طالب مؤتمرون مختصون في غزة يوم الأربعاء بالإسراع في عملية إعادة الإعمار، داعين لضرورة رفع الحصار الإسرائيلي المفروض عن غزة بشكل كلي.
جاء ذلك خلال مؤتمر نظّمه المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان تناول الأوضاع الإنسانية في غزة بعد العدوان الإسرائيلي على غزة، بحضور مختصين رسميين وممثلين عن مراكز حقوقية.
وقال مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان راجي الصوراني إن "العدوان الأخير على غزة هو حرب عار مارسها الاحتلال بحق المدنيين العزل والأبراج والشقق السكنية والبنى التحتية واستهداف المختبر الوحيد لوزارة الصحة".
وأوضح الصوراني أن الاحتلال تعمّد في عدوانه رغم الامكانيات والقوى التي يمتلكها، استهداف المدنيين رغم القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وميثاق روما واتفاقيات جنيف التي تحرّم استهداف المدنيين.
من جهته، أوضح مدير عام وزارة الصحة مدحت عباس أن الاحتلال تعمّد استهداف العيادات والمراكز الصحية وكذلك طواقم الإسعاف مثل عيادة الشوا والدرج وعيادة الرمال.
وذكر عباس أن الاحتلال استهدف 25 مركزًا صحيًّا، مضيفًا: "للأسف تتكرر هذه الجرائم دون أي رادع للاحتلال".
وشدد على ضرورة محاسبة قادة الاحتلال على جرائمهم السابقة وجرائمهم التي لا يزالوا يرتكبونها.
وأضاف عباس: "لا يوجد مكان آمن للطواقم الطبية لتقديم خدمتها.. نتمنى تحييد كافة المؤسسات الصحية وطواقمها وألاّ تستهدف بعد ذلك".
وأشار إلى أن وزارته أطلقت نداء استغاثة بقيمة 46.5 مليون دولار؛ لكن ما وصل حتى الآن 1.5 دولار من أصل 7 مليون دولار وعدت بتقديمها جهات مانحة.
وشدد على أهمية توثيق جرائم الاحتلال كي لا يخسر شعبنا قضاياه ضد الاحتلال، داعيًا في ذات الوقت للعمل على توفير الحماية للطواقم الطبية.
من ناحيته، أكد رئيس بلدية غزة يحيى السراج أن العدوان الإسرائيلي الأخير عمّق الأزمة الكبيرة التي تعاني منها بلديات قطاع غزة جراء الحصار وتفشي وباء كورونا.
وبيّن السراج أن الاحتلال استهدف بشكل مباشر وممنهج البنى التحتية والشوارع الرئيسة، مضيفًا: "الاستهداف كان من قذائف غريبة وضخمة تحدث حفرًا تزيد عن 5 أمتار، وفي بعض مناطق زادت عن 10 أمتار".
وقال: "هذه القذائف أحدثت اهتزازًا كبيرًا في التربة؛ ما تسبب بتخريب البنى التحتية وخطوط المياه المستهدفة والمحيطة لها أيضًا من عدة اتجاهات يصعب كشفها بسهولة".
وذكر السراج أن القصف طال خطوط الصرف الصحي التي بدأت تحدث كارثة بيئية وإخراج مضخات الصرف الصحي عن الخدمة، مؤكدًا أنه لم يتوفر غطاء أو تنسيق لأي عامل لإصلاحها أو الأضرار أثناء العدوان.
وأشار إلى أن الحصار الإسرائيلي على غزة تسبب بأسطول من مركبات متهالك يزيد عمرها عن 30 عامًا، وباتت عبئ على البلديات ومصاريف تشغيلها كبيرة لأنها متهالكة، داعيًا لتحديث عاجل وسريع لهذا الأسطول.
وبيّن السراج أن عدة جهات مانحة تواصلت مع البلديات في غزة، وطالبت بتوفير بيانات وإحصاءات عن الأضرار وتعاوننا مع الجميع، لكن حتى اللحظة لا يوجد أي خطوة عملية.
