مرّ عيد العمال في هذا العام دون أن يشعر به أحد. بعض المهتمين به من الاتجاهات اليسارية التي تقوم بزعمها على العمال نبهت له من خلال وسائل الاتصال الاجتماعي تنبيها متواضعا. لا احتفالات جماهيرية لهذا العيد السنوي، ولا تغطية إخبارية تناسب الحدث، ولا لقاءات حوارية داخل فلسطين حول العمال وعيدهم.
العمال باتوا هم الطبقة الأفقر في المجتمع الفلسطيني، وبالذات المجتمع الغزي. هم الطبقة الأكثر جلوسا في البيت لأنه لا أعمال في غزة. جل المصانع متوقفة بسبب الحصار، وبسبب نقص المواد الخام، وشح الكهرباء، وقلة التسويق، والحالة التجارية تعاني كسادًا أو شبه كساد، لغياب السيولة في السوق، فالموظف يتلقى نصف راتب، والعمال بلا رواتب، وأستاذ الجامعة يعيش بنصف بطن، والعقارات التي استأثرت بجل سيولة الأموال راكدة لا تكاد تجد من يسكنها لأن الشباب لا يملكون أجرة بيت الزواج.
من نتائج هذه الحالة الاقتصادية السيئة تزايد عدد العاطلين عن العمل، وتناقص دخل الأسر وذهابها إلى الاقتصاد في المصاريف الشهرية، واستنزاف المدخرات، وعجز قطاع عريض من الشباب عن الزواج، وارتفاع سن الزواج للثلاثين، وتزايدت حالات الطلاق بين الأزواج الشابة بسبب السكنة المشتركة في بيت العائلة.
وثمة خطر آخر على مستوى التعليم يتمثل في حالات التسرب من التعليم العام، والعزوف عن التعليم الجامعي، أو التسرب منه لعجز في القدرة عن دفع الأقساط الدراسية، والمؤسف أن آلاف الشهادات الجامعية تقبع على رفوف الجامعات لعدم قدرة الخريج على تحرير شهادته. وإذا أعلن ديوان الموظفين وظيفة تسابق إليها آلاف الخريجين، الذين يعود جلهم بإحباط بعد معرفة العدد المحدود من الوظائف.
الحديث في قضايا العمال حديث يطول ويطول، والإحصاءات المرعبة تغني عن كل قول، والواقع المعيشي أبلغ مما يقال، وأبلغ من الإحصاءات، ولكن مرّ هذا اليوم وهذا العيد دون تذكر ودون معالجة لبعض قضاياهم الممكنة. الحصار وضعف الاهتمام بالعمال مرضان مضنيان، فهل تسعف مجتمعنا يد قادرة على المعالجة؟ نتمنى ذلك.