قال مركز أبحاث إسرائيلي إن "العقود السبعة الأخيرة من عمر دولة إسرائيل، شهدت إبرام عدد من صفقات تبادل الأسرى مع دول عربية مثل مصر وسوريا والأردن ولبنان، وبموجبها أطلقت إسرائيل في إطارها سراح آلاف الأسرى الفلسطينيين والعرب الذين تم أسرهم في سجونها على مر السنين، خاصة في الحروب المختلفة".
وأضاف المعهد الدولي لسياسة مكافحة الإرهاب (ICT) أن "ذلك يعود لحقيقة أنه خلال الحروب العربية الإسرائيلية أسرت إسرائيل عددا أكبر بكثير من الأسرى من جنود الجيش الذين تم أسرهم، لذلك أطلقت في هذه الصفقات أكثر بكثير مما حصلت عليه من أسراها لدى الفلسطينيين والعرب".
واستعرض المركز "أهم هذه الصفقات التي حصلت في يناير 1970، حين قامت حركة فتح باختطاف حارس ليلي إسرائيلي أثناء قيامه بجولة في مستوطنة المطلة في المنطقة الشمالية، وفي اليوم التالي للاختطاف، شن الجيش الإسرائيلي عملية انتقامية في لبنان، وأسر فيها تسعة جنود لبنانيين و12 مدنيا، وصادر العديد من الأسلحة، بل ونسف محطة رادار لبنانية".
وأوضح أنه "في المفاوضات التي بدأت مع فتح، كانت مطالبها في البداية غير معقولة، ووصلت حد المطالبة بالإفراج عن 100 أسير فلسطيني، وبعد 14 شهرًا من الاختطاف، حصلت صفقة تبادل أسرى حصلت فيها فتح على معتقل واحد فقط مقابل الإسرائيلي المختطف، علما بأنه في تلك الأيام كان أحد الأهداف الرئيسية لفتح اعتراف إسرائيل بها".
وأكد أنه "بعد 35 عاما في 25 حزيران/ يونيو 2006، اختطف الجناح المسلح لحركة حماس الجندي غلعاد شاليط من منطقة كرم أبو سالم جنوب قطاع غزة، وعقب عملية الاختطاف، شن الجيش الإسرائيلي عملية "أمطار الصيف" داخل قطاع غزة، استمرت بشكل متقطع لمدة خمسة أشهر، قُتل خلالها قرابة الأربعمائة فلسطيني، وشن الجيش الإسرائيلي عمليات اعتقال واسعة النطاق لعشرات من نشطاء حماس في الضفة الغربية".
وأشار إلى أن "مفاوضات صفقة تبادل الأسرى بدأت باقتراح حماس إطلاق سراح شاليط مقابل تحرير ألف أسير فلسطيني، لكن إسرائيل رفضت العرض بزعم أنها لا تجري مفاوضات أو صفقات مع المنظمات المعادية، والنتيجة أن شاليط بقي أسيرا لدى حماس لأكثر من خمس سنوات، وفي النهاية أُطلق سراحه في نهاية المطاف في 18 تشرين الأول (أكتوبر) 2011 مقابل 1046 أسيرا فلسطينيا، العديد منهم شاركوا بقتل إسرائيليين".
وأكد أنه "بعد إتمام صفقة تبادل الأسرى لاستعادة شاليط، بدأ الحديث في إسرائيل عن معايير جديدة للتعامل مع قضية الأسرى والمفقودين، وقدمت اللجان المختصة استنتاجاتها، ومنذ ذلك الحين لم يكن هناك نقاش واحد في الحكومة حول استنتاجات اللجنة وتوصياتها، فقد ظلت محاصرة في أدراج المؤسسة الأمنية والعسكرية تحضيرا لإبرام صفقات إضافية مع مختلف التنظيمات المسلحة".
وأضاف أن "العمل الإسرائيلي بات منصباً على سلوك إسرائيل تجاه التنظيمات المسلحة فقط، رغم أنه قبل صفقات تبادل الأسرى التي أبرمتها الدولة مع تلك التنظيمات، فقد تم عقد صفقات تبادل الأسرى مع الدول العربية خلال كل الحروب، وحتى فيما بينها، ويجب الافتراض أن سلوك تلك التنظيمات يرتكز على البرنامج المريح للغاية الذي وضعته الدول العربية لها في مختلف الصفقات مع إسرائيل".
وختم بالقول إن "الوضع الحالي الذي وصلت إليه إسرائيل لإبرام صفقات تبادل الأسرى مع المنظمات المسلحة بات مثيرا للجدل إلى حد كبير، بين الجمهور الإسرائيلي وبين قيادته السياسية وكبار مسؤوليه الأمنيين، وهذا الجدل متوتر للغاية بين القيم الوطنية لإعادة الأسرى، أو جلب الجثث للدفن في إسرائيل، وتآكل القدرة التفاوضية للدولة من صفقة إلى صفقة، وربما أسوأ من ذلك، ما يؤدي لتآكل مكانة إسرائيل الأمنية الاستراتيجية، ووضعها في الساحة الدولية".