وقال: "لا نريد تسييس إعادة الإعمار؛ ونطالب وبقوة أن تبدأ عملية الإعمار فورًا وسريعًا لإنقاذ ما يمكن انقاذه في غزة".
بدوره، أوضح مدير عام مصلحة مياه بلديات الساحل منذر شبلاق أن "الحروب السابقة كانت ذريعة لاستهداف مرافقنا بزعم أنه بجانبها أنشطة عسكرية ولا بد الرد عليها".
وأوضح شبلاق أنه بعد عدوان عام 2014 ميزت مصلحة بلديات الساحل بالتعاون مع الجهات الدولية وخاصة الصليب الأحمر مرافقنا تجنبًا لاستهدافها.
وبحسب مصلحة بلديات الساحل فإنه تم استهداف غالبية مرافقها خلال العدوان الإسرائيلي عام 2014 ووصلت الأضرار لأكثر من 35 مليون دولار.
ونبه شبلاق أنه لا يكفي إعداد ملفات لمحاكمة قادة على الاحتلال؛ لكن يجب أن يشار باليد لمؤسسات الأمم المتحدة لصمتها المريب على تلك الجرائم.
من جهتها، أكدت مدير عام سلطة الطاقة هالة الزبدة أن أكثر من نصف مصادر الكهرباء فقدت جراء العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، موضحةً أن الاحتلال تعمد استهداف مصادر الطاقة.
وقالت الزبدة إن شبكات شركة الكهرباء تعرّضت لقصف مباشر، مشيرةً إلى أن الشركة استعانت بالمواد المخزنية-المعدة للمشاريع-لاستخدامها ووصل شبكات الكهرباء.
ولفتت إلى أن خسائر شبكات الكهرباء منذ بداية العدوان قدّرت بـ 3 مليون شيكل، ومع نهاية العدوان وصلت إلى 15 مليون شيكل.
وأضافت الزبدة: "بعد انتهاء العدوان وصلنا إلى جدول 4 ساعات، لكن مع بعد شبك الخطوط تحسنت الكهرباء؛ وحتى اللحظة نعاني من رفض الاحتلال دخول المنحة القطرية التي توفر وقود لتشغيل المحطة".
وأوصت بتوفير رصيد احتياطي من الوقود لمحطة توليد الكهرباء حال وقع أي تصعيد إسرائيلي على غزة، لتلافي الوقوع في أزمة الكهرباء.
بدوره، قال مسؤول ملف إعادة الإعمار بوزارة الأشغال العامة والإسكان محمد عبود إن وزارته حرصت بشكل عاجل على صرف الاغاثات للمتضررين، تم صرف مساعدة كريمة من اللجنة القطرية لـ500 أسرة.
وأوضح عبود أن الاحصائية الأولية للأضرار وصلت إلى 350 مليون دولار، 150 مليون جراء العدوان الاخير و200 مليون من الاعتداءات الإسرائيلية السابقة على غزة.
وبحسب وزارة الأشغال فإن العدوان تسبب بتشريد نحو3000 أسرة جراء دمار وحداتها السكنية بين كلي وجزئي غير صالح، فيما وصل أعداد الوحدات السكنية المتضررة بشكل متوسط إلى طفيف 17 ألف وحدة سكنية.
وأشار عبود إلى أنه جرى عقد اتفاق بين وزارة الأشغال مع الـUNDB لتعويض كل متضرر هدمت وحدته السكنية بشكل كامل، إذ سيتسلم مبلغ 2000 دولار قبل ازالة الانقاض.
وعلى صعيد التدخل المصري، أكد أن مصر أعلنت عن تمويل بقيمة 500 مليون دولار للمساعدة في إعادة إعمار غزة، "ونحن رحبنا بذلك، ونرحب بكل جهد يحاول أن يساعد شعبنا".
