجرى وفقا للتمثيل النسبي الكامل، فإنها ستجبر الجميع على العمل المشترك وبناء التحالفات بين الفصائل لتشكيل الحكومة ولضمان عمل المنظومة السياسية.