وذكر عبود أن التدخل المصري هو تدخل أولي دون ترتيب أو مناقصات أو التزامات أو تعهدات واضحة، هم يتدخلوا كإسناد ودعم لنا.
ولفت إلى أنه سيعقد عدة جلسات ولقاءات وحوارات في مصر على مدار الساعة، وهناك طاقم فني غزة-من كافة جهات الاختصاص- غادر لتنسيق وترتيب إعادة إعمار غزة.
وأكد جهوزية وزارته لإعادة إعمار قطاع غزة خلال عام حال توفرت أموال الإعمار.
واستعرض مفوض وزارة التنمية الاجتماعية لؤي المدهون جهود وزارته بحصر الأضرار الناتجة عن العدوان، مؤكدًا أن 1800 سكنية تضررت بشكل كلي و16800 وحدة بشكل جزئي.
وقال المدهون إن طائرات الاحتلال تسبب بدمار 5 أبراج سكنية بشكل كامل، بالإضافة إلى تضرر 74 منشأة غير سكنية تضررت بشكل كلي.
وأوضح أن 66 مدرسة حكومية تعرضت للقصف بشكل مباشر، إضافة إلى دمار 3 مساجد بشكل كلي.
وأكد أن قطاع غزة بحاجة لإعادة إعمار بشكل شامل، لافتًا إلى أن وزارته شرعت بإعداد خطة "نداء استغاثة" لحشد التمويل اللازم لإعمار غزة.
بدوره، قال المتحدث باسم وزارة الاقتصاد عبد الفتاح أبو موسى إن وزارته بدأت بحصر الأضرار عبر تشكيل 9 فرق ميدانية مختصة لمتابعة المنشآت الاقتصادية المتضررة، مشيرًا إلى أن الحصر الكامل سينتهي خلال أسبوع.
وأوضح أبو موسى أن منهجية حصر الأضرار تغيّرت، إذ لم يعد الحصر قاصرًا على تضرر المنشآت الاقتصادية فحسب؛ بل امتد الحصر لأضرار العمال.
وأكد أن حصر الأضرار لم يشمل فقط من تضرروا في العدوان الأخير؛ بل جميع الاعتداءات الإسرائيلية، حيث سيتم تعويضهم جميعًا، مبينًا أن جميع أضرارهم موثّقة لدينا في وزارة الاقتصاد.
من ناحيته، أوضح مدير عام التخطيط بوزارة التربية والتعليم رشيد أبو جحجوح أن قطاع التعليم أصيب بشكل كبير جراء العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة.
وبيّن أبو جحجوح أن إجمالي عدد مقار الوزارة التي استهدفت خلال العدوان بلغ 299 مبنى حكومي، فيما عدد المدارس التي قصفت وصلت إلى 422 مدرسة منها 57% تعمل بنظام فترتين.
وأشار إلى أن عدد الشهداء الطلبة الذين ارتقوا خلال العدوان بلغ 22 شهيدًا منهم 11 ذكورً ومثلهم إناث، فيما بلغ عدد الطلبة المتضررين والتي هدمت منازلهم 165 طالب.
وذكر أن برامج التشغيل المؤقت توقفت بسبب العدوان، حيث توقف البرنامج عن 150 خريج، بالإضافة إلى أن الاختبارات التجريبية لطلبة الثانوية العامة توقّفت أيضًا.
وبيّن أبو جحجوح أن 14 مبنى أصيب بشكل بليغ، ليتضرر نتيجة ذلك 14 ألف طالب، مشيرًا إلى أن تأخر عملية الإعمار سيؤثر ذلك على زيادة الكثافة الطلابية في الصفوف الدراسية، إذ من الممكن أن يصل الصف الواحد لـ 55 طالبًا.
ودعا للضرورة في الإسراع بعملية الإعمار في غزة ولاسيّما المؤسسات التعليمية، ومعالجة الآثار النفسية الناجمة عن ذلك للطلبة.